أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

مصر والقمم "الثلاثية".. دبلوماسية بناء قيادة إقليمية "متعددة الأطراف"

الثلاثاء، 21 يونيو 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لم تكن القمة الثلاثية التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني ونظيره البحريني حمد بن عيسى آل خليفة في شرم الشيخ ليست الأولى من نوعها، فقد سبقها العديد من "الثلاثيات"، سواء في منطقة الشرق الأوسط، على غرار تحالف مصر والأردن والعراق، والذي دشنته الدول الثلاثة في بغداد، قبل ما يقرب من عام، بالإضافة إلى الشراكة الصناعية مع الأردن والإمارات، بينما تجاوزت النطاق الإقليمي إلى مناطق أخرى، نحو أوروبا، في إطار التعاون مع اليونان وقبرص، والذي انطلق من اتفاقية ترسيم الحدود بين الدول الثلاثة، للاستفادة من مصادر الغاز، ليمتد إلى مجالات أرحب لم تقتصر على المستوى الرسمي، وإنما امتدت إلى الجانب الشعبي عبر مبادرة "العودة للجذور"، والتي استهدفت تحقيق قدر من التواصل بين الأجيال الجديدة من أبناء تلك الدول من جانب، والمصريين الذين عاشوا مع أجدادهم على الأرض الطيبة من جانب اخر.
 
ولكن بعيدا عن فكرة الخروج عن النطاق الإقليمي، ربما يبقى الحديث عن التحركات المصرية في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا بالمنطقة العربية، يحمل أهمية كبيرة، في إطار تدشين مرحلة جديدة من القيادة الاقليمية، تحمل في طياتها بعدا جماعيا، يقوم في الأساس على تدشين تحالفات صغيرة، من شأنها التوسع، لتحقيق أكبر قدر من المصالح المشتركة، وصولا إلى حالة من الاستقرار الاقليمي، والخروج من دائرة الصراع اللامتناهي، التي هيمنت على المنطقة منذ عقود طويلة من الزمن، مما ساهم في حالة من الفوضى، أكلت الأخضر واليابس، وهو ما تجلى في أبهى صوره خلال العقد الماضي، في أعقاب "الربيع العربي"، وما ترتب عليه من تداعيات كبيرة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي او حتى على الجانب الاجتماعي.
 
ولعل مفهوم "القيادة الجماعية"، الذي باتت تتبناه الدولة المصرية، يبدو متوائما مع طبيعة المرحلة الدولية في اللحظة الراهنة، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها التغيير الكبير الذي تشهده الحالة الدولية، إثر صعود العديد من القوى الدولية البارزة، وقدرتها الكبيرة على مزاحمة الولايات المتحدة على قمة النظام العالمي، على غرار روسيا والصين، ناهيك عن حالة الاستقطاب التي تشهدها المنطقة في المرحلة الراهنة، في إطار صراع النفوذ، والذي تزايد بصورة كبيرة مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، في ضوء رغبة القوى المتصارعة في الحصول على أكبر قدر من الدعم الدولي لشرعنه تحركاتها الدولية.
 
مفهوم "القيادة الجماعية" لا يبدو متوائما فقط مع طبيعة المرحلة على المستوى العالمي، وإنما أيضا على المستوى الإقليمي، في ظل الحاجة إلى توحيد المواقف العربية في مواجهة الأزمات الاقليمية، سواء فيما يتعلق بالصراعات التقليدية، أو الأزمات الجديدة، المرتبطة بحالة الأمن الاقتصادي او أمن الغذاء أو الطاقة، وهو ما يعكس الطبيعة المتشابكة للتحديات، وتنوعها، وهو ما يتطلب في المقابل حالة من "التعددية" في مواجهتها، بعيدا عن المفهوم الأحادي، الذي سيطر على الأوضاع في المنطقة خلال السنوات الماضية، عبر التحالف مع القوى المهيمنة على العالم (الولايات المتحدة)، مما خلق قدرا من الصراع، أو على الأقل التنافس بين الدول العربية للصعود على مقعد القيادة الاقليمية، وهو ما ساهم بدوره في تقويض مفاهيم الوحدة والتوافق على أساس الهوية العربية.
 
وهنا أصبحت القيادة الاقليمية في الشرق الأوسط، مرتبطة بالتغييرات الكبيرة على المستوى الدولي، على اعتبار أن المنطقة جزء لا يتجزأ من العالم، وهو ما يعكس القدرة الكبيرة على تجاوز الخلافات البينية في الآونة الأخيرة والنجاح الكبير فيما يتعلق بالتوحد في مواجهة الأزمات الدولية الكبيرة، وعلى رأسها الازمة الاوكرانية عبر تبني منهج الحياد الايجابي، سواء المستوى الفردى للدول أو الجماعي تحت مظلة جامعة الدول العربية.
 
فلو نظرنا إلى دبلوماسية "الثلاثيات"، التي تتبناها الدولة المصرية، نجد أنها تحمل العديد من المشتركات، أبرزها التوافق على مواقف موحدة تجاه الأوضاع الدولية الراهنة، بالإضافة إلى توسيع إطار التعاون بين الدول الأطراف حول الكيفية التي ينبغي التعامل بها، سواء مع التداعيات المرتبطة بالوضع الدولي الراهن، وما يتبعه من تعاون أمني وعسكري، واقتصادي، أو الأزمات المستحدثة، على غرار الوباء أو ظاهرة التغيرات المناخية، عبر تعميم التجارب الناجحة في هذا الإطار.
 
وهنا يمكننا القول بأن الدولة المصرية تتحرك بواقعية، في إطار المعطيات الدولية الإقليمية، عبر ما يمكننا تسميته "بناء قيادة جماعية" للإقليم، من شأنها تحويل حالة المنافسة الإقليمية إلى تكامل، بعيدا عن "عنجهية" الفكر الأحادي، والذي ساهم في تأجيج الصراعات البينية في المنطقة العربية لسنوات طويلة، بينما يمثل امتدادا لمنهج الشراكة القائم على تقسيم المسؤوليات على الدول القادرة على القيام بدور أكبر على المستوى الدولي، في ظل العديد من التجارب التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك عدم قدرة دولة بمفردها على مواجهة الازمات الطارئة في صورتها الجديدة، والتي باتت تتجاوز الزمن والجغرافيا، وهو ما يعني الحاجة لمزيد من التعاون على المستوى الدولي.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة