سعيد الشحات يكتب:ذات يوم..2 فبراير 1975.. موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يبكى أم كلثوم وهى على سرير المرض ويستدعى ذكريات نصف قرن معها

الأربعاء، 02 فبراير 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب:ذات يوم..2 فبراير 1975.. موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يبكى أم كلثوم وهى على سرير المرض ويستدعى ذكريات نصف قرن معها محمد عبدالوهاب و أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت سيدة الغناء العربى أم كلثوم، تلفظ أنفاسها الأخيرة فى مستشفى القوات المسلحة بالمعادى، وكان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، يبكيها بدموعه، وقلبه، فى حوار أجراه الكاتب الصحفى كمال الملاخ معه، ونشرته الأهرام بصفحتها الأخيرة، 2 فبراير، مثل هذا اليوم، 1975.
 
استدعى «عبدالوهاب» ذكريات نصف قرن مع أم كلثوم، نقل الاثنان فيه الغناء والموسيقى العربية من حال إلى حال.. بدأ «عبدالوهاب» كلامه بصوت هامس ودموعه تنساب على وجنتيه، وهو يقول: «أم كلثوم متعددة المزايا لدرجة أن كل ميزة منها كافية لتعمل مغنية كبيرة ممتازة.. أم كلثوم خسارة كبرى فى تاريخ الأمة العربية وعلى رأسها مصر، سنفقد جسدها ولكن لن نفقد مع الوعى العلمى والتسجيلى فنها المرموق والنفاذ.. أم كلثوم ليست فقط أقدر صوت غنائى وُجد فى العالم العربى، ولكنها غيرت تأدية المطربات من يوم أن وقفت صبية تشدو حتى الآن، فالذى يسمع المغنيات فى عهد وعصر أم كلثوم وبعد ظهورها، يجد الفارق الشاسع بين طريقة إخراج الصوت وأسلوب الأداء وتجويد النطق.. شدو الكلمة وحسن اختيارها فيما تقول وتتغنى به.. كما أنها غيرت اجتماعيًا وضع ومستوى أخلاقيات المستمع العربى، فالذى يستمع إلى أم كلثوم لا يهرج، ولا يصفق على الوحدة وهى تغنى.. لا يقول كلمة نابية ولا جملة طائشة.. لا يطلب منها شىء معين، بل ربما يطلب الإعادة ويتركها تشدو وتقول ما تريد أن تقوله هى.. وبهذا فرضت على المستمع سلوكًا أشبه باحترام وقداسة الغناء، وتقديرًا مع كل الحب لكل من تتغنى بالفن الرفيع له وأمامه».
 
يواصل عبدالوهاب: «أنا أول ما عرفت أم كلثوم غنيت معها «دويتو» أو حوارًا غنائيًا فى حوش حديقة بيت الأستاذ خيرت المحامى الذى كان يطل على شارع سمى باسمه بالسيدة زينب فى القاهرة.. كان دويتو: «على قد الليل ما يطول» فى رواية أوبريت «العشرة الطيبة» للشيخ سيد درويش.. كان الحاضرون كلهم من أعضاء نادى الموسيقى الشرقى وعلى رأسهم الأستاذ مصطفى رضا، وحسين أنور، وصفر على.. أم كلثوم كانت تمثل السيدة الفلاحة فتشدو: «آه يا ترى يا ربى ده هو ولا لأ..فأرد عليها مغنيا: يا عنيى من جوه.. يا سبب وعدى ومكتوبى».. وهذا الدويتو كان يغنيه الشيخ سيد درويش أمام المطربة تحية قصيرى.. كان غناؤنا المزدوج أمام صفوة متذوقى فن الموسيقى والغناء.. أشبه بصالون ثقافى للتذوق الفنى الرفيع».
 
يتذكر «عبدالوهاب» أنه بعد ذلك أصبح من رواد فن أم كلثوم الشابة، وواحدا من مستمعيها، يذهب إلى صالة «سانتى» بحديقة الأزبكية وينصت إليها مع الجمهور، وكانت أم كلثوم أيامها لا تزال تظهر على المسرح بالعقال، وبجانبها أفراد لا يمسكون آلة من آلات العزف، ولكنهم يتغنون بأصواتهم عند بعض المقاطع أو يصاحبون صوتها فى لحظات معينة.. أشبه بابتهالات كورس المجموعة أوالكورال، مثلما كانت موضة العصر».
 
سأل الملاخ، عبدالوهاب، عن الدور الذى لا ينساه لها وقتئذ.. أجاب: «للشيخ على محمود وأمثاله.. جل من طرز الياسمين/ فوق خدك بالجلنار»، ثم انفرادها بغناء ابتهالات كانت تعودت أن ترددها فى رحلتها الفنية الأولى فى قرى مصر «لله جل جلاله/ والنبى عليه الصلاة والسلام»، إلا أن أعضاء نادى «ندوة خيرت الموسيقية» اجتمعوا على هيئة مؤتمر يقررون فيه مستقبل أم كلثوم الفنى، ووسائل إحاطتها ورعاية فنها لتطوير هذا اللون الجديد أو لوضع هذا الصوت الذهبى فى إطار فنى له قيمة استشعروها، فنصحوا بأن يكون بجانبها آلات موسيقية، واختاروا محمد العقاد الكبير الذى كان وقتئذ «سيد القانونجية»، والذى كانت تعزف أنامله القانون لحماه الموسيقار عبده الحامولى، واتفقوا مع سامى الشوا ليعزف لها الكمان، و«عواد» هو الراحل محمد القصبجى و«رقاق» هو إبراهيم عفيفى، وابتدأت من هنا رحلة انفراد أم كلثوم بالأغنية الفردية التى كانت بدايتها أغنية الشاعر أحمد رامى «الصب تفضحه عيونه/ وتنم عن وجد شجونه». 
 
يتدخل الملاخ معلقا: «أحمد رامى كان فى ذلك الوقت فى باريس يتعلم الفارسية، فلما حضر وعاد إلى القاهرة علم بهذه المطربة الشابة الجديدة، فذهب إلى سماعها فى صالة «سانتى» ومن وقتها لم يتفارقا فنيا، وظل يغذيها شعرا، وارتفعت من حلو الكلمات إلى مستواها الرفيع بينما على الجانب الآخر كان يغذى أمير الشعراء أحمد شوقى، الشاب الفنان محمد عبدالوهاب ويرعى فنه وثقافته.. كانا فرسا رهان إلى أن يلتقيا فى لحنه الأروع «أنت عمرى».
 
يعود الملاخ ليسأل عبدالوهاب: «أكان فعلا هذا أول لقاء للنغم والصوت بينكما؟».. يرد عبدالوهاب وعيناه تتبلان بدمع أسى قائلا: «لحنت لأم كلثوم مع بداية تعارفنا الفنى، ونحن مع رحلة شباب العمر والصبا، لحنت لها مذهبا، وأكمله الأستاذ القصبجى.. كان مطلعه: «قال إيه حلف ما يكلمنيش/ ده بس كلام والفعل ما فيش/ ده اللى حصل».. أم كلثوم كانت معجبة جدا بالمذهب إلا أن انقطاعا حدث بينها وبينى، فاسندت اللحن إلى القصبجى».  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة