عادل السنهورى

إسرائيل و"الخسارة الاستراتيجية " فى غزة

الإثنين، 25 ديسمبر 2023 10:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد 78 يوما من العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة بدأت الأصوات داخل وخارج إسرائيل تطالب بوقف هذه الحرب غير الشريفة وانسحاب القوات الإسرائيلية بعد الفشل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية المعلنة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، وتزامنا مع نزيف الخسائر العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي وخاصة قوات النخبة في لواء "جولاني" التي تعتبره تل أبيب " فخر العسكرية الإسرائيلية"، ومع استمرار الخسائر الجسيمة التي يتلقاها الاقتصاد الصهيوني.
 
في الداخل اعترف قادة عسكريون سابقون بأنه بات من الواضح استحالة القضاء على البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية وخاصة "حماس" واستبسال هذه المقاومة في الحاق جيش الاحتلال خسائر فادحة في قواته الىدرجة اعتراف قائد عسكري اسرائيلي سابق بخسارة لواء جولاني ربع قواته من النخبة القادرة- افتراضيا- على المواجهة.
 
وسياسيا.. طالب مسئولون سابقون بإستقالة نيتنياهو واجراء انتخابات جديدة وهوما بدأ الشارع الإسرائيلي في المطالبة به مع إطالة أمد الحرب دون تحقيق الأهداف الكبرى التي أعلن عنها قادة الحرب في إسرائيل، فالأرقام غير المعلنة في الخسائر بالأفراد والمعدات والآليات مفزعة للشعب الاسرائيلي الذي ذاق لأول مرة في تاريخه مراراة النزوج والتهجير الاجباري الى الداخل الاسرائيلي من مناطق الشمال مع لبنان والجنوب مع قطاع غزة.
 
أسطورة وهيبة جيش الاحتلال الصهيوني اهتزت بل سقطت أمام المقاومة بالأرقام الموثقة والصور الحقيقيةـ فالتدمير وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء وهدم المساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس والجامعات ومحطات المياه والكهرباء ليس انتصارا بل جرائم حرب ستحاسب عليها إسرائيل وقادتها وجنودها يوما ما أمام محكمة العدل الدولية.
 
خارجيا.. شعوب العالم تنظر إلى "إسرائيل " بأنها "دولة منبوذة" تنتمي إلى عالم عاش فيه البشر بشريعة الغاب دون اعتبار  لأية معايير أخلاقية وانسانية، فالملايين في شوارع عواصم العالم تعكس رفضها لحرب الإبادة لجيش الاحتلال وتصدع المواقف السياسية الدولية  يؤكد الرفض لهذه الحرب العبثية الوحشية التي لا أخلاق ولامواثيق فيها.
الكتابات الأمريكية في الصحف الأمريكية الكبرى بدأت تتجرأ في انتقاد العدوان المدمر على غزة وتعتبره احدى جرائم الحرب وتطالب بموقف حاد وواضح من ادارة الرئيس الأميركي بايدن تجاه اسرائيل كما كتب منذ يومين توماس فريدمان -الكاتب الأمريكي المعروف في نيويورك تايمز- وقال "إن الوقت قد حان لكي تطلب أميركا من إسرائيل أن تنسحب بالكامل من غزة، مقابل الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين ووقف دائم لإطلاق النار تحت إشراف دولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلف الناتو والمراقبون العرب، دون أي تبادل للأسرى للفلسطينيين في السجون الإسرائيلية."
 
ويضيف فريدمان " أن الوقت قد أزف لكي تقدم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل أكثر من مجرد إشارات لطيفة حول الكيفية التي يمكن أن تخوض بها حرب غزة دون قتل الآلاف من المدنيين. وعلى واشنطن أيضا أن تتوقف عن إضاعة الوقت في البحث عن قرار الأمم المتحدة المثالي لوقف إطلاق النار بشأن غزة، وتخبر إسرائيل أن هدف حربها المتمثل في محو حركة (حماس) من على وجه الأرض لن يتحقق، وأن تكلفة تحقيق هذا الهدف لن تستطيع أميركا ولا العالم تحملها."
 
الضغوط السياسية والعسكرية ليست فقط هي ما يجعل قادة الحرب في اسرائيل في حيرة وارتباك وإحباط وانما أيضا لا يمكن التغافل عن نزيف الخسائر الاقتصادية المستمرة، فحسب البيانات الاسرائيلية فاجمالي خسائر الاقتصاد تقدر بمايقرب من200 مليار شيكل اي حوالي 51 مليار دولار. وتكلفة الحرب تعادل 10% من اجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي. 
 
وتقدر تكلفة الخسائر في الايرادات ما بين 12 الى 15 مليار دولار، إضافة الى تعويضات الشركات التي توقفت أعمالها،كما تراجعت السياحة بنسبة 67%. 
البيانات تؤكد أن استمرار الحرب يرفع حجم الاقتراض الاجمالي لاسرائيل الى أكثرمن12 مليار دولار نهاية العام الجاري.
 
المسألة لا تقتصر فقط على تقديرات الخسائر الاقتصادية الاجمالية وانما هناك قضية حطيرة آخرى تواجه اسرائيل وهي الأزمة الحادة في نقص الانتاج الغذائي بسبب الهجرة التي حدثت من المستوطنين " خارج  او داخل الاراضي المحتلة ، فقد هرب " المستوطنون من منطقة غلاف غزة وما يعنيه ذلك من خسائر فادحة في الانتاج الزراعي، فمنطقة غلاف غزة تنتج حوالي  75% من الخضروات و25 % من الفاكهة التي تنتجها إسرائيل
وحوالي 10% من إنتاج الالبان ولم يستطع الكيان تعويض تلك الخسائر حتى الآن ..
 
وعلي حدود لبنان حيث منطقة الجليل والجولان و التي هرب منها اكثر من 75% من المستوطنين فيتم فيها زراعة آلاف الأفدنة من محاصيل العنب والمانجو والحمضيات.اضافة الى 4.5 مليون دجاجة تنتج حوالي 1.5 مليار بيضة. و في هذه المناطق تعتمد اسرائيل في الزراعة على حوالي 30 ألف تايلندي هاجر منهم بعد عملية "طوفان الأقصى" ما يقارب 19 الف عامل ،أي حوالي ثلثي العمالة الزراعية.
 
هي خسارة  استراتيجية لإسرائيل في عدوانها الهمجي ولن يشفع لها التدمير والقتل للأبرياء ومحاولات التهجير القسري..
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة