مها عبد القادر

قمة السلام والريادة المصرية

الأحد، 22 أكتوبر 2023 01:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خرجت قمة السلام بالقاهرة برسالةٍ قويةٍ للعالم لإدانة العدوان والاضطهاد والممارسات اللاإنسانية ضد المدنيين وإنهاء سياسة العقاب الجماعي وكسر دائرة العنف والتهدئة والعودة لطاولة المفاوضات التي ترتكز على قرارات الشرعية الدولية والأممية، ومبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين، كما أكدت على أهمية الدور الريادي المصري، التي تقف صلبة كالوتد وتحول دون تحقيق إسرائيل لأيٍ من أهدافها وخاصةً تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو دول الجوار، وتصفية القضية الفلسطينية، قضية العروبة.

فمصر الشامخة لم ولن تتخلى عن دورها الريادي في المنطقة وسيادة أراضيها وأمنها القومي؛ فقمة السلام خير شاهدٍ على موقفها الراسخ الداعم للحق التاريخي والأصيل للفلسطينيين ودولتهم، إذ تعتبر أن هذا الأمر خيارًا استراتيجيًا يتوقف عليه التعايش السلمي في منطقة باتت على شفا حربٍ مفتوحةٍ لأطرافٍ تحمل أجنداتٍ متعددةً بغية النفوذ والهيمنة على الشرق الأوسط بكامله.

وما يؤصل دور مصر السامي والريادي في المنطقة حملها لرؤيةٍ ورسالةٍ واضحةٍ تترجمها أهدافٌ إجرائيةٌ تحمل غاياتٍ ثابتةً وفق مبادئٍ راسخةٍ لا تتزحزح عنها أو تتغافل عن بعضها؛ فلن تقبل الدولة وقيادتها الرشيدة دعاوي تصفية القضية الفلسطينية على حساب أمن وسلامة البلاد التي تحمل راية النصر وتحافظ دومًا عل أمنها القومي، وتدحر على مر العصور كل معتدٍ وغازٍ.

لقد كشفت قمة السلام بجلاءٍ وقوةٍ واضحين للعيان أن الدولة المصرية تحمل لواء الريادة بالمنطقة وترفع لها القبعة تحية وإجلالاً وتقديراً؛ إذ حملت على عاتقها القيم الأصيلة والثابتة والخالدة، التي تناسها المجتمع الدولي في الأزمة القائمة وأضحي يكيل بعدة مكاييلٍ تتناسب مع مصالحه الشخصية؛ فسارعت الدولة المصرية وسجلت موقفها القوي والراسخ الذي يسجله لها التاريخ ويسطر بأحرفٍ من نورٍ من بداية الأزمة تجاه تجريم إزهاق النفس وإراقة الدماء البريئة دون ترددٍ، وأدانت كل فعلٍ يقوم على إرهاب المدنيين، كما لم تصرح بمبرراتٍ من شأنها تأجج الصراع وتزيد من لهيب الحرب؛ فالحياة مقدسةٌ لكل إنسانٍ على وجه الأرض.

وبرغم المصالح المشتركة بين الدولة المصرية والعالم الآخر إقليمياً ودولياً؛ إلا أن تمسكها بالقيم الإنسانية والمبادئ التي تحفظ حقوق الأنسان وتجرم وتدين سفك الدماء التي حفظتها كل الأديان، جعلها تسترجع الاتفاقيات التي منحت الشعوب حقوقها دون ترددٍ؛ فالشعب الفلسطيني له حق الحياة بأن يتوافر له حياة كريمة من المسكن الآمن وكرامة العيش، ودولة ينتمي لها بفخر وعزة؛ ليشعر بآدميته ووطنيته وعروبته وهويته.

وملامح الريادة المصرية بدت واضحةً في الأفق؛ حيث تطلعت القيادة السياسية الأبية على تحقيق سلام عالمي يتوافق معه العالم ودوله التي تتسم بالعدالة وتقدس المبادئ الإنسانية ولا تخص بها شعباً دون شعبٍ، وتتعامل بحياديةٍ بعيدًا عن الأوهام والأحلام التي يروج لها محبي الاستعمار في الأرض.

وتطلعت الدولة المصرية صاحبة الريادة لإطلاق عمليةٍ سياسيةٍ مفتوحة الآفق تحمل بين ثناياها الحل الذي دشنت وأقيمت له العديد من النداءات واللقاءات والمؤتمرات والمجالس من ذي قبلٍ، والمتمثل بوضوحٍ في حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

وارتأت القيادة السياسية للدولة المصرية الشامخة ضرورة وقف التصعيد العسكري على قطاع غزة الأسير ورفع الحصار عنه؛ لتستكمل مسيرة السلام التي تحفظ للمنطقة أمنها وأمانها وتمنع تدفق سيل الخراب والانزلاق في حربٍ شاملةٍ يضار منها الجميع دون استثناءٍ.

إن أبجديات الحروب تقتضي أن تكون هناك ممرات آمنة لخروج السكان العزل من دائرة الحرب لملاذهم الآمن في موطنهم دون تهجيرٍ قسريٍ والعمل على معالجة المصاب، وتقديم المساعدات الإنسانية دون شرطٍ أو قيدٍ أو مقابلٍ، وهذا ما نادت به قمة القاهرة للسلام لدولة السلام وقائدها راعي السلام وحامل رايته.

وتقتضي الريادة فقه بواطن الأمور؛ حيث بنت القيادة السياسية على مخرجات المؤتمرات السابقة والاتفاقيات والمعاهدات الماضية؛ ليتم التوافق على الحلول التي يرتضى بها طرفا الصراع دون مزايدةٍ من أحدٍ على أحدٍ، ودون تدخلٍ يفسد الأمور ويجعلها تخرج عن نصابها ومسارها الصحيح.

لقد نادت مصر الرائدة من خلال قمتها التي تدعو للسلام إلى تشكيل جبهةٍ عالميةٍ مفتوحةٍ لوقف الحروب وصور العنف المختلفة، وهذا ما يتسم به العقلاء؛ فلا مجال لحمل السلاح في عالم الحريات، ولا مجال للتعصب في عالم يعيش في ثقافات متعددة، ولا مجال عن نبذ معتقداتٍ صارت باليةً، ولا مجال لأفكارٍ هدامةٍ يعود تاريخها إلى العنصرية والتفرقة.

إننا نعيش في عالم يتسم بالمفارقات؛ فهؤلاء دعاة الحرية يساندون ويرعون ويدعمون المرجفين في الأرض، ويمدونهم بالسلاح والعتاد لتزداد غطرستهم وعدوانهم وجورهم على شعبٍ أعزلٍ يدافع عن حقوقه المشروعة والتاريخية.

إن مصر صاحبة الريادة من خلال قمتها لا تدعو لمسكناتٍ أو لحلولٍ مؤقتةٍ؛ لكن تسعى لحلولٍ ذات طابعٍ مستدامٍ؛ بغية الحفاظ على الهوية، وإحياء مسارات الأمل والأمان والسلام، والتعايش السلمي لعالم ولأجيالٍ متواليةٍ تستحق الحياة.

حفظ الله بلادنا الرائدة وقائدها الجسور، ومنحها الأمن والأمان

 

 

أستاذ أصول التربية

كلية التربية للبنات بالقاهرة _ جامعة الأزهر

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة