سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 ديسمبر 1882.. زوجة على فهمى أحد قادة الثورة العرابية تقتحم موكب الخديو حاملة أصغر أطفالها وتصرخ: «العار عليك يا توفيق.. أهنت امرأة من حريم أبيك »

الأحد، 17 ديسمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 ديسمبر 1882.. زوجة على فهمى أحد قادة الثورة العرابية تقتحم موكب الخديو حاملة أصغر أطفالها وتصرخ: «العار عليك يا توفيق.. أهنت امرأة من حريم أبيك » الثورة العرابية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت نظارة الداخلية لجنة إلى كل بيوت قادة الثورة العرابية الذين كانوا فى السجن، ينتظرون مغادرة مصر إلى المنفى بجزيرة سيلان، ذهبت اللجنة بغرض ظاهرى وهو عمل جرد للمحتويات فيها، حسبما يؤكد المحامى الإنجليزى عن العرابيين، برودلى، فى كتابه «كيف دافعنا عن عرابى وصحبه »، ترجمة عبدالحميد سالم، مشيرا إلى أن اللجنة ذهبت لعملها يوم 16 ديسمبر 1882، وكان ذلك فى اليوم التالى لتعيين حراس أتراك وجراكسة على البيوت التى تقطنها أسر هؤلاء القادة المسجونين، وبعد صدور قرار من الخديو بمصادرة أملاك المنفيين السبعة، واعتبارهم مدنيا أمواتا ولا يحق لهم أن يرثوا، وهم، أحمد عرابى، على فهمى، يعقوب سامى، محمود سامى البارودى، محمود فهمى، عبدالعال حلمى، طلبة عصمت.
 
انتهكت هذه اللجنة قداسة الحريم، واقتحمت خلوة النساء بصورة وقحة، بوصف «برودلى»، مؤكدا أنه فى ساعة مبكرة جدا من يوم 17 ديسمبر، مثل هذا اليوم 1882، تلقى خطابين عن الموضوع، الأول من أحمد عرابى، والثانى من على فهمى، ووقع الاثنان على الخطابين بتاريخ 16 ديسمبر، وكتب «عرابى » فى خطابه: «جناب المحب المحترم المستر برودلى المحامى عنى، بلغنى أنه صار وضع عساكر على منزلنا ومنع أفراد العائلة من الدخول والخروج بقصد المحافظة على موجودات المنزل، وحيث إن المنزل الذى به عائلتى هو بالإيجار، وليس لى بيت فى مصر ولا غيرها، وأن جميع موجودات القصر ومفروشاته ملك حرمنا، ولا يكن عندها شىء خلاف ملبوسات بدنى، فنرجوكم إعلان الحكومة بذلك وفك الحجز عن ملك حرمنا ».
 
أما «على فهمى» فنص خطابه:  «أبلغنى خدمى أن الحراس الذين أرسلهم مدير ضبطية البوليس دخلوا منزلنا، وصمموا على أن يبقوا فيه، حيث إن المنزل المذكور وجميع موجوداته ومفروشاته ملك حرمنا، لأنه كان مهرها عندما تزوجتها من حريم إسماعيل باشا، سيدى.. نرجوكم أن تعملوا على حمايتنا من هذا الظلم البالغ ».
 
كان يشارك «برودلى» فى الدفاع عن العرابيين محامى إنجليزى آخر اسمه «نابير » وعلى أثر خطابى «عرابى» و «على فهمى»، ذهب إلى سجن الدائرة السنية ليهدئ من قلق المسجونين، ويبحث فى أمور شكواهم، فى حين أخذت زوجته على عاتقها مهمة مواساة السيدات، وبحث «برودلى» عن إسماعيل أيوب ناظر الداخلية، وبعد كثير من النقاش حصل على وعد بانصراف كل الحراس من بيوت المسجونين سوى حارس واحد، وألا يسمح باقتحام المبنى ذاته بأية صورة من الصور، وأن الأشخاص الداخلين أو الخارجين منه يجب ألا يتعرضوا لإهانة التفتيش الشخصى، وبالرغم من هذا الوعد فإن الأمور صارت أسوأ، ويوضحها «برودلى» قائلا:  «تلقى مستر نابير رسالة من زوجته تخبره فيها أن اثنين من المدنيين وبعض الجنود دخلوا منزل على فهمى، وشاهدوا كل غرفة فيه، بل ورأوا السيدات وهن غير مرتديات النقاب »، وحسب الرسالة، فإن زوجة «نابير » طلبت من زوجها و«برودلى» الحضور إلى منزل على فهمى فورا، لأنها غير متأكدة إذا كان الحراس عند باب المنزل سيسمحون لها بالخروج أم لا، غير أن حدثا مفاجئا للجميع وقع، كانت زوجة على فهمى هى بطلته، وأدى إلى تغيير الموقف كاملا ويكشفه «برودلى » قائلا:
 
«قبل أن نصل إلى هناك حدث حادث جديد، ذلك أن الخديو توفيق كان معتادا أن يمر بباب منزل على فهمى كل يوم ظهرا فى طريقه من المقر الرسمى فى عابدين إلى قصره فى ضاحية الإسماعيلية، فلما اقتحم رجال البوليس المنزل جن جنون الزوجة من هول ما حدث، وانتظرت مرور الخديو، فلما ظهرت عربته اندفعت بلا نقاب على وجهها حاسرة الرأس إلى الشارع، حاملة أصغر أطفالها بين ذراعيها، وهى تصيح: «يا توفيق، لقد أهنت امرأة من حريم أبيك، هل نسيت أننى قبل أن أصبح زوجة لعلى فهمى، كنت فى حريم إسماعيل؟ أما الآن فأنا مهانة وبلا نقاب كما ترى، إن العار عليك كما هو على أنا ».
 
أذهل الحدث الجميع، وحسب «برودلى »: «تمت إعادة السيدة برفق خلال حديقة الياسمين وأشجار البرتقال إلى دارها، وفى اليوم التالى غير «توفيق » طريقه ولم يعد يزعج زوجة «على فهمى» أحد بعد ذلك على الإطلاق، وعندما وصلنا إلى منزل «على فهمى » كان السلام استتب إلى حد ما، وكانت المرأة المسكينة تواسى نفسها، تصب أحزانها لنا من وراء حجاب بصوت غالبا ما كان يقطعه نشيج بكاء، ولما كانت نكباتها غير عادية على الإطلاق منها وحدها يمكن توقع أى ترضية مقنعة».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة