مصر تتحرك.. دراسة تؤكد: قمة العلمين ترصد 4 دلالات هامة للتحرك العربى.. مبادرة قوية للشراكة الصناعية بين مصر والأردن والعراق والبحرين والإمارات.. والقاهرة تواجه تمزقات الجسد العربي وانهيار منظومة الأمن الإقليمي

الأربعاء، 24 أغسطس 2022 03:30 م
مصر تتحرك.. دراسة تؤكد: قمة العلمين ترصد 4 دلالات هامة للتحرك العربى.. مبادرة قوية للشراكة الصناعية بين مصر والأردن والعراق والبحرين والإمارات.. والقاهرة تواجه تمزقات الجسد العربي وانهيار منظومة الأمن الإقليمي القمة العربية
كتب أمين صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سلط المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الضوء على القمة المصغرة في مدينة العلمين، وأكدت الباحثة مارى ماهر أن الحراك الدبلوماسي العربي رفيع المستوى اكتسب زخمًا كبيرًا، لكن ضمن نطاقات أضيق تجمع بين الدول الأكثر احتكاكًا وتأثرًا وتأثيرًا بالقضايا الإقليمية محل التباحث والمناقشة، وفي كل الأحوال ينطوي هذا النمط التعاوني على عدة دلالات منها ، إدراك الدول العربية أهمية بناء تحالفات إقليمية لمعالجة التحديات الرئيسية في ظل تشككها بشأن جدوى المظلة الأمنية الأمريكية وحاجتها إلى التعاون في الشؤون الأمنية والاقتصادية المشتركة، لاسيّما مع إدراكها للكلفة السياسية والاقتصادية الباهظة الناجمة عن حقبة الانقسامات، واستمرار المهددات الإقليمية، وتباين أولويات الإدارة الأمريكية الحالية عن المصالح العربية لبعض الدول التي تشعر بالقلق من تحركات إيران وبرنامجها النووي.

 

وقالت ماهر أن الدلالة الثانية تتمثل في استعادة الدول العربية زمام المبادرة بشأن تحديد أولويات ووجهات سياستها الخارجية، وتبني نهج أكثر استقلالية يراعي المصالح العربية ويرمي إلى بلوغ درجة معينة من التوازن في إدارة العلاقات مع القوى الكبرى، خاصة بعدما بيّنت الحرب الأوكرانية استمرار الأهمية الجيوسياسية للشرق الأوسط في تحديد الأوزان النسبية للدول خلال مراحل إعادة تشكيل النظام الدولي، بحيث تظل ساحاته العديدة المشتعلة محددًا أساسيًا للدولة المهيمنة التي تكون قادرة على حسم تلك الصراعات لصالحها وهنا لا يُمكن إغفال دور المعطيات الجديدة التي فرضتها الحرب كعامل إضافي كان له الفضل في تسريع عملية إعادة الاصطفافات الإقليمية، إلى جانب تراجع مركزية الشرق الأوسط بالنسبة لأولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن.

 

وتابعت ماهر أن الدلالة الثالثة تكمن فى التطلع إلى إيجاد آليه للاتفاق على حلول مشتركة لأزمات المنطقة تراعي المصالح والأمن القومي العربي، وهو ما يخلق صوتًا عربيًا مسموعًا في القضايا الإقليمية يقف في وجه اللاعبين غير العرب، ويضع حدًا للمشاريع التوسعية التي تستغل حالة الانفلات والضعف وانهيار المنظومة الأمنية العربية لخلق واقع جديد في المنطقة. وهنا تبرز الأزمات السورية والعراقية والليبية بتعقيداتها كنماذج واضحة لما آلت إليه القضايا العربية في لحظات التراجع والتشتت المرتبطة بإعادة رسم الخرائط الجيوسياسية للمنطقة في أعقاب ما سُمي بالربيع العربي، حيث باتوا ساحات للمشاريع الإقليمية والدولية المتنافسة وانهارت معها الدولة الوطنية وسقطت في حلقة مفرغة من الأزمات.

 

أما الدلالة الرابعة فتتمثل في تحرك مصر من منطلق تحمل مسؤوليتها الإقليمية وإدراكها الواضح لخطورة استمرار تمزقات الجسد العربي على انهيار منظومة الأمن القومي الإقليمي، وما يستتبعه من فتح المجال أمام المشروعات غير الوطنية، الأمر الذي يتوجب معه تقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات البينية نحو بناء رؤية عربية مشتركة للتعاطي مع مشكلات وقضايا الإقليم؛ بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار، ويهيئ الطريق لتبني أجندة تنموية مشتركة يُمكن معها استغلال الفرص الاقتصادية التي أوجدتها تداعيات الحرب الأوكرانية. بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط وفتح آفاق استثمارية مشتركة لتخفيف الهزات الاقتصادية العنيفة التي ضربت اقتصادات دول المنطقة كجزء من الأزمة العالمية لاسيّما المتعلقة بتدهور الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع معدلات التضخم.

 

وأشارت الدراسة إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة بين مصر والأردن والإمارات والبحرين، وتأسيس صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار بين مصر والإمارات والأردن، وصندوق استثماري آخر مشترك بين الأردن والإمارات بقيمة  100 مليون دولار للاستثمار في مجال المشاريع الريادية، وتوقيع 14 اتفاقية اقتصادية بقيمة 8 مليارات دولار، وضخ استثمارات بقيمة 30 مليار دولار خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، وتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والعقارات والتكنولوجيا خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد؛ خير دليل على آفاق التعاون الاقتصادي الممكنة والتي تجعل الدول العربية تنحي خلافاتها السياسية ولو مرحليًا.

 

ورصدت الدراسة أن القمة تأتى خلال المعطيات الجديدة التي ألمت بالمشهد الإقليمي عقب القمم الثنائية والثلاثية والرباعية المشار إليها سلفًا منها مخرجات قمتي طهران وسوتشي حيث قادت اجتماعات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي في طهران وسوتشي خلال يوليو وأغسطس، إلى إدراك أن الآلة العسكرية لم تعد قادرة وحدها على تأمين المصالح التركية داخل الساحة السورية بعدما فشل في إقناع شريكيه ضمن مسار أستانا بتنفيذ عملية عسكرية في مناطق الشمال السوري (منبج وتل رفعت) للقضاء على الوجود الكردي، وباتت التفاهمات السياسية مع النظام السوري مسارًا ضروريًا لمعالجة مخاوف أنقرة الأمنية، وبالفعل أشار مسؤولون كبار في التحالف الحاكم إلى إمكانية عقد محادثات بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد.

 

وكذلك تعقد الأزمة السياسية العراقية، حيث وصلت أزمة تشكيل الحكومة العراقية لمرحلة من الجمود والانسداد السياسي بات من الصعب معه توقع انفراجة قريبة في ظل عدم وجود قواعد ومنهج واضح للحوار الوطني الذي يقوده الكاظمي وغياب التيار الصدري عنه وتوجيهه الاتهامات للمشاركين فيه مع الإصرار على اعتماد آلية الحشد الجماهيري لتحريك الشارع، وسط توقعات بالدخول في حلقة مفرغة مع تمسك كل طرف بمطالبه، الأمر الذي يجعل أحد أقطاب المعادلة العربية مرهونًا لأحد المشروعات الإقليمية، ويشي بفشل محاولات إعادة تشكيل المعادلة السياسية التي ترسخت منذ عام 2003 والقائمة على نظام المحاصصة الطائفية.

 

كذلك تأتى القمة في إطار تعزيز الاتجاه التصالحي حيث يأتي اللقاء بينما تأكد الاتجاه التصالحي في المنطقة ورغبة الدول العربية تعديل أدوات إدارة الخلافات مع إيران وتركيا بالانتقال إلى نهج التفاهمات الدبلوماسية بديلًا عن المواجهات العسكرية أو القطيعة، وهو ما تجلى في إنجاز المصالحة الإماراتية والسعودية وحتى الإسرائيلية مع تركيا، فيما كانت أحدث مشاهدها اتخاذ العلاقات الخليجية الإيرانية مسارًا أكثر تقاربًا وأقل توترًا جسده قرار الكويت والإمارات رفع التمثيل الدبلوماسي في إيران إلى مستوى السفراء بعدما خفضتاه قبل ست سنوات، بالتوازي مع الحديث عن الارتقاء بالعملية التفاوضية بين الرياض وطهران برعاية بغداد من المستوى الأمني الاستخباراتي الذي ميّز جولاتها الخمس الفائتة إلى المستوى السياسي اللازم لاستعادة الشكل الطبيعي للعلاقات.

 

وأشارت الدراسة إلى أن القمة تأتى في إطار استئناف اجتماعات تحالف المشرق الجديد: يشكل حضور الأردن والعراق امتدادًا لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019، وشهدت أربعة اجتماعات سابقة، لكنه يكتسب أهمية إضافية هذه المرة بالنظر إلى اشتعال الأوضاع السياسية العراقية واستمرار التدخلات الخارجية في القرار السياسي العراقي، لا سيّما أن أحد الأهداف الرئيسة للآلية الثلاثية هو إخراج العراق من فلك المشاريع الإقليمية وإعادة دمجه ضمن محيطة العربي. ويساعد الحفاظ على دورية الانعقاد رغم التحديات والمعوقات الكثيرة التي تعترض طريق تنفيذ مشاريع الشراكة الاقتصادية الثلاثية على ضمان بقائها حية ومطروحة، وإحراز بعض التقدم بشأنها لا سيّما الخاصة بمشاريع الربط الكهربائي ومشروع خط النفط البصرة-العقبة–السويس، وإنشاء منطقة جمركية خالصة بين العراق والأردن.

 

كما تستهدف القمة تعزيز مشاريع التكامل الاقتصادي حيث جاء الموضوع الاقتصادي على رأس المباحثات؛ ارتباطًا بتداعيات الحرب الأوكرانية على ملفي اضطرابات سلاسل الإمدادات وارتفاع أسعار السلع الأساسية، لتكتسب معها مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية بين مصر والأردن والعراق والبحرين والإمارات أهمية قصوى لبحث تحقيق شراكة تكاملية فيما يخص ملفات: الطاقة والغذاء، وتوطين الصناعات، وزيادة الاستثمارات ومعدلات التبادل التجاري، واستكمال مشروعات الربط الكهربائي لتخفيف الاضطرابات الاقتصادية.

 

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة