مجتمع مطروح بين الماضى والحاضر.. عادات وتقاليد راسخة تتحدى الزمن.. "المرضى" القاضى العرفى للقبائل وتقره القوانين.. الرغاطة والمنحية أهم مظاهر التكافل الاجتماعي والقرآن والفضة سلاح البدوية للتحصين من السحر

الثلاثاء، 29 مارس 2022 10:00 م
مجتمع مطروح بين الماضى والحاضر.. عادات وتقاليد راسخة تتحدى الزمن.. "المرضى" القاضى العرفى للقبائل وتقره القوانين.. الرغاطة والمنحية أهم مظاهر التكافل الاجتماعي والقرآن والفضة سلاح البدوية للتحصين من السحر بدو مطروح
منة الله حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الكثير منا فى ربوع مصر المختلفة لا يعرفون عن المحافظات الحدودية إلا القليل، على الرغم أنها تٌعد من أهم الأماكن فى مصرنا المحروسة، محافظة مطروح، إحدى تلك المحافظات والتى تجمع بين متناقضات كثيرة جميعها تكاد أن تسلب العقل من فرط جمالها. فرغم أنها صحراء جرداء إلا أن جمال الحياة البرية فيها لا يقأوم، وخاصة تلك الخيوط الذهبية التى تخلب العقل حين تعانق الشمس موجات رمالها. وواحاتها الخضراء التى تعلن لغة المكان وأبجدية التواصل بين الإنسان والحيوانات البرية.

وتتكون محافظة مطروح من ثمانى مدن ومراكز تبدأ من بعد محافظة الإسكندرية. والمعهود عن سكان الصحراء بطبيعة الحال أن لديهم من فراسه الصحراء ودهائها ما يؤهلهم للعيش فى حياة خاصة تتماشى مع طبيعتهم البيئية، فوضعوا قوانين صارمة فى شتى المناحى الحياتية، وعادت وتقاليد لا يمكن التخلى عنها، ولكى نعرف الكثير عن قوانين الحياة البرية والبدوية فى "مطروح" التقينا مع الدكتور حمد خالد شعيب رئيس لجنة الحفاظ على التراث وعضو اتحاد كتاب مصر، والذى قال إنه من الشائع أن سكان منطقة برقة وهى المنقطة الغربية لمصر وتبدأ من الاسكندرية وحتى حدود دولة ليبيا، جميعها قبيلة وأحدة وهى أولاد على، وهذا خطأ شائع يجب تصحيحه، حيث أنهم تركيبة من خمس قبائل عربية هم"أولاد على البيض، أولاد على الأحمر، السنينة، جميعات، القطعان".

 

التزام سكان الصحراء الغربية بقانون أولاد على

ولتلك القبائل عادت وتقاليد وقوانين وضعوها بأنفسهم تحدد التعامل والعلاقات فيما بينهم كما قال"شعيب"، كالقضاء العرفى المعمول به والمسمى بـ"ضربة أولاد على"، وهو القانون الذى يحكم بين أبناء هذا المجتمع وهو بمثابة دستور واجب النفإذ، والقاضى فى المجتمع البدوى لابد وأن تكون أثبتت التجارب أنه لا يضيع عنده الحق لذلك يلقب بـ"المرضى" أى أن الجميع قد ارتضاه وارتضى بحكمه.

فمثلًا إذا حدثت جريمة قتل فى إحدى القبائل واتُهم أحد الأشخاص من قبيلة أخرى، فإن القاتل يبحث عن قبيلة ثالثة ينزل عليها وله ما يسمى بحق الزوّار، وتكون هذه القبيلة الثالثة لها حق فض هذا النزاع وحل المشكلة، وهذا فى قانون القبائل العربية يسمى بالنزالة ومدتها عام كامل يجب أن يتم خلاله الصلح بين القبيلين، كما يجب أن تبعد قبيلة القاتل عن قبيلة القتيل حوإلى 30 كيلو متر وهذا حقنًا للدماء.

ويكمل رئيس لجنة الحفاظ على التراث حديثه قائلًا: فى الثقافة البدوية فإن حتى كلب الحراسة له ديه، فإذا قتل الكلب يأتون بالشخص الذى قتله، ونكايًة فيه يمسكه من ذيله، ثم يأتى بنو عمومته أو أقاربه يلقون عليه القمح حتى يغطيه كاملًا أو يأتى بصاحب الكلب ويقول أكتفى بذلك، وكانت الدية فى دستور "ولاد على" تقاس بسعر ناقة، مثلًا فدية الرجل كانت تسأوى 100 ناقة، فإذا كان سعر الناقة وقتها 4 جنيهات فإن فدية الرجل يسأوى 400 جنيهًا، وقد اعترفت الدولة بالقضاء العرفى فقد عينت الآن فى كل قسم شرطة رجل من القبائل العربية لكى يحتكم عنده الشاكى قبل أن يدخل النزاع إلى ضابط الشرطة، وهناك قضايا قتل فصل فيها هذا البدوى المعنى بالقضاء العرفى واعترفت بها الدولة ووقعت على هذا الحكم.

 

الرغاطة والمنحية من عادات التكافل الاجتماعى فى مطروح

ومن العادات والتقاليد الجميلة التى مازالت فى مجتمع مطروح حتى الآن هى "الرغاطة أو ألفزاعة" وهى المساعدة بدون مقابل ومد يد العون وبدون أن يطلب أحد، فإذا كان هناك يوم حصاد تجد الجميع يمد يده لمساعدة جاره، "المنحية" هى مساعدة ألفقير بدون أن يشعر بأى حرج، فيمنحوهم غنمة ولادة حلوب كى يستفيد منها، وهذه العادة تعد من أسمى العادات بين سكان البدو، وفى الأفراح أيضًا فإن كل وأحد من الجيران وأهل العمومة يأتى بذبيحة سواء كانت شاه أو خروف إهداء لصاحب ألفرح.

 

الحفاظ على المرأة أهم العادات والتقاليد البدوية

كما أن المرأة البدوية لا يجب أن تخرج من بيتها لأى سبب، مثلًا حين تصنع المرأة البدوية عجنيها ولم يكون زوجها متواجد وليس لها أولاد ذكور، فإنها تضع صينيتها على باب المنزل، ومع أول شخصٍ يمر يأخذ الصنية ويذهب بها إلى ألفرن للتسوية، وبعد الآنتهاء يقوم ألفران بإرسال الصينية إلى البيت ويضعها أمام الباب ويطرقه ثلاث طرقات وينصرف فتعرف المرأة وتأخذ صينيتها وقد نضجت، وكانت المرأة البدوية التى كان يموت زوجها قديمًا كانت تنكس خيمتها لتعن حزنها على فقدان غالي، كما ذكر "شعيب".

 

 القرآن وألفضة سلاح البدوية للتحصين من السحر

وأكمل رئيس لجنة الحفاظ على التراث فى مطروح، لو تحدثنا عن المعتقدات القبلية نجد منها الحسد والسحر، فإن سكان البادية يعتقدون مهم درجة عالية، فإذا كان هناك مولود ذكر فأمه تلبسه ملابس بالمقلوب، أو تضع "هباب" الوقيد على وجهه كى يظهر متسخًا ظنًا منها أنها تعكس الحسد عنه، وأيضًا تجد بعض الرجال مهما كانت درجتهم العلمية إلا أنه يعلق كف" خمسة وخميسة" على باب منزله أو داخل سيارته، أما عن تجب السحر فكانت المرأة البدوية تقوم بقراءة الآيات القرآنية على الماء ثم تقوم برشه فى أطراف البيت للتحصين، وكانت تقوم بوضع الأسأور ألفضة أو" ألفجرة" فى ماء مقروء عليه آيات من القرءان الكريم وتتركه ليلة كاملة ثم يشرب منها المسحور ليشفى.

 

الشعر والحجالة من روائع الموروثات الشعبية البدوية

أما عن ألفنون الشعبية فتنقسم إلى 5 فنون "الحركى، القولي، الموسيقى، التشكيليى، درامى"  واحتل الشعر وهو ألفن القولى مكانة مرتفعة، فهو الخطاب "السرى" الذى يصل إلى صاحبه فيدركه حتى لو كان وسط مجموعة، مثلًا يقول الشاعر" يجود عليا الخيرين بمالهم وأنا بمال الخيرين أجود، أريد الزينة والزينة تكيدنى كيف ما تكيد الهزل الصعود"، أما الأداء الحركى فيظهر فى فن "الحجالة "، وهى رقصة تقوم الراقصة فيها بالهز يمين وشمال بطريقة الحجل، فى البداية يقف حوإلى عشرة شباب ينادون الحجالة بالشعر يقولوا "بطانا برجوا فى عِجال.. جرى لقدام شوي"، ومعناها يالا تعإلى بسرعة، وبعد أن تدخل الحجالة يبدأ الشباب ينقسم إلى فريقين وكل فريق يخرج منه قائد يقول بيت من الشعر، وهى تميل على الجانب الذى يقول شعر أقوى فى الكلمات والمعانى، وتكون هى الحكم بين ألفريقين وتنتهى الحجلة بفوز ألفريق الأشطر فى الشعر".

 

أفراح البدو
أفراح البدو

 

الأغنام فى الصحراء
الأغنام فى الصحراء

 

العدد الورقي
العدد الورقي

 

بدو مطروح
بدو مطروح

 

بدوية مع الأغنام
بدوية مع الأغنام

 

بدوية وشجرة الزيتون
بدوية وشجرة الزيتون

 

جلسة عرفية
جلسة عرفية

 

جلسة. عرفية
جلسة. عرفية

 

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة