شريف عارف

"إمبراطوريات التاكسي" تحكم العالم

الخميس، 17 مارس 2022 11:08 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حركة النقل عالم خاص وخفى يتحكم فى العالم، ويشكل حكومات ويقلب الطاولات عليها. عالم كبير تخرج من نقاباته أعتى الحركات السياسية، التى تصيغ مستقبل أى بلد.

النقل الجماعى – وخاصة للأفراد – هو الوسيلة التى تشغل فكر كل منا، من حيث قدرتها على تلبية الاحتياجات فى الشكل والسرعة وأنواع الرفاهية المطلوبة حسب احتياجات كل فرد.

صدر مؤخراً كتاب "رحلاتى مع Uber " للكاتب فادى زويل، وهو كتاب فريد من أدب الرحلات، يتضمن تجارب قام بها المؤلف فى 22 رحلة حول العالم.

الكاتب هو مهندس مصري، تخرج فى قسم الحاسب الآلى بجامعة الإسكندرية، وجاب العالم واستقر منذ ما يقرب من عشرة أعوام فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى هذا الكتاب يقدم المؤلف تجربته الشخصية، فى التعامل مع واحدة من كبرى الشركات العالمية فى النقل للأفراد، وينقل التجارب المثيرة وربما المتناقضة لها على مستوى العالم.

من بين الرحلات المثيرة، التى تضمنها الكتاب الرحلة التاسعة، تحت عنوان "الإرهاب لا دين له"، وجرت أحداثها خارج مطار "سان فرانسيسكو".  فقد كان اسم السائق، الذى ظهر على شاشه الموبايل للمؤلف هو "مو"، ويعنى اختصاراً لاسم الشهرة، المتعارف عليه للاعب المصرى العالمى محمد صلاح، أول من يكون اسمه "محمد" عموماً فى العالم الغربي.

فى بداية الرحلة، ألقى السائق السلام على الراكب قائلاً: "السلام عليكم"، لكنها كانت بلكنة ثقيلة شبيهة، بلهجة أهل الهند عند تحدثهم بالعربية.

خلال الرحلة، تعرف المؤلف على السائق، ودار بينهما حوار علم منه أنه كان يعمل مترجماً للقوات الأمريكية، فى كابول والمناطق المحيطة بها قبل مجيئه إلى أمريكا، وانفجر لغم فى قدمه وكاد أن يموت ولكن تم علاجه. تحدث السائق بكل صراحة عن التهديدات بالقتل، التى شهدها من حلفاء طالبان وكيف أن حكومة الولايات المتحدة، قد ساعدته على الهجرة إلى أمريكا عندما أصبح الأمر يشكل تهديداً حقيقاً على حياته!

تحدث المؤلف مع السائق عن الوضع فى أفغانستان، وأخبره السائق عن حركة طالبان التى وصفه أفرادها بـ "المرتزقة"، الذين يهتمون بجمع المال فقط، وبسط نفوذهم على القبائل لجباية الأموال، فهم على صلة بالمخابرات الروسية والباكستانية وآخرين مثل تجار المخدرات الدوليين، ممن يمدونهم بالمال لخلق المشاكل فى أفغانستان.

 

رحله أخرى مثيرة، دونها المؤلف تحت عنوان "الانتماء"، وكانت خلال زيارته إلى ما أسماه بـ "كوكب اليابان" وإلى العاصمة اليابانية "طوكيو" على وجه التحديد، التى بهرته فى كل شيء فى من الأماكن النظيفة والمرتبة إلى الثقافة اليابانية، التى قال عنها إنها "مغلقة بعض الشيء"، لكن الذى لفت نظره عند سداد قيمة أجرة التاكسى بالبطاقة الائتمانية الموجودة ماكينتها فى المقعد الخلفي، فشلت عملية السداد، وطلب السائق منه أن يعيد إجراءها فى الماكينة الموجودة فى المقعد فى المقعد الأمامي، لكنها أيضاً فشلت.

وهنا فوجئ المؤلف بقول السائق أن إشارة الاستقبال فى جهاز الدفع ضعيفة، ولا يمكن إتمام العملية، وأنه لا يريد أن يعطله عن عمله أكثر من ذلك، وحاول المؤلف أن يبحث عن ماكينة صرف نقود قريبة لإعطائه الأجرة المطلوبة، لكنه فوجئ برد السائق قائلا: "شكراً لعرضك، لكن هذا خطأ منا هنا فى دولة اليابان، إنك لم تستطع إجراء العملية بنجاح من أول مرة، وأنا أتحمل نتيجة هذه التجربة، آسف.. لا يمكن أنا أقبل أن أعطلك عن عملك للبحث عن النقود، آسف مجدداً يا سيدى.. و أتمنى لك يوما سعيداً.. هبط المؤلف من السيارة مندهشاً من الرد!

شركات التاكسى فى العالم كله، هى "إمبراطوريات" لا تتحكم فى الناس فقط، لكنها بمثابة "محطات رادارية" ترصد كل التفاصيل والانفعالات بكل ما فيها من معلومات.. ومن المؤكد أن هناك من ينتظر هذه المعلومات للتعامل على أساسها!

 

 









الموضوعات المتعلقة

معارك عنيفة فى "واقع افتراضى"

الخميس، 10 مارس 2022 11:58 ص

جامع.. وكنيسة

الخميس، 03 مارس 2022 12:22 م

مئوية "استقلال مصر"

الخميس، 24 فبراير 2022 02:15 م

"دواعش الفكر".. وتخريب العقول

الخميس، 03 فبراير 2022 02:46 م

مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة