وأضافا في مقال لهما نشرته مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية أن الرئيس بوتين توعد بالفعل خصومه بعواقب ليس لها مثيل على مر التاريخ في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي، أدى هذا التهديد من جانب بوتين إلى حدوث حالة من التخبط والاضطراب لدى القيادات السياسية والأمنية في الدول الغربية بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا أولا، إلى جانب التهديد الروسي شديد اللهجة باستخدام السلاح النووي، ومما أكد المخاوف الغربية من استخدام روسيا للسلاح النووي قيام القوات الروسية بقصف محطة زابوروجييه للطاقة النووية في أوكرانيا.

وأشار المقال إلى أن تلك المواقف من جانب بوتين أدت إلى تذكير حلف شمال الأطلسي بحقبة كان يُعتقد أنها أصبحت في طي النسيان وهي حقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حين كانت مخاطر المواجهة المباشرة والتصعيد غير المتوقع بين الطرفين احتمالاً واردا إلى حد بعيد، إلا أن التعامل الآن بعقلية الحرب الباردة السابقة يمثل تحدياً كبيراً لأسباب عديدة أولها أن تهديد بوتين باستخدام السلاح النووي جاء في وقت الدول الغربية غير مستعدة فيه لتناول المسألة النووية، حيث إن العواصم الغربية حالياً تفتقر إلى الخبرة لتناول هذا الموضوع بعد تلاشي الخطر السوفيتي الذي كان قائماً إبان الحرب الباردة، بل إن الموقف الحالي أصبح أكثر خطراً من الحرب الباردة لأن الأجيال السابقة من القادة كان لديهم الخبرة للتعامل مع الأزمات الناشئة عن التهديد بشن حرب نووية حيث كان بمقدورهم التصدي لهذه الأخطار والحيلولة دون وقوع تلك الحرب، أما صناع القرار السياسي في الدول الغربية الآن ليس لديهم تلك الخبرة.

ونوه المقال إلى أنه علاوة على ذلك، فقد تلاشت تدريجياً الأُطر القديمة للاتفاقيات الأمنية الموقعة بين روسيا من جانب، وأمريكا والدول الأوروبية من جانب آخر في أعقاب الحرب الباردة والتي كانت تعزز المنافسة العسكرية الغربية في مواجهة روسيا، كما كانت تشكل إطاراً لتنظيم العلاقة بين الطرفين.

وأشار إلى أن العنصر الثالث الذي يزيد من مخاطر بزوغ الخطر النووي حاليا هو أن سياسة الردع نفسها لم تعد بنفس الأهمية في عصرنا الحالي كما كانت في السابق وذلك طبقاً لما أشار إليه هنري كيسنجر وجورج شولتز وزيرا الخارجية الأسبقين حين أكدا أن الردع النووي أصبح الآن غير ذي جدوي بل وأصبح ينطوي على خطر استخدام السلاح النووي ولو على نحو غير مقصود.

وأوضح أزرييل بيرمانت وواين ريس، في مقالهما، أن التطور التكنولوجي في العصر الحديث أضاف المزيد من التعقيدات، ومثال علي ذلك ما أعلنه بوتين عام 2018 عن قدرة بلاده علي نشر العديد من الأنظمة النووية الحديثة لتشمل طائرات نووية بدون طيار تعمل تحت سطح الماء وصواريخ كروز نووية، ناهيك عن التطور الكبير في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبرانى والذى يهدد بكارثة حقيقية في حالة اختراق أنظمة التحكم والسيطرة علي الأسلحة النووية من جانب قراصنة الكمبيوتر.

وأعربا عن اعتقادهما أن هذه المخاطر والتطورات تستلزم على الدول الغربية أن تعيد التفكير في استراتيجياتها الأمنية على المدى القصير والبعيد، فعلى المدى القريب يجب على الولايات المتحدة وحلفائها التركيز لإقناع بوتين بالانسحاب من أوكرانيا، في مقابل رفع العقوبات المفروضة على بلاده ومنح الكرملين ضمانات أمنية بعدم حشد قوات لحلف شمال الأطلسي على الحدود الروسية، أما على صعيد استراتيجية المدى البعيد، يجب على الناتو أن يسعى إلى إعادة بناء قدراته الأمنية والتي تمكنه من مواجهة أي توترات بين الشرق والغرب في المستقبل سواء على المستوى التقليدي أوالنووي.