سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 فبراير 1971.. الشاعر الفلسطينى محمود درويش فى مكتب محمد عروق رئيس إذاعة صوت العرب قبل أسبوع من الإعلان للعالم بوصوله إلى مصر للعيش فيها

الجمعة، 04 فبراير 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 فبراير 1971.. الشاعر الفلسطينى محمود درويش فى مكتب محمد عروق رئيس إذاعة صوت العرب قبل أسبوع من الإعلان للعالم بوصوله إلى مصر للعيش فيها محمود درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استدعى الإعلامى محمد عروق، رئيس إذاعة صوت العرب، المذيع عبدالوهاب قتاية، إلى مكتبه، وقت ضحى 4 فبراير، مثل هذا اليوم، 1971، وحين دخل لاحظ وجود ضيف غريب لا يعرفه، فبادره «عروق» بالسؤال عن شعراء المقاومة الفلسطينية ومدى نصيبها فى برامج «صوت العرب».
 
كان «قتاية» وقتئذ المراقب المساعد للبرامج العقائدية ومنها الفكرية، ومعروفا بميوله الأدبية، وتقديمه لبعض البرامج الأدبية، ومتابعته وتعاطفه مع شعراء المقاومة، فراح يتحدث عن النصيب الوافر لهذا الشعر فى برامج «صوت العرب»، وسأله «عروق»: لمن من الشعراء؟ فرد «قتاية»: الجميع، رد «عروق» متعمدا إسماع الضيف: مثل من؟ أجاب «قتاية»: محمود درويش، قاطعه «عروق» قائلا، وهو يشير إلى الضيف: إذن سلم عليه، حسبما يذكر «قتاية» فى مقاله «سر الأسبوع الأول لمحمود درويش فى مصر»، بجريدة «العربى الأسبوعية الناصرية»، 31 أغسطس 2008.
 
يصحح «قتاية»، بهذه الواقعة الخطأ الشائع بأنه يحسب بداية حياة محمود درويش فى القاهرة من تاريخ نشر خبر وصوله فى «الأهرام» 10 فبراير 1971، أوعقد مؤتمر صحفى له 11 فبراير 1971، فى مبنى وزارة الإعلام والإذاعة والتليفزيون، بحضور وزير الإعلام محمد فائق، الذى تحدث فيه عن وصول «درويش» من موسكو إلى القاهرة بصحبة الصحفى عبدالملك خليل، مراسل «الأهرام» فى موسكو، وأعرب «فائق» عن اعتزاز مصر - مسؤولين ومثقفين - بالشاعر الكبير، وباختياره لها مقرا لإقامته، وقاعدة لمواصلة نضاله.
 
يتتبع الكاتب الصحفى، والناقد سيد محمود، القصة، فى كتابه «محمود درويش فى مصر..المتن المجهول»، مشيرا إلى أن الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، كان فى زيارة إلى موسكو، فى الوقت الذى كان «درويش» يدرس فيه هناك بمعهد العلوم الاجتماعية «معهد آسيا» بمنحة دراسية، واجتمع «بهاء» أثناء زيارته بأسرة تدريس قسم الشؤون العربية والشرقية بالمعهد، والتقى بعدها بـ«درويش»، وكتب «بهاء» قصة اللقاء فى «المصور» 5 فبراير 1971، قائلا: «كنت سعيدا بأن أراه وألمسه وأسمعه يتحدث، ويضحك ويبكى بشبابه وحيويته وجاذبيته الشخصية الشديدة، إننى أب لطفلين، ولكننى لم أشعر شعورا حقيقيا بمعنى «فلذة الكبد» إلا عندما رأيته، هذا قطعة منى، فلذة من كبدى حقا، وأنا أكتب هذه السطور يكون محمود درويش على الأغلب عاد إلى إسرائيل، إلى حيفا حيث محرم عليه مغادرة المدينة، ومحرم عليه أن يخرج من بيته بعد الثامنة مساء». 
 
يعلق سيد محمود:«المدهش أن درويش لم يعد إلى حيفا، واختار أن يأتى لمصر فى مشهد مهيب»، يتساءل: «هل لعب الأستاذ بهاء دورا فى إقناعه بالمجىء لمصر؟ وهل كان طرفا فى الخطة التى أعدها بعض رجال الدولة؟»، يذكر سيد محمود الإجابات التى حصل عليها،  قالت الكاتبة صافيناز كاظم: «ترتيبات الزيارة كانت معدة سلفا، وكان من المفترض أن تنجز خلال حياة الرئيس جمال عبدالناصر الذى توفى يوم 28 سبتمبر 1970»، وتكشف الكاتبة منى أنيس المقربة من «درويش»: «ترتيبات حضوره استغرقت نحو عام ونصف العام، قبل موت ناصر، الذى أفسد غيابه كل شىء جرى التخطيط له»، وقال محمد فائق: «كان وجود درويش معنا حدثا له دلالته الرمزية، لأنه عزز الأمل لدى الرأى العام فى احتضان المقاومة الفلسطينية والتأكيد أن النصر قادم لا محالة».
 
أما الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فقال للكاتب الصحفى محمد الشافعى، «الهلال» أول ديسمبر 2012:«كنت أحد أطراف عملية الترتيب لعدم عودته إلى فلسطين مرة أخرى، ليصبح أكثر حرية بعيدا عن الاحتلال، وحدث ذلك عندما كان ضمن وفد فلسطينى فى موسكو، وكنت ضمن وفد مصرى فى موسكو، وأخذنا درويش للسفارة المصرية، ومن موسكو جاء إلى القاهرة لينطلق بعدها يغرد بأشعاره فى كل العالم، وأذكر أن الدور الأكبر لعملية «تهريبه» كان لسفيرنا فى موسكو مراد غالب».
 
هكذا مضت ترتيبات دوائر مصرية معنية لمجىء الشاعر الكبير، وكل دائرة كانت تسلم الأخرى، حتى جاء الدور على «عروق» الذى استدعى «قتاية»، وعرفه بأن الجالس فى مكتبه هو محمود درويش، فتعانق معه بحرارة، ويصفه «قتاية»: «كان نحيلا جدا، ورقيقا كالطيف، حتى أننى أشفقت وأنا أعانقه أن تتكسر عظامه بين ذراعى»، يضيف: «كان الموقف عاطفيا مفاجئا، وغامضا مثيرا لعلامات استفهام كثيرة وأفكار عديدة، قطع تداعيها الأستاذ «عروق» قائلا: «الأستاذ محمود وصل أمس، وسيبقى معنا، لكننا لم نعلن وصوله، ولن نعلن ذلك، إلا بعد فترة راحة يستجمع فيها قواه وأعصابه ونفسه المرهقة، ولذلك رتبنا رحلة استجمام له فى الأقصر وأسوان، وستكون أنت مرافقه فى هذه الرحلة، ومعك الزميل فؤاد فهمى من صوت العرب، والأستاذ عبدالملك خليل، ستجدون كل شىء معدا وفى خدمتكم فى الأقصر وأسوان وموعد السفر غدا»، فماذا حدث بعد ذلك؟






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة