الإعلامية هند أكرم ابنة الإذاعية حبيبة حمد الله فى حوار خاص مع "اليوم السابع": لولا والدتى ما كنت بكل ما تعنيه الكلمة وأحببت الإعلام من خلال شغفها وتفوقها.. ونجوى أبو النجا كانت بمثابة الأخت الكبرى لأمى

الأربعاء، 27 أبريل 2022 03:53 ص
الإعلامية هند أكرم ابنة الإذاعية حبيبة حمد الله فى حوار خاص مع "اليوم السابع": لولا والدتى ما كنت بكل ما تعنيه الكلمة وأحببت الإعلام من خلال شغفها وتفوقها.. ونجوى أبو النجا كانت بمثابة الأخت الكبرى لأمى الإعلامية هند أكرم والإذاعية حبيبة حمد الله
حوار أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- عملت مع الفنانة القديرة لبنى عبد العزيز في برنامج الأطفال الشهير Auntie Lulu كممثلة ولا أزال أشارك فيه حتى الآن

- حبيبة حمد الله كانت دائما بجانبي خلال عملى بماسبيرو وحضرت معي الاختبار وكانت في غاية السعادة دون أن تتكلم أو تتدخل

- أبرز برامج والدتى كانت "من علامات الإذاعة" و"دنيا المسرح" و"غدا تشرق الشمس" و"صباح الخير يا عرب".. ووجدى الحكيم أشركها في برنامجه "حكايات الأيام"

- أمى توفيت في هدوء تام دون أي ألم أو شكوى بعد عيد الفطر بيوم وكنا نعد أنا وهي لحفل عيد ميلاد أولادي

هى علامة بارزة في تاريخ الإذاعة المصرية عامة، وإذاعة صوت العرب خاصة، برامج لا تزال خالدة في أذهان المستمعين لما تفردت به من تميز الأفكار وعمق التناول وجودة الضيوف، تميزت بأنها مذيعة شاملة، حيث إعداد البرنامج وتقديمه، وتمكنت في المجالين الإعداد والتقديم.

وخلال حوارنا مع الإعلامية هند أكرم، تحدثت عن أبرز ما تعلمته من والدتها بعد قرارها بخوض غمار التجربة الإعلامية، وأبرز نصائح والدتها لها، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالى:

فى البداية كيف جاء عملك فى مجال الإعلام؟

بعد تخرجي التحقت ببرنامج الدراسات العليا للأدب المقارن بكلية الألسن وعملت بالتدريس بإحدى الجامعات الخاصة ورغم نجاحي في هذا المجال فهو لم يكن طموحي، بعد عامين من العمل بالتدريس شعرت أنني لا أستطيع المواصلة في مهنة لكونها مرموقة أو راتبها مجز حتى لو كنت ناجحة في أدائها وقررت أن أتركها بحثا عن حلمي وقد كان، فالتحقت بوظيفة مراسلة في إحدى القنوات الفضائية المصرية، تركت وظيفة مريحة مرموقة تقاضيت فيها 10 أضعاف راتبي في العمل كمراسلة وكنت في غاية السعادة أنني تجرأت على اتخاذ الخطوة. 

 

الإعلامية هند أكرم
الإعلامية هند أكرم
 

هل كان لوالدتك الإذاعية حبيبة حمد الله دورا في اتجاهك للعمل في الإعلام؟

بالتأكيد، دورها كان مباشرا وغير مباشر لولاها ما كنت بكل ما تعنيه الكلمة، فقد أحببت الإعلام من خلال شغفها ودأبها وثقافتها وتفوقها، كنت أتبعها كالظل وهي تعمل، لم تمر ثلاثة أشهر على عملي مراسلة في تلك القناة الفضائية حتى علمت من والدتي أن بي بي سي تحتاج إلى صحفيين جدد ولكنني سمعت منها المعلومة ولم أتخذ أية خطوة وهي من دفعتني للتقدم للعمل في بي بي سي وكان ردي وقتها أن خبرتي ما زالت صفر في مجال الإعلام كيف سأتقدم لهذه الوظيفة؟.

وماذا كان رد والدتك حينها؟

قالت ببساطة تتقدمين لها، أنت لديك إمكانيات تؤهلك لها أكثر من كثيرين لديهم الخبرة، وأتذكر هذا اليوم جيدا ولم أقتنع بثقتها في ولم أتقدم للوظيفة ولا تعلم أمي أحدا من بي بي سي ولكن أنظر ماذا فعلت، اتصلت والدتى بـ140 دليلا وطلبت رقم مكتب بي بي سي في القاهرة واتصلت بهم ورد مدير المكتب وقتها وقالت بمنتهى البساطة سمعنا أن بي بي سي تحتاج إلى صحفيين وتريد ابنتي التقدم للوظيفة هي خريجة كذا وتعمل كذا، فأجابها مدير المكتب بأن أرسل سيرتي الذاتية على إيميل أعطاه لها وكنت أحلس بجانبها طوال المكالمة وأنا أعمل على أحد أبحاث كلفت بها في الدراسات العليا، وأغلقت هي الهاتف وطلبت مني إرسال سيرتي بالإيميل وفقط فعلت ذلك لأنها كانت متحمسة كانت دائما متحمسة ومثابرة، بعد يومين تلقيت اتصالا من بي بي سي وتحدد موعد اختبار، وذهبت واختبرت سلسلة اختبارات وتلقيت بعدها بيومين آخرين مكالمة بأني قبلت، وبنفس بساطة اتصالها ب140 دليلا قبلت في الوظيفة كمترجمة ومذيعة صحفية.

الإذاعية الراحلة حبيبة حمد الله
الإذاعية الراحلة حبيبة حمد الله

 

ماذا قالت لك والدتك عندما قررت العمل في الإذاعة؟

شجعتني والدتي كثيرا لأنه اختياري ولأنها رأتني أسعد رغم طبيعة العمل المجهدة في الإعلام خاصة مراسل الشارع، فعندما التحقت أمي بإذاعة صوت العرب صنفت مذيعة أخبار وهو عمل يحتاج مواصفات خاصة وإمكانات لغوية وصوتية ونفسية أيضا للاستعدادية للعمل على الهواء يوميا إلى جانب الثقافة بالطبع ولكنها اتبعت شغفها واختارت المنوعات من اليوم الأول لأنها أحبت العمل بالإعلام الاجتماعي الفني والثقافي عن الجانب الإخباري السياسي. هي أيضا اختارت ما تحب حتى وإن تفوقت في غيره وهي تعلم أنني كنت أحلم بالعمل في الإعلام منذ طفولتي وكنت أخطط للعمل بالإعلام من عمر الرابعة عشرة. كنت متفوقة في المواد العلمية جدا ودخلت علمي علوم حتى أحصل على مجموع عال يؤهلني للالتحاق بكلية الألسن لا طب ولا صيدلة وحققت خطتي ومجموعي تخطى المطلوب حتى في كليات الطب والتحقت بالألسن قسم لغة إنجليزية كما أردت وكان هدفي من دراسة اللغة الإنجليزية لأني متفوقة في اللغة أنها ستساعدني في أي مجال ألتحق به في العمل أما خبرة الإعلام فكنت أراها يوميا أمام عيني طوال حياتي من خلال مراقبة أمي وملاحقتي لها وهي تعمل.

ماذا كانت وصية والدتك لك في مجال عملك؟

أمي كانت تحب أن تقوم بعملها من الألف للياء لأنها تعلم كيف تتقنه وكانت نصائحها لي في صور حكايات من تجاربها على مر السنوات والنصيحة المباشرة التي قالتها لي مرة وأعمل بها حتى اليوم، همومك الشخصية ومشاعرك ومشاكلك كالمعطف تخلعينه على باب الاستوديو لأن مشاعرك ستظهر على صوتك. ومن يومها وأنا بمجرد جلوسي او وقوفي أمام الميكروفون أو الكاميرا أتحول، وأصبح الصوت أو الصورة التي يجب أن أكون عليها.

الإذاعية الكبيرة حبيبة حمد الله
الإذاعية حبيبة حمد الله

 

ما الذى استفدته من والدتك في مجال عملك؟

كل موقف مرت به كل عقبة واجهتها وكيف تغلب عليها هي وكيف واصلت طريقها كانت بالنسبة لي نصيحة غير مباشرة وعملية، وتعلمت أن أتقن ما أعمل كانت أمي باحثة دؤوبة ومثابرة وشديدة الذكاء والحساسية. وعلاقاتها طيبة بالزملاء وبضيوف برامجها على حد سواء ولا تلتفت إلا للعمل فيخرج دائما في أحسن صورة.

ماذا تتذكرين عن أول اختبار لك في ماسبيرو؟

التحقت بالعمل في ماسبيرو بعد التحاقي بالبي بي سي، وعملت مذيعة في البرنامج الأوروبي بدوام جزئي إلى جانب عملي في بي بي سي، وكان الاختبار لطيفا للغاية ولم أكن أشعر بالرهبة بل شعرت أني في بيتي، والبرنامج الأوروبي له معزة كبيرة ومكانة في قلبي وكنت دائما من مستمعيه ومحبيه منذ صغري، وكانت سعادة بالغة أنا اكون زميلة لمذيعين كنت أحب الاستماع إليهم دائما وقبل هذا الاختبار كنت أيضا أعمل مع الفنانة القديرة لبنى عبد العزيز في برنامج الأطفال الشهير Auntie Lulu كممثلة وما زلت معها أعمل في هذا البرنامج حتى اليوم.

ماذا كانت نصيحة والدتك لك قبل ذهابك للعمل في الإذاعة؟

كانت والدتي نموذج يحتذى به، قدوة في العمل وليس فقط على مستوى شخصها في الحياة، ولم تكن ناصحة مباشرة على طريقة الوصايا العشر بل كانت تنصح عمليا تقود بالمثال وتعلم بالحكاية فمنذ طفولتي وأنا أتعلم منها الدرس بالحكاية لا بالنصيحة. ونفس الأمر يسري على خبرة الإعلام وكانت تصحبني معها أسبوعيا لتسجيل مسرحيات برنامجها "دنيا المسرح" لصوت العرب حتى عشقت المسرح وتعلمت أصول المحاورة وآداب التعامل واللياقة واللباقة أمام الفنانين والوزراء والسفراء، وتعلمت أن هيبة الشخصية العامة تقابلها ثقة وثقافة واحترام من المحاور يضعهما على نفس المستوى في الحوار، ولا انبهار ولا استعراض عضلات، وتعلمت أن الاستعداد الجيد والبحث المسبق أساس الخروج بحوار جيد. والمزحة المهذبة أو حتى الابتسامة الهادئة قد تكسر حدة توتر او رهبة لقاء، وكنت أحضر معها المونتاج أحيانا في استوديوهات الإذاعة وكنت أراقب دقتها في التقاط أدق التفاصيل وكنت أرى كيف يتحمل زملاؤها من مهندسي الصوت كثرة ملحوظاتها واهتمامها بتلك التفاصيل بحب ويتقبلون العمل الشاق بسعادة للطف شخصها بل وكنت أرى الشباب يتهافتون على العمل معها لأنها كانت معلمة نموذجية وقائدة محبوبة فضلا عن خبرتها وموهبتها.

الإذاعية حبيبة حمد الله الإذاعية بصوت العرب
الإذاعية حبيبة حمد الله الإذاعية بصوت العرب

 

عندما التحقت بالإذاعة.. هل قابلك تحدٍ أنك تعمل بالتليفزيون لأن والدتك مذيعة؟ وكيف تغلبت على ذلك؟

لم أواجه هذه المشكلة لأن والدتي لم تتوسط لي ولم تستغل علاقاتها كي ألتحق بالإذاعة وهي كانت سبب حبي للعمل الإذاعي نعم وساندتني وأعطتني من خبرتها الكثير وكانت سببا في التحاقي بالبي بي سي كما ذكرت لكن عندما عملت في ماسبيرو كنت أعمل بالإعلام بالفعل قبلها لكنها كانت دائما بجانبي وحضرت معي الاختبار وكانت في غاية السعادة دون أن تتكلم أو تتدخل.

ما هي أبرز البرامج التي قدمتها في الإذاعة وقريبة إلى قلبك؟

في البرنامج الأوروبي كنت أقدم فترات صباحية breakfast show على الهواء كمقدمة وقارئة نشرة وكان الممتع ردود أفعال المستمعين على قلتهم لأن البرنامج باللغة الإنجليزية. كنت أستقبل رسائلهم بمنتهى السعادة. لا يمكن أن أنسى إحدى الرسائل التي قالت صاحبتها "صوتك يفرحني في الصباح" .. ورسالة أخرى من مستمع يقول أنا ركنت سيارتي وجلست لأستمع لحلقتك الممتعة. وهذا بالنسبة لي كان مصدر طاقة وسعادة كبيرة لكن يظل الأحب والأقرب إلى قلبي هو برنامج ركن الطفل Auntie Lulu مع الفنانة لبنى عبد العزيز فهو من أمتع التجارب الإذاعية على الإطلاق ورغم غيابي عنه ست سنوات من حياتي في لندن، عدت له بعد عودتي للقاهرة، فهو مساحة إبداعية لن تتكرر ونموذج لا يوجد شيء مثله في الإعلام المصري حاليا، وبيئة العمل به مع الفنانة لبنى عبد العزيز مليئة بالحب والفرح خاصة وأن فريق العمل كله من الشباب الموهوبين الذين بقوا مع Lulu وأنا معهم لأننا نحبها، أما في بي بي سي فبرنامج بي بي سي إكسترا هو من أهم محطات حياتي تعلمت واستمتعت بالعمل فيه كثيرا في التقديم والإخراج بنسختيه الإذاعية والتليفزيونية.

الإعلامية هند أكرم والكاتبة نوال السعداوى
الإعلامية هند أكرم والكاتبة نوال السعداوى

 

من هم أكثر الضيوف الذين استضفتهم وتأثرت بهم؟

نوال السعداوي كانت من أكثر الضيوف إلهاما وتأثيرا من بين اللقاءات التي أجريتها، فلا يسعك سوى أن تحترمها وتحترم شجاعتها وإن اختلفت مع بعض آرائها.

ما هو أصعب موقف تعرضت له خلال مشوارك الإذاعى؟

عملي بالإذاعة كان على الهواء يوميا تقريبا، والعمل على الهواء له مصاعبه التي تتجدد بشكل يومي لكنه أيضا يكسبني صلابة ومرونة في الوقت نفسه، فلم تكن أي عقبة هي حائط يصدنا على العمل، لأنني على الهواء، فأنا مجبرة دائما على إيجاد الحلول والبدائل وهذه هي المرونة، أما الصلابة فتأتي في صورة هدوء نتعامل به دائما مع المشكلات اليومية من اعتذار الضيوف لتعذر الاتصال أو أعطال شبكات الاتصال إلى تغيير خطط بأكملها في آخر لحظة قبل الهواء لمواكبة الأحداث التي من الممكن أن تنقلب في لحظات، و الأصعب بالنسبة لي كان قراري الجريء بمغادرة لندن وترك العمل كمذيعة تليفزيون وإذاعة في أكبر وأكثر المؤسسات الإعلامية عراقة في العالم لأعود للعيش في مصر، وكان السبب فقط هو أنني أريد العيش في بلدي والخطوة على صعوبتها في نظر الجميع كانت في وقتها بالنسبة لي من أسهل ما يكون، فلم أكن أعلم ماذا ينتظرني في مصر ولم أخطط، فقط كان يملؤني إيمان وثقة أن الطريق مفتوح أمامي 

ما هي أبرز الحلقات التي لا تنسى خلال عملك الإذاعى؟

العمل الإذاعي والتليفزيوني اليومي علمني الكثير، فعشرات الموضوعات كنا نطرحها ونناقشها يوميا ونقابل مئات الضيوف من خبراء ومسؤولين أصقلت معرفتي وأمدتني بخبرات عديدة وذكريات لا تحصى لكن لا زال أمامي طريق طويل ولازلت أعتبر أنني لم أقدم أفضل ما عندي بعد، وأطمح لتقديم سلسلة من البرامج التثقيفية الترفيهية وسلسلة من وثقائيات ذات طابع أشبه بأدب الرحلات المرئي بصورة عصرية استخدم فيها خبرات 15 عاما من العمل في الإعلام بصوره المختلفة وأضيف إليها من جديد المجال.

ما هي النصيحة التي تلقيتها خلال مشوارك الإذاعى وحرصت على تطبيقها خلال عملك؟

كانت أمي دائما تردد لي مثلا فارسيا أحاول العمل به وأذكر نفسي به دائما: "العقدة التي يمكن حلها بالأيدي، لا يجب حلها بالأسنان"، يعني إعمال العقل دائما وعدم اللجوء للعنف أو عدم التعامل مع المشكلات بعصبية. وهي نصيحة لا تسري فقط على العمل بل على مختلف أمور الحياة، وكان أيضا من نصائحها أنني في بيئة العمل يجب ألا ألتفت لغير العمل وهو أمر صعب خاصة في أجواء منافسة غير شريفة أن تلتفت فقط لجودة عملك وتتركه يدافع ويصد عنك مناوشات غير الكفوئين وهذا يحدث في كل مكان والنجاح الحقيقي هو ينبع من تلك القدرة على الإبداع في العمل وإتقانه تحت أي ظرف دون التأثر بأي سلبيات محيطة، أمر حقا صعب.

 

من أبرز من دعمك خلال عملك في الإذاعة؟

حبيبة حمد الله كانت الداعم الأكبر لي بالطبع معنويا ومهنيا.، كانت من أكبر مستمعي ومتابعي أيضا، فكانت لا تفوت حلقة أو فترة على الهواء أو عملا أشارك به إلا وتكون أول المتابعين وتقول لي رأيها دائما وتناقشني في المحتوى، ومن أهم من دعمني في البداية أيضا استاذي وأستاذ والدتي الإذاعي القدير عبد الوهاب قتاية أطال الله في عمره، فهو من علمني أصول الإلقاء بأنواعه حتى الشعر والرياضة، ولا يمكن أن أنسى فضله حيث كان يسافر من مسافة بعيدة أسبوعيا ليعطينا أنا وقليل من الزملاء دورة الإلقاء الإذاعيون كلل أو ملل وكنت من أحرص الناس على حضور هذه الدورة لإدراكي لقيمة ما يقدمه لنا من خلاصة خبرته الإذاعية العريقة ومشواره الطويل ولا يمكن أن أغفل دعم زوجي حيدر البطاط لي منذ بدأت العمل والتقينا في بي بي سي وحتى اليوم فهو دائم المساندة لي ومتفهم لطبيعة العمل المجهدة بحكم عملنا في مهنة واحدة ومن منطلق تحضره كذلك في التعامل معي ودعم اختياراتي.

الإعلامية هند أكرم داخل الاستوديو
الإعلامية هند أكرم داخل الاستوديو

من هم القدوة ومثلك الأعلى في الإذاعة؟

لن أملّ أبدا من قول حبيبة حمد الله، كانت قدوة ونموذجا صعب يتكرر، مثل أعلى في المهنية والاحتراف والعمل بشغف حتى آخر نفس، وظل حماسها متقدا طوال سنوات عملها تماما كأول يوم لها في الإذاعة.. شعلة لم تنطفئ حتى رحيلها، ومن الإعلاميين على مستوى العالم ممن أتطلع إليهم على اختلاف أساليب عملهم وتخصصاتهم وتوجهاتهم أوبرا وينفري، لاري كينج، تريفور نوح، كريستيان امانبور، ديڤيد اتنبورو، كل منهم لديه ميزات ونقطة تألق وقوة تختلف عن غيره لكنهم جميعا يستحقون التقدير ويستحقون أن يكونوا مثلا أعلى.

 

لننتقل لوالدتك.. من كان أقرب الناس من الإذاعية حبيبة حمد الله؟

كان لها أحباء كثر من أساتذتها وتلاميذها، وأتذكر الأقرب من أساتذتها والذين كنا نعتبرهم أقرب من الأهل السيدة نجوى أبو النجا رحمة الله عليها، كانت لها بمثابة أخت كبرى أو أم، وظل الود والتزاور متصلا بينهما حتى وفاتهما في نفس العام، وكذلك كانت على قرب من الأساتذة الكبار أستاذة تهاني رمضان وأستاذة رباب البدراوي والأستاذ عبد الوهاب قتاية، وظلت على تواصل مع أساتذتها بعد سنوات من تقاعدهم لأنها ولأنهم أناس من أصول طيبة جمعتهم الإنسانية لا المصالح.

الإذاعية حبيبة حمد الله وابنتها
الإذاعية حبيبة حمد الله وابنتها

 

كيف شعرت بحب الناس لوالدتك في الإذاعة؟

كنت أراه في عيونهم في حضورها وصوتهم مليء بالسعادة عندما يلتقونها ولكن شعرت بحجم هذا الحب حقا بعد وفاتها بأشهر حين جمعتني الصدفة بعدد من الشباب الذين عملت معهم في مشروع صوتي إذاعي وكانوا جميعا من صوت العرب، وبمجرد معرفتهم أنني ابنة حبيبة حمد الله كانت تتغير ملامحهم ونظرتهم فورا ويقفزون لاحتضاني، فأدركت وقتها كم الحب والاحترام الي يمكن أن يتركه إنسان وراءه بعد رحيله وأن هذا هو الأثر الباقي، والسيرة الطيبة والمشاعر الحقيقية، وكانت عندما تسافر لأي بلد عربي تأخذ معها هدايا صغيرة رمزية توزعها على الجميع حتى سائق المطار، فهي في كل مرة لا تعلم من ستقابل في بلد غريب لكنها تترك أثرا طيبا دائما وراءها من حسن المعاملة والتلطف يجعل الناس يسألون عنها أي قادم من مصر بعدها ويرسلون معه السلام والتحية والكثير من المديح، فهذه هي السيرة التي يتركها الطيبون.

 

هل كانت الإذاعية حبيبة حمد الله توازن بين عملها وكذلك بين جلوسها مع أبنائها؟

كثيرا.. كانت شديدة الحرص على أن تتواجد معنا أنا وأخوتي رغم مشاغلها، كنا أولويتها الكبرى في الحياة، وأثمر هذا التفاني وندرك اليوم أنا وأخوتي كم بذلت من جهد كبير كي تحدث هذا التوازن دون تقصير في بيتها أو عملها، وكانت قائدا حاسما وبشوشا حنونا في الوقت نفسه، فلم تدخر وقتا أو جهدا في رعايتنا وتوجيهنا وبنائنا حرفيا، ومع ذلك ظلت متألقة وعطاءة ومبدعة في عملها رغم كل الأحمال والصعوبات، بل وكان يزداد هذا الإبداع والتألق مع الزمن، فلم تكن مدفوعة في بداية مشوارها بحماس الشباب فحسب، كان كل مشروع عمل جديد تقبل عليه يصاحبها نفس الحماس الأول بل ومع النضج وخبرة السنوات بدأت أعمالها تحصد الجوائز في أصعب وأكثر الفترات امتلاءا بالمشاغل والمسؤوليات الأسرية.

كيف ترين مشوار والدتك الإذاعية حبيبة حمد الله خاصة بإذاعة صوت العرب والتي تعد أحد أعلامها؟

مشوار حبيبة حمد الله الإذاعي لا يمكن تلخيصه في كلمات قليلة ولا في عدد من البرامج، فقد كانت كل حلقة وكل عمل تقوم به مميزا، وعملها استثنائي بكل المقاييس ومدفوع ومدعم بشخصيتها الذكية الحساسة الدؤوبة الحماسية واسعة الثقافة، ومشوار أفخر به وافخر أنني شهدت أغلبه على مدى سنوات حياتي، فلم يكن مشوارها إنجازا شخصيا فقط، والأعظم في هذا المشوار أنها نقلت هذه الخبرات لأجيال بعدها، أعطت المساحة لآخرين ممن لديهم الشغف والطموح وأخذت بيدهم وقدمتهم ودفعتهم ليصبح صوتهم مسموعا بثقة، وحاورت كبار المسؤولين وأهم نجوم العرب في الفن بأنواعه والأدب والثقافة ولم يكن هذا بالنسبة لها مصدرا للتباهي ولا من باب تأدية الواجب بل كانت تفعله بحب وسعادة.

ما الذى كانت تمثله والدتك لك خلال عملك الإعلامى؟

كانت ولا زالت تمثل لي قدوة في العمل والحياة، والموهبة والتألق بلا غرور ... العطاء بلا حدود..  الصبر والثبات... القوة بلا تجبر... التمسك بالمبدأ والإخلاص في كل فعل... الشجاعة في قول الحق... الدفاع عن المظلوم والمحتاج دون انتظار مقابل أو شكر وقوفا مع الحق... الاحتفاظ بروح البراءة والمرح رغم كل منعطفات وقسوة الحياة... كلها كانت متمثلة في أمي وكلها محاسن أتطلع إليها.. وهي أمور صعبة التحقيق بالمناسبة خاصة في العمل.. وبشكل أكبر في العمل الإعلامي المنفتح وشديد التنافسية بطبيعته.

 

صورة نادرة للإذاعية حبيبة حمد الله
صورة نادرة للإذاعية حبيبة حمد الله

 

ما هي أبرز إنجازات والدتك في الإذاعة؟

قدمت والدتي الكثير من الأعمال الإذاعية التي لا تنسى على مدار سنوات، أذكر مثالا لا حصرا برنامج من علامات الإذاعة في صوت العرب، حيث قدمته حبيبة حمد الله لما يقرب من ثلاثين عاما وربما يزيد، وبرنامج "دنيا المسرح" وهو من أجمل ما يمكنك الاستماع إليه في المجال الفني وكانت تقدم ثقافة فنية في قالب ممتع وراق، وقدمت مجموعة من البرامج اليومية الدورية التي كان لها بها يوم ثابت على الهواء مثل "غدا تشرق الشمس" و "صباح الخير يا عرب" و "اللقاء المفتوح" .. وبرنامجها مع وجدي الحكيم "حكايات الأيام"، هذا إلى جانب السهرات الخاصة بالمناسبات والفترات المفتوحة التي كانت تقدم فيها دوما ما يختلف عن التقليدي، فقد كانت لديها لمستها الفنية الخاصة وكان تملك بحرا متجددا من الأفكار، وإضافة لكل هذا عندما قررت دخول عالم كتابة السيناريو قدمت برامج وثائقية درامية خاصة كتبت السيناريو والحوار الدرامي لها وشاركت بتقديمها مع كبار الممثلين بالإذاعة وكانت تجربة مختلفة تماما عن كل ما يقدم وحصدت العديد من الجوائز بمهرجانات الإذاعة والتليفزيون والتكريمات من جهات عديدة على أعمالها الإبداعية.

 

من أبرز من دعم الإذاعية حبيبة حمد الله خلال عملها في الإذاعة؟

أسماء كثير من أعلام الإعلام المصري من بينهم من ذكرت سابقا، الأستاذة نجوى أبو النجا أولهم وكذلك الإعلامية القديرة رباب البدراوي، وكذلك الإعلامي الكبير وجدي الحكيم الذي اختارها لتشاركه التقديم من بين كل الزملاء عندما قرر العودة لصوت العرب ببرنامج "حكايات الأيام" لتحاوره عن ذكرياته مع ألمع نجوم العالم العربي، كذلك ممن دعموها من أساتذة الإعلام الأستاذ محمد مرعي والأستاذ فرج أبو الفرج.

 

لماذا لم تفكرون كأسرة في نشر مذكرات الإذاعية حبيبة حمد الله ؟

أتمنى بالفعل جمع قدر ما أستطيع من أعمالها الإذاعية لعمل مكتبة رقمية لتخليد هذه الأعمال، أما كتابة مذكرات ونشرها، وأظن أفضل من كان سيكتب تلك المذكرات هو حبيبة حمد الله نفسها، كانت حكائية من الطراز الأول وترى بعين ثاقبة وتحلل المواقف بقدر كبير من الدقة إلى جانب شفافيتها، وقد أكتب عنها نعم، لكن مذكراتها، لا أدري إن كنت الأقدر على فعل ذلك.

 

هل تتذكرين وصية لوالدتك إليك قبل وفاتها؟

لم تكن أمي تتعامل مع الحياة وكأنها تقترب من الموت، صحيح أنها دائما كانت تقول لو مت لا تخافوا، وأتذكر هذه العبارة منذ طفولتي لكني لم آخذها جديا أبدا، وحتى عندما مرضت مرات لم أعتبرها أبدا قريبة من الموت والموت ليس ببعيد عن أحد، وتوفيت في التاسعة والخمسين في هدوء تام دون أي ألم أو شكوى بعد عيد الفطر بيوم عام 2017 وكنا نعد أنا وهي لحفل عيد ميلاد أولادي، وكانت قبل رحيلها بيومين تلعب مع أولادي بمنتهى النشاط والفرحة كأنها طفلة مثلهم، وكانت في كل لحظة أقرب للحياة من الموت حتى في أشد لحظات التعب، ووصيتها لم تكن كلمات قبل رحيلها، فقد كانت دروسا تعلمناها طوال الحياة، ووصيتها الأهم والأكبر والتي لم تقلها بل زرعتها زراعة هي أن نبقى معا أنا وأخوتي، ولم يذهب تعبها سدى وسنبقى معا قدر ما زرعته فينا من حب.

 

ما هي أبرز الجوائز التي حصلت عليها الإذاعية حبيبة حمد الله خلال مشوارها الإعلامية؟

حصلت والدتي على العديد من الجوائز في أعوام متتالية على نوعية من البرامج الخاصة لم تكن مألوفة وقتها، وربما حتى اليوم لا يوجد هذا النوع من الدراما الوثائقية الممثلة خفيفة الظل والمليئة بالمعلومات في الإذاعة، وكتبت سيناريو برامجها الدرامية وبرعت في كتابتها وحصدت جوائز الإبداع والإعداد في مهرجان الإذاعة والتليفزيون لأكثر من عام، وكانت السبب في فوز الإذاعة المصرية بجائزة أفضل إنتاج عن برامجها في مهرجان الإذاعة والتلفزيون، وكان أولها البرنامج الوثائقي الدرامي "كتاب الأمان"، وفي مهرجان القاهرة العاشر للإذاعة والتلفزيون، وفئة جوائز الإبداع الإذاعي - حصدت جائزة المهرجان الخاصة - أحسن معد – ذهبية، وعن نفس البرنامج حصلت الإذاعة المصرية على جائزة أفضل إنتاج، كذلك حصدت جائزة أفضل برنامج في مهرجان الإعلام العربي في دورته الثالثة عشر عن وثائقي حواري آخر.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة