سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 يوليو 1924.. محاولة اغتيال فاشلة لسعد زغلول باشا والمتهم طالب يدرس الطب فى ألمانيا والكشف الطبى يثبت جنونه

الثلاثاء، 12 يوليو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 يوليو 1924.. محاولة اغتيال فاشلة لسعد زغلول باشا والمتهم طالب يدرس الطب فى ألمانيا والكشف الطبى يثبت جنونه سعد زغلول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الوقت صباح السبت 12 يوليو، مثل هذا اليوم، 1924، حين دخل الزعيم سعد زغلول محطة القاهرة ليركب قطار الساعة السابعة والربع، المتجه إلى الإسكندرية، للقيام بواجب التهنئة بحلول عيد الأضحى لجلالة الملك فؤاد، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا فى موسوعته «حوليات مصر السياسية- الحولية الأولى 1924»، مضيفا: «كانت المحطة مزدحمة بمن يقصدون الإسكندرية، وبعد الساعة السابعة وثمانى دقائق، قدم سعد زغلول باشا يحف به الوزراء وكبار الموظفين، فما كاد دولته يتجاوز فى الرصيف مركبات الدرجات الثالثة والثانية، ويحاذى أول مركبة من مركبات الدرجة الأولى، حتى برز له من بين الجماهير شاب، وأطلق على دولته رصاصة من مسدس، وهمَ أن يثنى بأخرى، ولكن قبض عليه، وكاد يمزق إربا من الحاضرين لولا أن خلصه رجال الحفظ من أيديهم».
 
أصيب سعد زغلول برصاصة فى ساعده الأيمن، وأخرى أعلى الثدى الأيمن، فدخلت تحت القلب، وفقا لما يذكره الكاتب الصحفى مصطفى أمين فى كتابه «الكتاب الممنوع- أسرار ثورة 1919»، وبالرغم من أن النشرات الطبية لم تذكر شيئا عن رصاصة القلب، كما هو فى دراسة «محاولة اغتيال سعد زغلول ومصطفى النحاس» للكاتب الصحفى حازم هاشم، والمنشورة فى كتاب «تاريخ الوفد» إعداد وتحرير جمال بدوى ولمعى المطيعى، فإن مصطفى أمين يذكرها فى كتابه، بل يزيد فى قوله بأن الأطباء لم يستطيعوا استخراجها، وبقيت فى موضعها إلى أن مات سعد بها بعد ثلاث سنوات.
 
ظهر أن المتهم اسمه «عبدالخالق عبداللطيف »، وهو طالب يدرس الطب فى جامعات ألمانيا، ووصل إلى القاهرة فى 3 يوليو 1924، وعمره 22 عاما، وأثناء القبض عليه، تم نقل سعد إلى الاستراحة فى المحطة، ويصف «شفيق باشا » حالة سعد لحظة وقوع الحادث، قائلا: كان سعد رابط الجأش، وخاطب من حوله قائلا «نموت ويحيا الوطن »، ولكن ما كنت أتوقع أيها الإخوان، أن تقع هذه الجريمة على وطنى وفى أرض الوطن.. يضيف: تم نقل دولته إلى المستشفى، وكان تقرير الأطباء الذين فحصوه، أن حالته جيدة، ولا تلبث بضعة أيام حتى يزول عنه الخطر.
 
يؤكد شفيق، أن الملك فؤاد لما سمع خبر هذا الاعتداء، أمر بألا تجرى تشريفات عيد الأضحى، وهاجت البلاد لنبأ الاعتداء على زعيم كان فى ذلك الوقت يجمع حوله قلوب السواد الأعظم من المصريين، وقابلته سائر الهيئات بالاستنكار، وبدأت التحقيقات فى القضية للوقوف على أبعادها.. يذكر شفيق باشا، أن الجانى قال فى اعترافاته الأولى: إنه منتمى إلى مبادئ الحزب الوطنى، وأنه صار ضد سعد باشا منذ شهر، وصمم على أن يهدده ويرهبه، وادعى أن الأسباب التى حملته على ذلك، هى رغبة سعد باشا فى المفاوضة، وقول سعد إن الإنجليز خصوم شرفاء معقولون.. يضيف «شفيق»: «كان هذا الاعتراف مما يوجه الشبهات إلى رجال الحزب الوطنى، وقبض على رئيس تحرير جريدة اللواء «لسان حال الحزب »، وعلى الشيخ عبدالعزيز جاويش، وفتشت عدة منازل، أملا فى الوصول إلى الشركاء المحرضين للمجرم ».
 
كان من اللافت أن المسدس، الذى استخدمه المتهم اختفى، ولم يتم العثور عليه، وتطوع شهود بالقول إن الضابط الإنجليزى «انجرام بك » وكيل حكمدار العاصمة أخذه، ووضعه فى جيبه، لكنه قال أمام المحققين: إنه كان يحمل منشة سوداء، وتكسرت عند إلقاء القبض على الجانى، واضطر إلى وضعها فى جيبه، فظن الذين شاهدوه أنه يضع المسدس، وفقا لما يذكره حازم هاشم، مضيفا: ظلت التحقيقات تتلاحق فى كل اتجاه، ومنها التوجه إلى اعتبار الخديو السابق «عباس الثانى» الذى خلعه الإنجليز عام 1914، وراء الجريمة من خلال تفتيش واعتقال والتحقيق مع بعض العناصر المرتبطة بعلاقات معه، كما توجهت التحقيقات إلى البحث عن شركاء للمتهم فى الداخل، واعتقل العشرات من أقاربه وأصدقائه، لكن سرعان ما أفرج عنهم على الفور، وظل المسدس أداة الجريمة ضائعا دون العثور عليه.
 
لم يسفر التحقيق عن شىء، ولم يثبت للنيابة صحة أى اتهام للحزب الوطنى، أوالخديو السابق، كما لم يثبت أن هناك شركاء للمتهم فى الداخل، ويؤكد «شفيق باشا »: ظهرت علائم الجنون على المجرم وثبت هذا الجنون فأرسل إلى المستشفى، ويذكر حازم هاشم: تأكدت النيابة أن الجانى أقدم على جريمته بدوافع سياسية، وجرى توقيع الكشف الطبى على الجانى، للتأكد من سلامة قواه العقلية، فاتضح من هذا الكشف أن به مس من الجنون، وأن محاكمته لذلك غير مجدية، فلم يحاكم، بل أودع فى مستشفى الأمراض العقلية، ليسدل الستار على هذه الجريمة الشنعاء.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة