سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 ديسمبر 1952.. الموسيقار العملاق رياض السنباطى يعترف: «أنا غير مثقف وتركت المدرسة بعد أن تعلمت مجرد فك الخط وأنام وعودى إلى جوارى»

السبت، 23 ديسمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 ديسمبر 1952.. الموسيقار العملاق رياض السنباطى يعترف: «أنا غير مثقف وتركت المدرسة بعد أن تعلمت مجرد فك الخط وأنام وعودى إلى جوارى» رياض السنباطى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاش الموسيقار العملاق رياض السنباطى فى عزلة وراء جدران بيته، لا يستقبل معجبين ولا صحفيين إلا فيما ندر، يعطى كل وقته للموسيقى ولألحانه الخالدة، ومن المرات النادرة التى تحدث فيها إلى الصحافة، كان حواره قد أجراه فى فيلته بمصر الجديدة الكاتب الصحفى لطفى رضوان، ونشرته مجلة الكواكب، عدد 73، 23 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1952.
 
يكشف «السنباطى» فى هذا الحوار بعض أسرار مرحلة تكوينه الأولى، التى ساهمت فى تفضيله للعزلة بعد أن أصبح مشهورا، يقول: «لا أجيد التحدث إلى الصحفيين، لأننى بعيد عن الوسط الفنى بالقدر الذى يتطلبه عملى، وبعيد عن ميدان الصحافة لا ألتقى بها إلا على مائدة الإفطار صباح كل يوم، أما سبب ابتعادى هذا فأقولها صريحة إننى غير مثقف ثقافة مدرسية تؤهلنى لأن أجادل وأناقش، قليلون هم الذين يعترفون بالجهل، وأعتقد أن الاعتراف بالجهل هو أول الخطوات إلى العلم، لقد أمضيت سنة واحدة فى المدرسة المتواضعة بالمنصورة ثم هربت منها، بعد أن تعلمت مجرد فك الخط، هربت لأنى كنت أحلم بالعيش فى ظلال النغم وروائعه، وفى الجو الموسيقى الذى ولدت فيه، وكنت أقول لنفسى اختصر يا رياض الطريق، وابدأ حياتك مبكرا لئلا يفوتك القطار، ولن ينفعك العلم وقتها».
 
يؤكد «رياض» أنه لم يندم على ما فعله، فالمدرسة التى دخلها وجعلت منه رياض السنباطى هى مدرسة الحياة، ويوضح، أن هروبه من المدرسة وهو فى سن العاشرة، وسكوت والده كان بسبب مرض فى أعصابه، يذكر: «كنت إذا أمسكت بالورقة والقلم أحسست بدوار، وبضباب يلف عينى، وقال الطبيب لوالدى، إن وجودى فى المدرسة خطر على بصرى، وعلى حياتى كلها، وقلت لنفسى «بركة يا جامع»، واندمجت فى الوسط الذى يعيش فيه والدى، وكان مثلى الأعلى فى الموسيقى والطرب، ويتمتع بشهرة كبيرة فى فارسكور والمنصورة والبلاد المجاورة، وكانت مجالسه كلها مقصورة على الطرب والفن والأدب، وكان ضمن زائرينا الشيخ سيد درويش، والشيخ أبوالعلا محمد، وعبدالحى حلمى، وغيرهم من أساطين الغناء، وأحسست بميل شديد إلى تعلم العزف على العود، فتتلمذت على يد الشيخ شعبان، وكان عودا ماهرا ذائع الصيت، ليقولوا عنى بعد ثلاث سنوات: إننى عازف ماهر، وانضممت إلى تخت أبى».
 
يضيف «رياض»: «بلغت السادسة عشرة من عمرى، وحوشت ثلاثة جنيهات، فقررت الرحيل إلى القاهرة، إذ أحسست أن المنصورة لم تعد تتسع لآمالى بعد أن شهد أهلها بصلاحية صوتى للطرب وصلاحية ألحانى للغناء، وحزمت متاعى القليل وركبت أول عربة من عربات الدرجة الثالثة إلى القاهرة، وغادرت القطار إلى فندق المنصورة الكبرى، وكان يملكه رجل من بلدنا اسمه سيد راشد، وبدأت وعودى فى يدى البحث عن عمل، وفكرت فى أن التحق بمعهد الموسيقى، وما إن استمعوا إلى عزفى على العود حتى عينونى مدرسا للعود فى المعهد بستة جنيهات شهريا، ولكن هذه الجنيهات بدأت تتضاءل إزاء مطالب المدينة، وكان على أن أبحث عن مورد إضافى».
 
طرقت باب إحدى شركات الأسطوانات، واستمع مديرها الفنى إلى، ولما كانت نزعتى الأولى دينية أجدت تلحين أغانى الحجاج ومدح الرسول وسجلت أول أسطوانة  «امتى نعود لك يا نبى»، التى غناها أحمد عبدالقادر، ولقيت شهرة واسعة، وبدأت النقود تنهال عى بمعدل عشرة جنيهات عن كل أغنية، وتعاقدت معهم على 12 أسطوانة فى السنة، كانت تدر 120 جنيها، وعشت أتذوق فنا تتناقله الأفواه، وأتذوق الكنافة والقطايف، وأطايب الطعام والشراب بفضل ألحانى وشركة أوديون، وطلبوا تلحين فيلم «وداد» لأم كلثوم، فلحنت «على بلد المحبوب ودينى»، ولم تكن أم كلثوم هى التى تغنيها فى الفيلم، بل مطرب آخر، ولكنها ما إن أحست بالنجاح الشعبى الذى لقيته حتى عبأتها على أسطوانة بصوتها، وبدأت علاقتى بها».
 
وعن ثمن تلحينه للأغنية الواحدة «ديسمبر 1965»، ووقت تلحينها، يكشف: «أتقاضى ثلاثمائة جنيه عن كل أغنية للسينما، أما أغانى أم كلثوم مثل «ولد الهدى» و«جددت حبك ليه» فخمسمائة جنيه، ولا يعتبر الرقم كبيرا إذ إننى أتنازل عن حق التسجيل والأداء العلنى فى الحياة وبعد الممات»، وعن الوقت الذى يستغرقه اللحن، قال: «لحنت «سلوا قلبى» فى ساعتين، و«ولد الهدى» فى اثنى عشر يوما، وهذا يتوقف على موعد تشريف الوحى، وأنا أعشق غروب الشمس، وانتظره كل يوم لكى أبدأ فى استجداء الوحى، فأجلس فى حجرتى، وجوارى آلة التسجيل، من الغروب حتى الفجر، ألحن وأعزف، ثم أستمع إلى ما لحنته وغنيته من آلة التسجيل، حتى أشعر بالنعاس، وتثقل جفونى، فأنام وعودى إلى جوارى».
 
وعن قراءته للشعر وتذوقه للأدب، يقول: «أقرأ من «الشوقيات» كثيرا، وأدرس كل حرف فى الأغانى التى تقدم إلى لتلحينها، وأعيش فى جو القطعة الأدبية قبل أن أبدا فى تلحينها».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة