حالة من القلق تسيطر على المسئولين في الولايات المتحدة وإسرائيل حول قرار نتنياهو بشن هجوم بري على قطاع غزة وسط تزايد الدعوات الرافضة للخطوة والتحذيرات من تبعاتها على العالم.
في مقدمة المحذرين من الاجتياح البري لغزة جاء الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما بعد ان اصدر بيان حول الوضع في فلسطين ادان فيه حماس لهجومها الذي شنته أوائل الشهر الجاري وعلى الرغم من تأكيده ان لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها الا انه اكد على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي.
قال أوباما في بيانه: "حتى ونحن ندعم إسرائيل، يجب أن نكون واضحين أيضًا حول كيفية قيام إسرائيل بملاحقة هذه المعركة ضد حماس، فهي مهمة .. على وجه الخصوص، من المهم - كما أكد الرئيس بايدن مرارا وتكرارا - أن تلتزم الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بالقانون الدولي، بما في ذلك تلك القوانين التي تسعى إلى تجنب، إلى أقصى حد ممكن من الموت أو المعاناة السكان المدنيين".
وأكد أوباما ان الالتزام بالقانون الدولى هو امر حيوي لبناء وتشكيل الرأي العالمي، وشدد ان القيام بذلك مهمة صعبه مع الاخذ في الاعتبار ان العمليات العسكرية غالبا ما تعرض المدنيين للخطر، وحذر في بيانه من أن هناك أزمة إنسانية متنامية تجري في المنطقة، مشيرا إلى تحرك إسرائيل لقطع الإمدادات الحيوية عن غزة في أعقاب الهجمات، والتي حذر من أنها قد تعرض الدعم لإسرائيل للخطر.
تابع الرئيس الأمريكي السابق: "إن قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع الغذاء والماء والكهرباء عن السكان المدنيين الأسرى لا يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية فحسب، بل يهدد أيضاً بتفاقم الأزمة الإنسانية عالميا".
وأضاف: "يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة تصلب المواقف الفلسطينية لأجيال، وتقويض الدعم العالمي لإسرائيل".
واختتم بيانه بحث الناس على رفض المشاعر المعادية للسامية والمسلمين والعرب والفلسطينيين. كما أقر بأن لإسرائيل كل الحق في الوجود، لكن الفلسطينيين عاشوا في مناطق متنازع عليها لأجيال، قائلا: "ولكن إذا كنا مهتمين بالحفاظ على إمكانية السلام والأمن والكرامة مفتوحة للأجيال القادمة من الأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين – وكذلك لأطفالنا – فإنه يقع على عاتقنا جميعا على الأقل بذل الجهد لوضع نموذج، في كلماتنا وأفعالنا، ونوع العالم الذي نريدهم أن يرثوه".
تأتي تعليقات أوباما بالتزامن مع انتشار المخاوف في الإدارة الامريكية من قدرة الجيش الإسرائيلي على القيام بغزو بري في غزة، حيث تشعر الإدارة بالقلق من افتقار اسرائيل لأهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة ومن ان الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لشن غزو بري على القطاع بخطة يمكن ان تنجح.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي الجنرال لويد أوستن خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت على الحاجة الى دراسة الكيفية التي قد تقوم بها القوات الإسرائيلية بغزو بري لقطاع غزة حيث تحتفظ حماس بشبكات انفاق معقدة.
في الوقت نفسه، يصر مسئولي الإدارة الامريكية ان الولايات المتحدة لم تخبر إسرائيل بما يجب عليها فعله وما زالت تدعم الغزو البري بالرغم من ان البنتاجون ارسل جنرال من مشاة البحرية الى جانب ضباط آخرين لمساعدة الإسرائيليين في خطط الاجتياح البري.
وقال مسؤول في البنتاجون، إن إرسال الجنرال جيمس جلين، لا يعني أن البنتاجون يتخذ قرارات نيابة عن إسرائيل، مضيفا أن الجنرال جلين لن يكون موجودا على الأرض في إسرائيل إذا بدأ التوغل في غزة.
وقال مسؤولون أمريكيون، بحسب نيويورك تايمز، إنه على إسرائيل أن تقرر، على سبيل المثال، ما إذا كانت ستحاول القضاء على حماس باستخدام ضربات جوية مقترنة بغارات مستهدفة من قبل قوات العمليات الخاصة، أو التوغل في غزة مع قوات العمليات الخاصة والدبابات والمشاة.
ومنذ أيام، قال المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) الجنرال ديفد بترايوس إن الهجوم البري الإسرائيلي المحتمل على قطاع غزة قد يستمر لسنوات وسيتضمن "قتالا مروعا".
وأكد باتريوس في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن إسرائيل ستواجه مصاعب كبري فى حال إقدامها علي التوغل البري القطاع، وستواجه وضعا أصعب من الذي واجهته القوات الأمريكية في الصومال، وستقابل بهجمات "انتحارية" وعبوات ناسفة ومفخخات وكمائن.
واستشهد الجنرال، الذي كان أيضا القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، بحادثة إسقاط 3 مروحيات أمريكية من طراز بلاك هوك في مقديشيو عام 1993 مما تسبب في قتال دموي بينما كانت القوات الأمريكية تكافح لإنقاذ الناجين جراء التحطم، ليؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيواجه "واقعا مماثلا" إذا اشتبك على الأرض في غزة.
وتحدث بتريوس عن الاجتياح البري المحتمل ، وقال إن تجربته الشخصية في إدارة الجيوش المنخرطة في "حملات وحشية لمكافحة التمرد" يجب أن تكون بمثابة تحذير للجيش الإسرائيلي في حالة المضي قدما في التوغل البري.
وأضاف "من الصعب بالنسبة لي أن أتخيل وضعا أكثر صعوبة من هذا الوضع بالتحديد، وكنت أحد الذين قادوا القوات في عدد من العمليات الكبرى في مناطق حضرية".، وتابع قائلا "لا يمكنك الفوز في عمليات مكافحة التمرد في عام أو عامين. فمثل هذه العمليات عادة ما تستغرق عقدا من الزمن أو أكثر، كما رأينا في العراق، وكما رأينا في أفغانستان".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة