سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..30يونيو 1879إسماعيل باشا يغادر مصر إلى منفاه بإيطاليا ويوصى ابنه وخليفته توفيق.. ونساء «المفتش» يزغردن شماتة فى «المخلوع»

الخميس، 30 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..30يونيو 1879إسماعيل باشا يغادر مصر إلى منفاه بإيطاليا ويوصى ابنه وخليفته توفيق.. ونساء «المفتش» يزغردن شماتة فى «المخلوع» إسماعيل باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ركب إسماعيل باشا القطار الخاص به من القاهرة، وبلغ الإسكندرية فى الساعة الرابعة بعد ظهر يوم الاثنين 30 يونيو، مثل هذا اليوم، 1879، استعدادا لمغادرته مصر، بعد فرمان خلعه من السلطان العثمانى بضغوط من الدول الكبرى، خاصة إنجلترا وفرنسا، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر إسماعيل»، مضيفا، أن محافظ الإسكندرية وبعض الرؤساء والكبراء استقبلوه فى محطة «القبارى»، وركب الزورق المعد له، وتبعته زوارق المشيعين، وسار حتى استقل الباخرة «المحروسة»، ولما وصل إليها أطلقت المدافع إيذانا بوصوله، ورفعت البوارج الحربية أعلامها تحية له، واستقبله على ظهر الباخرة بعض المشيعين الذين جاءوا يودعونه الوداع الأخير.
 
يؤكد «الرافعى»، أن إسماعيل قضى ثلاثة أيام يستعد للسفر، ويجمع ما استطاع أخذه من المال والمجوهرات والتحف الثمينة من القصور الخديوية، ونقلها إلى الباخرة «المحروسة» التى كانت معدة لركوبه بالإسكندرية، ويصف «الرافعى» يوم رحيله، قائلا: «إن سراى عابدين ازدحمت منذ الصباح الباكر بالكبراء والذوات الذين جاءوا يودعونه، وفى منتصف الساعة الحادية عشرة أقبل ابنه وخليفته الخديو توفيق على أبيه يودعه، وعند الساعة الحادية عشرة خرج الخديو السابق متوكئا على نجله، ودلائل الحزن بادية عليه، وركب العربة، وجلس توفيق باشا إلى يساره، وركب بعدهما الأمراء والكبراء، وسار الموكب حتى بلغ محطة العاصمة، وكان الجند مصطفين على الجانبين يحيون الخديو السابق».
 
يضيف الرافعى: «لما بلغ الركب المحطة ترجل إسماعيل باشا، ووقف توفيق باشا يودعه وعيناه مغرورقتان بالدموع، وكان إسماعيل شديد التأثر من هذا المنظر، منظر رحيله النهائى عن القاهرة التى كانت مسرحا لمجده وبذخه وسلطانه السنين الطوال، فوقف يخطب الحاضرين خطابا مؤثرا ثم التفت إلى نجله وودعه، قائلا: لقد اقتضت إرادة سلطاننا المعظم أن تكون يا أعز البنين خديو مصر، فأوصيك بإخوانك وسائر الآل برا، واعلم أنى مسافر وبودى لو استطعت قبل ذلك أن أزيل بعض المصاعب التى أخاف أن توجب لك الارتباك، على أنى واثق بحزمك وعزمك، فاتبع رأى ذوى شوراك، وكن أسعد حالا من أبيك».
 يذكر إلياس الأيوبى، فى كتابه «تاريخ مصر فى عهد إسماعيل باشا»: «حين خرج إسماعيل من سراى، عابدين كانت بصحبته المختارات من نسائه وجواريه وولديه حسن وحسين، وكان ولده إبراهيم فى انجلترا، وأما فؤاد فكان لا يزال صبيا لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره»، يضيف أنه سعدت زوجاته وبقية حريمه اللاتى اصطحبهن إلى منفاه، وودع بقية حريمه الوداع الأخير، ويقال إن حزن السيدات اللواتى تخلى عنهن بلغ مبلغا يفوق التصور، وأنهن فى غضبهن على عدم اصطحابه كسرن عدة أوان ثمينة ومراءات بما يبلغ قيمته 8 آلاف جنيه، ووقفت عربات فى خارج السراى كى تقل الحريم اللاتى تخلى عنهن، ودوت أصوات ندب وولولة منهن، ولما وصل الى المحطة عانق ابنه توفيق عناقا أخيرا»
 
يضيف «الأيوبى»: «التفت إسماعيل الى الحاضرين قائلا: إنى وأنا تارك مصر، أعهد بالخديو ابنى إلى ولائكم وإخلاصكم»، ثم قبّل «توفيق» يد والده واستودعه واستودع إخوته المسافرين معه، ويصف «الأيوبى» هذه اللحظة قائلا: «كان المنظر مؤثرا للغاية، ولم يستطع إلا القليل منع بكائهم»، يضيف: «قام القطار وإذا بمجموعة زغاريد ماجت فى الآفاق مودعة له بتهكم، فاستوقف البحث والاستفهام، وعلم بأنها صادرة من نساء «المفتش» إسماعيل صديق (قتله الخديو إسماعيل)، كنوع من الشماتة فى الخديو المخلوع».
 
أقلعت السفينة إلى إيطاليا، ويذكر «الأيوبى»، أن إسماعيل كان يرغب فى أن يقيم فى الآستانة، وإلا فى أزمير، لكى يكون فى بلاد ملائمة لمعيشته الشرقية، واستأذن السلطان العثمانى عبدالحميد فى ذلك، ولكن السلطان ولم تكن قدماه ثبتت بعد على عرش أجداده خاف جيرته، وأبى أن يقدم له الضيافة فى بلاده، فعلم ملك إيطاليا «أميرتو» رفض عبدالحميد، فأسرع ووضع تحت تصرف صديق أبيه قصرا من قصوره فى ضواحى نابولى.
يؤكد «الرافعى»، أن إسماعيل أقام وزوجاته وأنجاله وحاشيته فى القصر المخصص له من ملك إيطاليا فى نابولى، وأخذ يتنقل بين مختلف العواصم الأوروبية، ولم تفارقه آماله فى العودة إلى عرش مصر، وسعى إلى ذلك سعيا حثيثا، ولكنه أخفق، ثم سكن الآستانة منذ سنة 1888 حتى توفى بها يوم 2 مارس 1892، وعاد جثمانا ليدفن فى القاهرة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة