تحتل لجان المصالحات العرفية مكانة كبيرة فى حل النزاعات بين الأشخاص والعائلات فى مختلف القضايا، وخاصة قضايا الدم التى يلجأ إليها المتنازعين لوأد الفتنة وحقن الدماء ووقف سلسال الدم بين المتنازعين والحفاظ على الأطراف.
وتعد قراراتها ملزمة لجميع الأطراف وتنتهى بالتنازل عن القضايا والمحاضر ودفع الدية للمجنى عليهم والتصالح فى النهاية فيما بينهم.
وسرد الحاج محمد حامد، عمدة قرية دخميس مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، ورئيس لجنة المصالحات العرفية بمركز ومدينة المحلة، أغرب قضايا النزاعات العرفية وكيف انتهت.
يقول رئيس لجنة المصالحات العرفية لـ"اليوم السابع" إنه بدأ مشواره فى حل المنازعات العرفية بعد انتهاء تعليمه الثانوى، خاصة وأن لديه الملكات التى تؤهله لحل النزاعات بين المتخاصمين، مشيرا إلى أنه سبق له التقديم للالتحاق بكلية الشرطة، ولم يحالفه الحظ، وبدأ فى إثبات نفسه فى القضاء العرفي، مضيفا أن العلم يزين صاحبه، وحصل على بكالوريوس تجارة، وماجستير فى العلوم التجارية، وبعد أن تم تعيينه عمدة فى التسعينات حصل على ليسانس فى الحقوق عام 2004، ودبلومة فى التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وأكد، أنه حكم فى مئات القضايا العرفية، وبفضل من الله انتهت كلها بالنجاح والصلح بين المتنازعين، وحقن الدماء ووقف سلسال الدم والحفاظ على الأرواح، ويلتزم الطرفان بقرارات اللجنة وتسرى عليهم من وقت إصدار حكم اللجنة.
وتابع : اللجنة تجرى جلسة تمهيدية يتم فيها جمع التحريات والاستدلالات حول طرفى النزاع، ثم يتم تحديد موعدا للجلسة العرفية بحضور طرفى النزاع وشهود الإثبات والنفى وتستمع اللجنة بصدر رحب للجميع، ثم فى النهاية تُرفع الجلسة ليتداول أعضاء اللجنة العرفية ثم بعد ذلك تُصدر حكمها على الطرفين.
وعن أغرب القضايا التى واجهها طوال مسيرته فى القضاء العرفي، قال العمدة محمد حامد، أنه واجه قضية صعبة لـ 10أشقاء من عائلة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأت بمقتل أحدهم وإعدام الثاني، ثم تطورت القضية، بقتل 4 منهم لأشقائهم الأربعة وحكم على الـ 4 أشقاء بالإعدام.
وأضاف، أن جلسة الصلح عقدت تحت إشراف وزير الداخلية، وهزت الجلسة مشاعرنا بالكامل، ونجحنا بفضل الله فى حل القضية خلال ساعة، وحكمت اللجنة بأخذ تعهدات وضمانات كافية، للحفاظ على الأولاد والأحفاد، وحقن الدماء ووقف سلسال الدم، وحضر الجلسة مدير أمن كفر الشيخ ومدير المباحث الجنائية، وعدد كبير من ضباط الأمن العام والمباحث الجنائية، وارتضى المتنازعين بقرار اللجنة ونجحنا فى حقن الدماء.
وأضاف "حامد" أن حكم الدية فى قضايا القتل مع سبق الإصرار والترصد لا تقل عن 2 مليون جنيه، والدية فى قضايا القتل مع سبق الإصرار لا تقل عن 1.5 مليون جنيه، ودية قضايا القتل العمد لا تقل عن 1.25 مليون جنيه، وقضايا القتل الخطأ أو الضرب أفضى إلى موت لا تقل عن مليون جنيه.
وناشد الجهات المعنية من وسائل الإعلام المختلفة وخطباء المساجد، بالتكاتف وتوعية المواطنين بنبذ الخلافات والعنف، خاصة وأن 50% من الخلافات والقضايا التى نواجهها قضايا ميراث، والتأكيد على المتنازعين بأنه لا يوجد اجتهاد فى الميراث وحدد القرآن حق الذكر والأنثى فى الميراث، وعمل ندوات لتوعية الجميع بالحقوق المشروعة.
ووجه رسالة للمتنازعين والمتقاتلين، بأن الدية ليست عار أو حرام، وذكرت فى القرآن الكريم، ولابد أن يعلم المتنازعين بذلك.
وأوضح أن دية القتل فى الشرع 100ناقة، واحتكم لأحد مشايخ العرب من تجار الإبل منذ 10سنوات فتأكد بأن سعر الـ 100 ناقة وقتها مليون جنيه، وبمرور السنوات وبعد زيادة الأسعار وصل سعرها لـ2مليون جنيه.
وأشار إلى أن الأصل فى حل قضايا القتل هو القتل الخطأ، وهو المذكور فى القرآن، ولكن كقضاه عرفيين نجتهد لحقن الدماء ووقف سلسال الدم، والحفاظ على أرواح المتنازعين.
وتابع أن اللجنة تستمع لطرفى النزاع وشهود الواقعة ويكون رأى الشهود استرشادي، ثم نخلد للمداولة ونتداول فى القضية لإصدار الحكم وقد نختلف مع بعضنا البعض فى القرار المناسب ولكن فى النهاية نتفق بعد إجماع الأراء ونصدر الحكم المناسب المرضى للطرفين.
وأشار خلال الجلسة العرفية، إلى أنه يتم تحرير محضر استدلال، وتقوم اللجنة بالنزول لمعاينة موقع الحادث، ونستمع للطرفان، وننتهى بالقرار، ومتابعة تنفيذه، والصلح بين الطرفين ونزع فتيل الفتة بينهم.
وأضاف أن قرار تهجير الطرف الخصم من قريته فى بعض قضايا الدم أمر هام ونلجأ نحن اللجنة لتطبيقه حقنا للدماء والحفاظ على الطرفين ووقف سلسال الدم، مشيراً إلى أن قرار التهجير يتم بعد بيع كل ممتلكات الخصم بسعر يرتضيه، ولا يترك القرية إلا بعد أن نقوم بشراء مثلها فى مكان آخر وهدفنا الرئيسى هو الحفاظ على الطرفين ونزع فتيل الفتنة والتراضى بين الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة