اقتصاد أمريكا اللاتينية يدفع ثمن حرب أوكرانيا.. أزمة فى الأسواق وسيناريوهات صادمة.. البنوك المركزية تلجأ لرفع سعر الفائدة لمواجهة موجة التضخم.. وخبراء: ستدفع الثمن رغم العلاقة التجارية المحدودة مع موسكو وكييف

الثلاثاء، 22 مارس 2022 05:00 ص
اقتصاد أمريكا اللاتينية يدفع ثمن حرب أوكرانيا.. أزمة فى الأسواق وسيناريوهات صادمة.. البنوك المركزية تلجأ لرفع سعر الفائدة لمواجهة موجة التضخم.. وخبراء: ستدفع الثمن رغم العلاقة التجارية المحدودة مع موسكو وكييف حرب اوكرانيا
فاطمة شوقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سيناريوهات قاتمة تنتظر اقتصاديات دول أمريكا اللاتينية جراء الحرب الأوكرانية التى اقتربت من دخول شهرها الأول، بعدما بدأت القوات الروسية تحركاً عسكرياً فى شرق أوكرانيا فى 24 فبراير الماضي، دفاعا عما أسمته "المدنيين فى إقليم دونباس"، وهو ما اعتبرته واشنطن والغرب بمثابة عدوان على سيادة كييف.

وسط تصاعد موجة التضخم وارتفاع الأسعار عالميا، كان اقتصاد دول أمريكا اللاتينية من بين قائمة الأكثر تضرراً، برغم ما بدا واضحاً من فتح أبواب من الفرص الواعدة للقارة فيما يتعلق بواردات النفط، التى باتت بديلاً محتملاً للغاز الروسى الذى تم تجميد وارداتها للدول الأوروبية.

وفى تقرير لها، قالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية أن مصدرى الموز فى الإكوادور ومنتجو اللحوم فى كولومبيا ومستوردى الأسمدة فى البرازيل يواجهون مشكلة لأن أعمالهم أصبحت فى خطر بعد الهجوم الروسى لأوكرانيا.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن حجم الأعمال التجارية الروسية مع أمريكا اللاتينية منخفض مقارنة بمناطق أخرى من العالم، إلا أن هناك قطاعات إنتاجية معينة تتأثر بالحرب، حيث اعتادت موسكو وكييف شراء ما يقرب من ربع الموز الذى تصدره الإكوادور، لكن مع انخفاض قيمة العملة الروسية والانهيار الاقتصادى، يخشون أن تواجه أعمالهم عواقب وخيمة.

بدورها، قالت صحيفة "بولسو" البرازيلية إن البرازيل تستورد المزيد والمزيد من الأسمدة لزراعة فول الصويا والمنتجات الزراعية الأخرى، ونظرًا لأن أكبر مورديهما هما روسيا والصين، إذا احتفظوا بمورد واحد فقط، فسيواجهون الكثير من الصعوبات فى الحصول على المنتج فى الأسواق الأخرى.

وفى الأيام الأخيرة، أعلنت شركة Embraer البرازيلية أنها ستعلق خدمة الصيانة وإصلاح الأجزاء والدعم الفنى فى روسيا، بينما قالت Grupo Bimbo المكسيكية، أحد شركات المعجنات فى العالم، إنها علقت مبيعات منتجاتها فى روسيا، فضلا عن الاستثمارات فى ذلك البلد.

 

إجراءات اقتصادية لمواجهة "شظايا الحرب"

وعلى صعيد أسعار الفائدة، رفعت البرازيل سعر الفائدة القياسى 2.5 نقطة مئوية أخرى، لتصل إلى 13.25%، فى مقابل أسعار البنك قبل الحرب البالغة 12.25%، كما توقع 38 من أصل 44 خبيرًا اقتصاديًا زيادة رابعة بمقدار 150 نقطة أساس أو استمرار ارتفاعها بمقدار 125 نقطة أساس.

كما يرفع السوق توقعات التضخم لعام 2022 إلى ما يقرب من 6% ويخفض توقعات نمو الناتج المحلى الإجمالى وسط الحرب فى أوكرانيا.

أما فى المكسيك، فأفاد بنك المكسيك (Banxico) أن مجلس إدارة المؤسسة المالية قرر الحفاظ على الهدف لسعر الفائدة بين البنوك عند 4%، وبهذا، أوقف مرة أخرى دورة تخفيضات أسعار الفائدة مؤقتًا، بعد اعتبار أن التضخم قد انحرف قليلاً عن مساره المتوقع على المدى القصير.

ارتفع معدل التضخم العام السنوى من 3.54% فى يناير إلى 4.12% فى النصف الأول من مارس، والتضخم الأساسى من 3.84% إلى 4.09% فى نفس الفترة.

وفى كولومبيا، رفع بنك أوف أمريكا توقعاته إلى 8% حول المدى الذى سيرفع فيه بنك ريبوبليكا الكولومبى Banco de la República أسعار الفائدة من التقدير السابق البالغ 7.5%، بسبب "الظروف التضخمية الصعبة"، كما كتب الخبير الاقتصادى ألكسندر مولر فى مذكرة، حيث أنه سعر الفائدة زاد فى فبراير الماضى إلى 4% بسبب الحرب فى أوكرانيا.

وفى بيرو، وافق مجلس إدارة البنك الاحتياطى المركزى فى بيرو (BCR) على رفع سعر الفائدة المرجعى بمقدار 50 نقطة أساس، من 3% إلى 3.5% ؛ تمشيا مع ما توقعه مختلف الاقتصاديين ومحللى السوق فى الوقت الحالى، وبهذا الارتفاع فى سعر الفائدة المرجعى، تم الوصول إلى مستويات أكتوبر 2017، حيث كان هذا المؤشر أيضًا عند مستوى 3.5٪.

وقال نيخيل سانجانى، الخبير الاقتصادى المتخصص فى أمريكا اللاتينية فى شركة الاستشارات البريطانية كابيتال إيكونوميكس، لبى بى سى موندو: "تمثل التجارة مع روسيا وأوكرانيا أقل من 1.5% من إجمالى الصادرات والواردات من سلع اقتصادات أمريكا اللاتينية الرئيسية"، وتصدر روسيا منتجات إلى أمريكا اللاتينية أكثر مما تستوردها، لكن رغم ذلك فإن أزمات التوريد عالمياً ستلقى بظلالها على اقتصاد دول أمريكا اللاتينية الذى لم يكن مؤهلاً لتحمل مثل تلك الصدمات.

وفى العام الماضى، صدرت روسيا 11 مليار دولار أمريكى إلى المنطقة، بينما باعت أمريكا اللاتينية منتجات بقيمة 8.5 مليار دولار أمريكى، وفقًا لمرصد التعقيد الاقتصادى (OEC)، وهو منصة تحلل بيانات التجارة الدولية.

ويذهب الجزء الأكبر من الصادرات الروسية إلى أمريكا اللاتينية إلى البرازيل والمكسيك، أكبر اقتصادين فى المنطقة. وفى العام الماضى، كانت المنتجات الرئيسية التى باعتها روسيا لأمريكا اللاتينية هى الأسمدة والصلب والزيوت المكررة ولقاحات سبوتنيك، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي.

ويعتبر الصلب الروسى ثانى أكثر المنتجات التى تستوردها أمريكا اللاتينية بعد الأسمدة، حيث تأتى الأسمدة فى المقدمة، وهو قطاع يركز 40% من الشحنات الروسية إلى المنطقة.

ويحتل الصلب المرتبة الثانية بين أكثر المنتجات الروسية تصديرًا إلى أمريكا اللاتينية والمكسيك هى الدولة الأكثر شرائها.

ومع ذلك، على عكس ما يحدث مع البرازيل، تستورد المكسيك المنتج من أسواق مختلفة ويحتل الصلب الروسى جزءًا فقط من إجمالى وارداتها، وبهذا المعنى، فإن المكسيك أقل تعرضًا للضربات الاقتصادية للأزمة.

 

ماذا تبيع أمريكا اللاتينية لروسيا؟

وأكثر المنتجات المصدرة إلى روسيا من المنطقة هى الفواكه والخضروات واللحوم والأسماك. ومن بين البلدان التى تتمتع بأكبر روابط تجارية، ترسل البرازيل لهم فول الصويا واللحوم والتبغ والقهوة ؛ تصدر المكسيك السيارات وأجهزة الكمبيوتر والبيرة والتكيلا، بينما تبيعها الإكوادور الموز والزهور والروبيان.

يقول دانيال كيرنر، مدير أمريكا اللاتينية فى مجموعة أوراسيا، وهى شركة استشارية للتحليل السياسى والاقتصادي: "إن تأثير الحرب ليس مباشرًا، بل إنه مرتبط بشكل أكبر بآثار هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي".

وأضاف أنه مع الحرب، ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل كبير، خاصة النفط والمنتجات الزراعية والمعادن. وللوهلة الأولى، يفيد هذا البلدان المنتجة للنفط مثل البرازيل وكولومبيا والإكوادور، والبلدان المصدرة للحبوب مثل البرازيل والأرجنتين.

وأشار جيلبرتو جارسيا، كبير الاقتصاديين فى مرصد التعقيد الاقتصادى، أن الزيادة فى أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية ستؤثر بلا شك على أمريكا اللاتينية، وقال "على الرغم من انخفاض التجارة بين أمريكا اللاتينية وروسيا، إلا أن الحرب سيكون لها تأثير".

وأضاف : حتى بالنسبة لتلك البلدان التى تصدر النفط، على سبيل المثال، يمكن أن تتبخر الفوائد على المدى المتوسط، مع الأخذ فى الاعتبار أنه عندما يرتفع النفط الخام فى الأسواق الدولية، يكون هناك تأثير على سلسلة الإنتاج بأكملها وهذا يعنى أن المنتجات التى يشتريها المستهلك تنتهي.

ويشعر خوان كارلوس مارتينيز، أستاذ الاقتصاد فى IE Business School فى إسبانيا، بالقلق إزاء ارتفاع الأسعار فى أمريكا اللاتينية وبقية العالم.

وأضاف "من الواضح أنه ستكون هناك عدوى تضخمية فى اقتصادات أمريكا اللاتينية التى كان لديها بالفعل تضخم مرتفع"، مضيفا "فى الواقع، قبل الحرب بفترة طويلة، كان التضخم فى ارتفاع فى المنطقة فى محاولة للسيطرة عليها، كانت البنوك المركزية ترفع أسعار الفائدة بسرعة، أى تكلفة اقتراض الأموال، ولكن الآن، من المرجح أن يستمر رفع سعر الفائدة فى اكتساب الزخم.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة