تسابق أغلب دول العالم الوقت للسيطرة على الاثار الخطيرة للتغيرات المناخية الناجمة عن التلوث الذى سببه الانسان للطبيعة مما اضر بكوكب الأرض واحدث تغيرات بيئية يصعب السيطرة عليها .
ومن بين القطاعات الملوثة للبيئة والتي يسعى العالم للحد منها قطاع النقل المتمثل في كافة المحركات التي تعمل بالوقود الاحفورى ، حيث يسهم قطاع النقل حالياً بنحو ربع الانبعاثات العالمية المتعلقة بالطاقة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري و 16% من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بحسب البنك الدولى ، مما يجعل هذا القطاع حيويا في مساعدة البلدان المعنية على الوفاء بالتزاماتها المناخية.
وفي الوقت نفسه، فإن البنية التحتية للنقل معرّضة على وجه الخصوص لمخاطر المناخ، فالظواهر الجوية كالفيضانات أو الانهيارات الأرضية يمكنها إصابة شبكات النقل بالشلل سريعاً، مع إحداث آثار متلاحقة شديدة على الحياة الاقتصادية وجهود التعافي.
وعادة ما تؤدي التغيرات على المدى الطويل في درجات الحرارة وأنماط التساقطات المطرية أيضاً إلى تقليل الأعمار الافتراضية لأصول النقل والحد من اعتماديتها.
وللتصدي لهذه التحديات، يساند البنك الدولي طائفة واسعة من مشروعات النقل المراعية لاعتبارات المناخ في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. فبين السنتين الماليتين 2017-2020، ارتبطنا بتوفير ما مجموعه 3.7 مليارات دولار لمساندة البنية التحتية اللازمة لقطاع نقل منخفض الانبعاثات الكربونية قادر على الصمود، ومساندة السياسات والتخطيط. وهناك 58% من تمويل البنك الدولي لمشروعات النقل في السنة المالية 2020، نحو 1.9 مليار دولار، عاد بمنافع مشتركة على صعيد التخفيف من تغير المناخ و/أو التكيف معه.
على الصعيد العالمى فان التوسع في صناعة السيارات الكهربائية يتزايد بشكل كبير للمساهة في خفض تلوث قطاع النقل حيث اكد تقرير حديث صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن عام 2017 وصلت مبيعات السيارات الجديدة إلى ذروتها؛ حيث بلغت حوالي 66 مليون سيارة في 60 دولة، قبل أن تتعثر في 2018- 2019.
وجاء فيروس "كورونا" فأحدث تقلبات شديدة في كل الأسواق تقريبًا؛ فخلال عام 2020، انخفضت تسجيلات السيارات الجديدة بنسبة 16.5٪، وكان الانخفاض أكثر حدة في النصف الأول من العام، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 31٪ على أساس سنوي؛ بسبب حالة الإغلاق التي دخل فيها معظم العالم، حيث تأثر كلًا من العرض والطلب بسبب إغلاق المصانع والوكالات، وبداية من النصف الثاني من العام بدأت الأسواق تتعافى تدريجيًّا، وقد ارتفعت مبيعات السيارات الجديدة بنسبة 7.8٪ فى نهاية عام 2021، وسيستمر التعافي في أسواق السيارات العالمية في عام 2022، مع زيادة مبيعات السيارات الجديدة بمعدلات نمو مماثلة لتلك التي حدثت في عام 2021.
كذلك فقد تعافت مبيعات السيارات الجديدة في أمريكا الشمالية وآسيا خلال عام 2021، ومن المتوقع تعافي مبيعات السيارات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية خلال عام 2022، ولكن سيتعين على أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية الانتظار حتى عام 2023، للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، وستشكل الصين وحدها 30٪ من المبيعات في عام 2022، بينما سيشكل نصيب الولايات المتحدة 19٪.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية كانت هي النقطة المضيئة الوحيدة للصناعة خلال انتشار الوباء؛ فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تم تسجيل 3 ملايين سيارة كهربائية جديدة في عام 2020، بزيادة قدرها 41٪ عن العام السابق، واستمر الزخم القوي للسيارات الكهربائية في العام نفسه؛ حيث وصلت المبيعات في الربع الأول من عام 2021 إلى أكثر من ضعف المبيعات في الفترة نفسها من العام السابق، وذلك بسبب الحوافز الحكومية لدعم التعافي البيئي، وتشريعات الانبعاثات الأكثر صرامة، وإطلاق نماذج جديدة.
ومن المرجح أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة بنسبة 51٪ عام 2022، وهو ما يمثل حوالي 9٪ من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، وبناء على هذه المعدلات الهائلة للنمو، بحلول عام 2025، ستصل مبيعات المركبات الكهربائية إلى 8.7 ملايين سيارة، أي حوالي 19٪ من إجمالي السوق.
وقد استحوذت الصين على حوالي 51٪ من سوق السيارات الكهربائية العالمية في عام 2019، ولكن من المرجح أن تتقلص حصتها إلى 44٪ مع نهاية عام 2021، فقد كانت الحكومة الصينية قبل الوباء تخطط للتخلي التدريجي عن مخطط الدعم الذي دام عقدًا من الزمن للسيارات الكهربائية الجديدة بحلول نهاية 2020 ثم تم تأجيل الخطة حتى عام 2022، لكن الحكومة قررت خفضها بنسبة 10٪ في عام 2020، و20٪ في عام 2021 وبنسبة 30٪ في عام 2022، وقد بدأ المصنِّعون المحليون يفقدون قوتهم أمام المنافسين الغربيين مثل شركة "تسلا"، مع تزايد عمليات إطلاق المركبات الكهربائية.
وفي الوقت نفسه، نمت سوق السيارات الكهربائية في أوروبا بنسبة 170٪ في عام 2020، حيث استغلت الحكومات الوباء كفرصة لزيادة دعمها للمركبات الكهربائية، ومن المتوقع أن تتفوق السوق الأوروبية على السوق الصينية حيث تقدم دول الاتحاد الأوروبي والرابطة الأوروبية للتجارة الحرة والمملكة المتحدة الآن مجموعة من إعانات الشراء والحوافز الضريبية، وقامت الحكومة الألمانية بتمديد الدعم على مشتريات السيارات الكهربائية حتى عام 2025.
وقد أنفق المستهلكون 120 مليار دولار أمريكي على شراء السيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 50٪ عن عام 2019، والتي تنقسم إلى زيادة بنسبة 41٪ في المبيعات، 6٪ زيادة في متوسط الأسعار، ففي عام 2020، كان متوسط السعر العالمي للسيارة الكهربائية حوالي 40 ألف دولار أمريكي، و50 ألف دولار أمريكي للسيارة الكهربائية الهجينة، وأنفقت الحكومات في جميع أنحاء العالم 14 مليار دولار أمريكي على حوافز الشراء المباشر والخصومات الضريبية للسيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 25٪ على أساس سنوي، ومع ذلك، فقد انخفضت حصة الحوافز الحكومية في إجمالي الإنفاق على المركبات الكهربائية من 20٪ في عام 2015 إلى 10٪ في عام 2020.
وجدير بالذكر أن كل هذه الزيادة في الإنفاق الحكومي كانت في أوروبا، حيث استجابت العديد من البلدان الأوروبية للانكماش الاقتصادي الناجم عن الوباء من خلال خطط الحوافز التي عزَّزت مبيعات السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن تقوم شركات صناعة السيارات بتوسيع خطط إطلاق السيارات الكهربائية، ومن المرجح أن تكون هذه المتطلبات أكثر صرامة في البلدان المتقدمة؛ في ضوء وضع لوائح شديدة للحد من الإنبعاثات الكربونية لوسائل النقل، وتشمل هذه اللوائح تسريع اعتماد المركبات الكهربائية مما قد يشكل معضلة لشركات صناعة السيارات حول ما إذا كان ينبغي إيقاف نماذج الوقود الأحفوري بالكامل، أو تحويل عمليات الإنتاج والمبيعات إلى البلدان النامية.
وقد أشار المركز في تقريره أنه وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، فمن المتوقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية في جميع أنحاء العالم إلى 145 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030، وإذا سرَّعت الحكومات جهودها في التحول للطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية فقد يصل إلى 230 مليون سيارة، وإذا اجتمعت الحكومات في جميع أنحاء العالم معًا لتحقيق الهدف الأكثر طموحًا، والمتمثل في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم بحلول عام 2050، فإن عدد المركبات الكهربائية العالمي سينمو بشكل أكبر.
جهود مصر للتحول لتصنيع المركبات الكهربائية
مصر بدورها اتخذت خطوات لتصنيع المركبات الكهربائية ، سواء سيارات الملاكى، أو الاتوبيسات أو التوكتوك الكهربائي ؛ للحد من التلوث لمواكبة التطور العالمى ، ومن خلال تحفيز هذا القطاع بشكل كبير ، ومن خلال التعاون مع شركات صينية وكورية سيتم الإعلان عن تفاصيلها الفترة المقبلة.
وتتضمن الخطة تصنيع سيارات ملاكى في متناول المصريين وأتوبيسات وتوكتوك كهربائي ليكون بديلا للتوكتوك التقليدي ، وذلك من خلال شركتى النصر للسيارات والهندسية للسيارات التابعتين لوزارة قطاع الأعمال العام.
عالميا ومن ابرز المشروعات التي يدعم تنفيذها البنك الدولى في العاصمة السنغالية داكار، يتم العمل مع الشركاء للمساعدة على تطوير نظام نقل جديد يهدف إلى نقل 300 ألف راكب يومياً.
وكذلك في الهند التي ينمو حجم حركة المرور على شبكة الطرق الهندية التي يبلغ طولها 5.5 ملايين كيلومتر بوتيرة سريعة إلى جانب الانبعاثات والتلوث والحوادث، وسيساعد المشروع الوطني للطرق السريعة الخضراء الذي تبلغ قيمته 500 مليون دولار وتمت الموافقة عليه في مارس 2020، على تعميم السلامة والتقنيات الخضراء في شبكة الطرق السريعة من خلال إظهار كفاءة استخدام الموارد والقدرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية والجوانب الخضراء والسلامة في تصميم وبناء نحو 783 كم من الطرق السريعة الوطنية القائمة. وبالإضافة إلى كل ما سبق، فإن المشروع سيحول دون انبعاث ما يقرب من 12.5 ألف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً من عام 2024 إلى عام 2043.
وفي بنجلاديش، يساند برنامج دعم المساهمات الوطنية لمكافحة تغير المناخ تطوير قطاع النقل عبر المجاري المائية الداخلية في البلاد، كما يهدف مشروع تحسين لوجستيات السكك الحديدية التركي (350 مليون دولار)، الذي تمت الموافقة عليه في يونيو 2020، إلى الحد من الحاجة إلى الشاحنات الثقيلة والمركبات، والانتقال إلى السكك الحديدية.
وفي يناير 2020، وفر برنامج تخريد وإعادة تدوير المركبات في مصر بمساندة من صندوق الشراكة للحد من انبعاثات الكربون التابع للبنك الدولي 340 ألف وحدة من وحدات خفض الانبعاثات المعتمدة المتضمنة في عقده مع المشاركين في الصندوق، وحل أكثر من 41 ألف سيارة تاكسي جديدة محل سيارات التاكسي المتهالكة في المدينة، والتي كان يزيد عمر بعضها عن 50 سنة. وقد حدّ هذا المشروع من الحوادث والملوثات التي تؤثر على جودة الهواء وصحة الإنسان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة