أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: نقاش مهم.. نحن والآخرون فى مواجهة الأزمة العالمية

الأحد، 28 أغسطس 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما بدأت جائحة كورونا، سارعت الدول الكبرى باتخاذ إجراءات إغلاق تام لأشهر، وتوقفت أنشطة صناعية وزراعية بجانب شلل فى السفر، بينما الدولة المصرية اتبعت إجراءات مرنة، بين الإغلاق والفتح، مع إجراءات وقائية وصحية، وتم توفير مستشفيات العزل والأدوية، مع إعلان الأرقام للإصابات والوفيات بشكل مستمر، وتقديم دعم نقدى لفئات من العمالة غير المنتظمة، وإذا عدنا إلى آراء كثيرين على منصات التواصل الاجتماعى، فقد تعرضت الدولة لانتقادات وهجمات، مع مطالب بالإغلاق التام على غرار ما اتبعته أوروبا والدول الكبرى، ورأينا كيف تعرضت الأنظمة الطبية الأوروبية لهزات، وارتباكات، ونقص فى مواد الوقاية، وارتفعت الوفيات والإصابات بشكل كبير، وحتى بروتوكولات العلاج نفسها ظلت محل شك وتضارب. 
 
ويحمل أرشيف السوشيال ميديا ومنصات العداء، الكثير من الآراء والتحليلات التى كانت تشكك فى خطط مصر، وتطالب بإغلاق تام، بل وانتقادات للأرقام، وتقليل من قدرة الدولة على الصمود فى مواجهة الجائحة، لم تلجأ الدولة فى مصر إلى الإغلاق التام، واستمر العمل فى المشروعات الكبرى، سواء كانت زراعية أو طرقا أو طاقة أو مدنا.
 
وفى التقييم النهائى، فإن مصر نجحت - دون دول العالم - فى تخطى الجائحة بخسائر أقل، وتقدمت على دول ذات إمكانيات أكبر، وأى منصف يفترض أن يرى الأمر من زاوية نجاح، وقد اعترفت منظمة الصحة العالمية نفسها، بأن الإغلاق التام كان خطأ، وأن الفزع ضاعف من حجم الخسائر والأخطاء فى التعامل مع كورونا. 
 
نقول هذا ليس من باب الاستعراض والفخر، لكن من زاوية تعنى أن القدرة على التعامل مع أزمة، هى الفيصل فى الحكم على نجاح أو فشل المواجهة، ومن هذا المنظور فإن مصر حققت نجاحا بفضل التعامل بمرونة وثقة، مع جائحة أربكت دولا أكبر فى الإمكانيات والاقتصادات، ويمكننا مراجعة تجارب الدول مقارنة بتجربتنا، حتى يمكننا التوصل لتقييم عادل لما تم. 
 
وهو نفس ما يفترض أن نتعامل به أثناء الأزمة الحالية، وانعكاسات الحرب فى أوكرانيا، والتى أربكت دول العالم بصرف النظر عن شكل ومضمون الواقع، ولسنا بعيدين عن هذه الأزمة، التى تجرى علنا، وعلى الهواء، ولا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها، وتستلزم اتخاذ إجراءات لتقليل آثارها، حيث تكاد أزمة الطاقة تعصف بأوروبا والعالم، وتضطر هذه الدول الى إجراءات تقشف وترشيد، وإجراءات مصرفية ومالية، لمعالجة التداعيات المتسارعة، توقف الإنتاج، ونقص السلع، مع ارتفاع غير مسبوق فى الأسعار يدفع فئات كثيرة إلى مستويات اجتماعية أقل، أو اتخاذ قرارات للترشيد والتعامل مع الأزمة.
 
 وعلى سبيل المثال، فإن أزمة نقص العمالة اضطرت سلطات مطار هيثرو فى بريطانيا، لإلغاء رحلات كاملة، ما أدى لتكدس الركاب وإلغاء السفر واللجوء لرحلات طويلة بأضعاف السعر، وفى ألمانيا هناك عمليات قطع للكهرباء وفى فرنسا إظلام لمناطق ومعالم حيوية، وارتفاعات الأسعار توشك أن تقود لانفجارات، لأن ملايين الأسر يتهددها الفقر فى الطاقة، والوضع الاجتماعى. 
 
وفى مصر ليس الأمر خافيا، وهناك تعامل مع الأزمة، لم يصل إلى القسوة التى يتم بها التعامل فى أوروبا والولايات المتحدة ودول غنية، ويفترض أنها اقتصادات قوية ومتقدمة، هناك ارتفاعات فى الأسعار، أقل كثيرا لدينا فى مصر، حيث تكاد الأسعار فى أوروبا تتجاوز حواجز الإمكان لبعض الأسر، وفى مصر هناك إجراءات اجتماعية ودعم للأسر لمدد تصل إلى 6 أشهر أو أكثر، والحفاظ على أسعار الخبز والمواد الأساسية لملايين الأسر، تمثل معالجة، بجانب إجراءات أخرى.
 
وهذه الإجراءات تتم مع إعلان واضح للأزمة وإجراءات التعامل معها، مع استمرار العمل فى المشروعات مثل مبادرة «حياة كريمة»، أو المشروعات الزراعية التى أسهمت فى تأمين نسبة من المحاصيل ومنها القمح، بجانب مشروعات ومبادرات أخرى، وهذا نقوله بمناسبة ما تطرحه بعض المنصات المعادية حول أهمية وجدوى المشروعات الكبرى، والحديث عن فقه الأولويات وتوجيه الإنفاق العام. 
 
لا أحد ينكر أن القضاء على «فيروس سى» لملايين المصريين من صميم فقه الأولويات، أو نقل ملايين من سكان العشوائيات إلى مجتمعات حضارية داخل الأولويات، أو تأمين الطاقة والطرق والإسكان الاجتماعى، والتوسع الزراعى فى توشكى أو مستقبل مصر ومحطات الألبان فى السادات، أو النقل العام فى المترو والقطارات، وهى مشروعات توفر فرص عمل فضلا عن أهمية استراتيجية.
 
نقول هذا ليس من باب التهويل أو التهوين فى التعامل مع الأزمة، لكن من باب النقاش الهادئ، وبنماء سيناريوهات لتخطى هذه الأزمة، وحتى فيما يتعلق بالإجراءات المصرفية والمالية، فإن قرارات البنك المركزى بقيادته الجديدة تصب لصالح دعم مستلزمات الإنتاج والتصدير وتسهيلات وقرارات تعالج أى ملاحظات فى التعامل مع الاستثمار والاقتصاد، وحتى فيما يتعلق بجذب استثمارات،فإن خطوط التنمية والطرق والطاقة، كلها عناصر جذب، وبالتالى فإن استمرار التنمية، ليس مجال اتهام، لكنه نقاط تضيف الى إمكانية النجاح.
 
الشاهد هو أننا ونحن نناقش تقييم تعامل الدولة المصرية مع تداعيات الأزمة العالمية، يفترض أن نناقشها داخل سياق عام عالمى، وآخر محلى، مع وجود أمل فى نجاحات سابقة لمعالجة أزمة سابقة، وهو أمر ليس للتفاخر، وإنما لبناء أمل فى إمكانية تخطى الأزمة، مثلما تم مع سابقاتها، وهى أزمات غير متوقعة، فلا جائحة كورونا، ولا حرب أوكرانيا كانت فى حسبان أحد. 
 

 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة