حسين يوسف

حرب روسيا وأوكرانيا.. ما حك جلدك مثل ظفرك

السبت، 26 فبراير 2022 04:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم فظاعة الحروب، وما تخلفه من دمار وخراب ودماء وقتلى وتقطيع أواصر علاقات، إلا أن الحروب على مر التاريخ، دائما ما تتمخض عن عبر وعظات ودروس، يستفيد منها ذوو الألباب.
 
حرب روسيا وأوكرانيا رسخت مفاهيم أزلية، أبرزها أن القوة هى من تحمى الدولة والأمة، فامتلاك أى دولة لمقوماتها، يتيح لها امتلاك قرارها، وتحقيق مصالحها، ومكانتها وهيبتها بين الأمم، لأن امتلاك القوة الفاعلة يعد محور الارتكاز والأساس الذى تبنى عليه إشكالية العلاقات الدولية وتشابكها، كما أن قوة الدولة وسطوتها هى من تجعل لها سياجا من الحماية، داخل وخارج حدودها، فلا تكون مطمعا ولقمة سائغة لكل طامع أو طامح أو مقامر.
 
فى حرب روسيا وأوكرانيا، رغم الرفض الكبير من غالبية دول العالم لمبدأ الغزو واعتداء دولة على أخرى، مهما كانت الأسباب والمبررات، إلا أن هناك من يتعاطف مع وجهة النظر الروسية التى تخشى على أمنها القومى، وتتحرز من اتجاه الحكومة فى أوكرانيا إلى الغرب، ومحاولاتها الدؤوبة للانضمام إلى حلف شمال الأطلنطى "الناتو"، حيث ترى موسكو أن هذا بمثابة شوكة فى ظهرها، خاصة أن المادة الخامسة من معاهدة تأسيس الناتو، تؤكد على مبدأ الدفاع المشترك، بمعنى إذا تعرضت دولة عضو لهجوم مسلح، سيعتبر كل أعضاء الحلف الآخرين هذا هجومًا مسلحًا ضدهم، وسيتخذون الإجراءات التى يرونها ضرورية لمساعدة الحليف الذى تعرض للهجوم، وبالتالى فإن انضمام أوكرانيا لحلف الناتو بمثابة وضع الحلف قدمه داخل فناء البيت الروسى.
 
رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي الذى يبدو أن خبرته السياسية محدودة، ومعرفته بالتوازنات السياسية مضمحلة، ارتكب كارثة فى حق بلده، حيث انساق وراء أوهام مساندة دول أوروبا له فى حربه ضد روسيا، ولم يدرك أن سيناريو كهذا من الممكن أن يكون إشعالا لفتيل حرب عالمية ثالثة، تختلف عن سابقتيها فى كونها ستأتى على الأخضر واليابس فى العالم، نظرا لامتلاك العديد من الدول السلاح النووي، وهو ما فطنت له دول أوروبا ولم تنساق وراء المراهقة السياسية لزيلينسكى، ولم تنجر لمحاولاته الزج بها فى الحرب.
 
زيلينسكي تصور أن حلف شمال الأطلسى" الناتو" سيكون سندا وداعما له، وسيخوض الحرب كتفا بكتف معه ضد روسيا، ولكن حساباته جميعها كانت خاطئة، ونأت دول الحلف بنفسها عن الدخول فى صراع مع روسيا، وخذله الرئيس الأمريكى بايدن عندما أكد فى بداية الحرب أن واشنطن لا تفكر فى إرسال أى قوات إلى العاصمة الأوكرانية كييف، ليتلقى الرئيس الأوكرانى صدمة كبيرة، توالت بعدها الصدمات بتخلى دول أوروبا عن أى فكرة للدخول فى الحرب ومساندة كييف، وذهبت أوهام وأحلام الرئيس الأوكرانى فى الاعتماد على أمريكا أو حلف الناتو أدراج الرياح، وهو الذى ركن لتلك الأحلام ولم يهتم بتدعيم وتقوية جيشه وجبهته الخارجية والداخلية، فكان خزلان الغرب له ضربة قاصمة، فاستباح الجيش الروسى أرضه ومدنه وقراه.
 
هناك قول للإمام الشافعى رحمه الله يوزن بالذهب، "ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمـرك"، وما حدث مع أوكرانيا هو ترجمة حرفية لهذا المثل، فالاعتماد على الغير، ومسح الدموع فى ثوب الآخرين، والتقوى بما فى يد دول خارجية، آفة بعض القادة الذين جعلتهم المقادير على رأس سدة الحكم فى بلادهم، وتستيقظ شعوبهم على كارثة مفجعة قد يدفعون ثمنها حريتهم ومستقبل بلادهم.
 
فى المقابل هناك قادة عظام، يقف لهم الحاضر والمستقبل والتاريخ مشدوها ومعجبا بما يفعلونه، أدركوا أن قوة بلادهم، وسطوتها، هى الضمانة الحقيقية لأمنها وأمانها، وهى جواز المرور لتتبوأ مكانها ومكانتها بين الدول الفاعلة والمؤثرة فى المنطقة والعالم، فكان جل همهم تقوية جيوش بلادهم، بالتوازى مع النهوض بكافة المقومات التى تمتلكها الدولة.
 
مصر من تلك الدول التى حباها الله بقيادة عظيمة، فقد فطن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية توليه الحكم إلى أن القوة هى أهم مقومات الدولة فى تحقيق مصالحها، ومن خلال تلك القوة تفرض مكانتها وتحتل مقعدها الكبير بين الدول، فأخذ على عاتقه تحديث وتطوير كافة مناحى القوة، سواء العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فوضع الاستراتيجيات العسكرية والتنموية والاقتصادية التى غيرت وجه الحياة فى مصر، وشهد بهذا التطور والتحديث مؤسسات ومراكز أبحاث عالمية فى المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية.








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة