أغلب الآلام التي تصاحب الإنسان نفسيًا، هو عدم تقديره ممن صدق معهم في الإحساس، وأخلص لهم في كل شيء، فهنا نجد الألم شديد وقاسٍ إلى أقصى درجة، وأحيانًا رغبة المتألم في الحفاظ على ما تبقى من تلك العلاقة، تجعله يرغب في مُحاولة تذكير الطرف الآخر بمدى إخلاصه له، وأنه لم يتوانَ للحظات عن إسعاده بشتى الطرق، ولكنه رغم ذلك يكتشف أن كلماته تضيع سُدى، ولا تُؤثر في الطرف الآخر بأي شكل من الأشكال، والحقيقة أن الأسباب لا تكون واضحة بشكل قاطع، مما تُثير الدهشة في نفسه.
ولكن أيًا ما كانت الأسباب، دعونا نتفق على مبدأ هام، وهو أن مَنْ لم يتأثر بالأفعال والسلوكيات، فبالقطع لن يتأثر بالكلمات والأفعال، لأن الفعل مُجْدي آلاف المرات عن القول، لذا لا تستهلك أعصابك بتذكير أشخاص بأعمالك التي لم يشعروا بها، ولم يتأثروا بفحواها، ولم تستطع أن تُغير من سلوكياتهم حيالك، فهؤلاء قرروا أن يعيشوا في الضلال، ويضعوا الغشاوة على بصائرهم، ويكتفوا بوجهة نظرهم بغض النظر عن الحقيقة، أو الواقع المُعاش.
فالإنسان إذا اتخذ قرارًا بضرورة ألا يشعر بمّنْ ضحى من أجله، وألا يتذكر تضحياته، أو يحتويه في لحظة ضعفه، فهل يُمكن لأي شيء مهما بلغت قوته أن تُؤثر فيه، فالكلمات هنا تقف عاجزة حائرة، ولن تُؤتي ثمارها، لأن الفعل عجز عن التأثير، فكيف يُؤثر اللفظ في هؤلاء؟!
لا شك أن من يعيش تجربة نكران الجميل يستشعر أقصى درجات الألم، ولكن عليه ألا يأمل في أن كلماته ستُغير من مجرى سلوك ذلك الشخص، بل عليه أن يدع الأيام هي التي تقول كلمتها، وتضع بصمتها، لأن الأيام ستقوم هنا بدور الأفعال، فهي التي ستجعل مَنْ آلمك، وضحى بك أن يعرف قيمتك، ويُراجع نفسه، وهنا فقط يكون لك مطلق الحرية في أن تتراجع عن موقفك حياله، وتُسامحه، وإما أن تلزم قرارك، وتتشبث به، لأنك ستكون قد عرفت معدنه الحقيقي، ومشاعره حيالك.
ولكن في كل الأحوال لا تستخدم الأقوال، ولا الكلمات، ولا الألفاظ، لأنها لن تُجدي في تلك الحالة، بل ستكون مجرد حروف ضائعة لن تجد مَنْ يسمعها، أو يشعر بها، فهي كالوقود الذي يتم هدره بلا داعٍ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة