يوسف أيوب يكتب من واشنطن: الأمن الغذائى والطاقة يسيطران على القمة الأمريكية الأفريقية.. إدارة بايدن تحاول إعادة الثقة المفقودة لدى الأفارقة وكبح جماح التكالب الدولى على القارة السمراء

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2022 03:28 م
يوسف أيوب يكتب من واشنطن: الأمن الغذائى والطاقة يسيطران على القمة الأمريكية الأفريقية.. إدارة بايدن تحاول إعادة الثقة المفقودة لدى الأفارقة وكبح جماح التكالب الدولى على القارة السمراء الأمن الغذائى والطاقة يسيطران على القمة الأمريكية الأفريقية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

يوسف-ايوب
 
- الرئيس الأمريكى يغازل أفريقيا بالدعوة إلى ضم الاتحاد الأفريقى لقمة العشرين وتشكيل مجموعة عمل خاصة 
بعد ثمانية أعوام، عادت القمة الأمريكية الأفريقية لتنعقد فى دورتها الثانية، وسط كثير من التحديات والأزمات الدولية، التى ألقت بظلالها على القارة السمراء، بداية من فيروس كورونا، الذى أثقل كاهل الاقتصاد الأفريقى، وليس انتهاء بالحرب الروسية الأوكرانية التى أحدثت تغيرات جذرية فى الاقتصاد العالمى، وكانت أفريقيا أكثر المتأثرين بها، خاصة فى قضية الأمن الغذائى وتأمين احتياجاتها من مصادر الطاقة.
 
فى أغسطس 2014، عقد الرئيس السابق باراك أوباما القمة الأمريكية الأفريقية الأولى، وها هو جو بايدن الرئيس الأمريكى الحالى يتذكر القارة السمراء، ويدعو لعقد القمة الثانية على مدار أيام ثلاثة 13 و14 و15 ديسمبر الجارى فى العاصمة واشنطن، فى محاولة من الإدارة الأمريكية الحالية للتغلب على أزمة الثقة الأفريقية فى الإدارة الأمريكية، فالرهان الحالى هو كيف تستعيد واشنطن ثقة الأفارقة بها، خاصة أن بايدن يريد بناء شراكة جديدة، لكنها شراكة لم تتحول حتى اليوم إلى أفعال على الأرض، وهو أكبر تحدى يواجه بايدن وهو يستقبل قادة وزعماء القارة السمراء.
 
وقبيل انعقاد القمة، أعرب بايدن عن تطلعه للعمل مع الحكومات الأفريقية والمجتمع المدنى وتجمعات المهجر فى الولايات المتحدة والقطاع الخاص، من أجل مواصلة تعزيز الرؤية المشتركة بشأن مستقبل العلاقات الأمريكية الأفريقية، كما أعربت نائبة الرئيس الأمريكى كاميلا هاريس عن الأهمية التى توليها واشنطن، لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، وعبرت عن ترحيبها بالقادة الأفارقة الذين سيشاركون فى القمة، التى تعكس التزام أمريكا تجاه شركائها الأفارقة، فى إطار من الاحترام المتبادل والمصالح والمبادئ المشتركة، لافتة إلى أن القمة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين والشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستفادة من خبرات القطاع الخاص، ووصفت أفريقيا بأنها القارة الأسرع نموا فى العالم، وعبرت عن التزام أمريكا بأن توفر لشركائها الأفارقة كل الأدوات المتاحة، ومنها تمويل التنمية والقروض والدعم الفنى ودعم الإصلاحات التشريعية. 
 
قالت وزارة الخارجية الأمريكية: إن القمة تعكس التزام الولايات المتحدة المتواصل تجاه أفريقيا وأهمية العلاقات الأمريكية الأفريقية، وتعمل على زيادة التعاون القائم على الأولويات المشتركة بين الجانبين، مشيرة إلى أن أفريقيا ستعيد تشكيل المستقبل، ليس فقط مستقبل الشعوب الأفريقية بل وأيضا مستقبل العالم، وأن أفريقيا ستحدث فرقا فى مواجهة أكثر التحديات إلحاحا وفى اغتنام الفرص المتاحة أمام الجميع، مشيرة إلى أن القمة ستبنى على القيم المشتركة بين الجانبين من أجل تعزيز التزام اقتصادى جديد بين الجانبين ودعم السلام والأمن والحوكمة الرشيدة، وإعادة التأكيد على الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المجتمع المدنى، والعمل المشترك لتعزيز الأمن الصحى الإقليمى والدولى، وتعزيز الأمن الغذائى ومواجهة الأزمات المتعلقة بالتغيرات المناخية، وتعزيز الروابط مع المهجر وتدعيم التعليم والقيادات الشابة.
 

عودة الاهتمام الأمريكى بأفريقيا

ما يدور فى واشنطن الآن يشير إلى رغبة حقيقية لدى إدارة بايدن لعودة الاهتمام بأفريقيا وقضاياها، حتى وإن لم يقم بايدن بزيارة أفريقيا بالشكل المأمول، لكنه يعول على شراكة اقتصادية تكون المنطلق لعودة واشنطن إلى أفريقيا، التى تشهد صراعا دوليا حولها من قوى كبرى تريد أن تحتفظ بالقارة لها، لذلك يحاول بايدن تناسى الماضى والبدء من اليوم، على أن تكون البداية بهذه القمة، وربما العمل على تشكيل مجموعة عمل أفريقية داخل الإدارة الأمريكية لإثبات الجدية أمام زعماء أفريقيا، وأيضا ربما مغازلة أفريقيا من خلال الحديث عن عقد القمة الثالثة فى دولة أفريقية.
 
فارق السنوات الثمانية بين القمتين يشير إلى تغيرات سيطرت على واشنطن، التى تعانى من مأزق الحرب الروسية الأوكرانية وما استتبعتها من حالة تملل أوروبية من السياسة الأمريكية، التى يرى الشركاء الأوربيون أنها ليست حاسمة لصالح إنهاء هذه الأزمة.
 
الرهان الأمريكى الجديد على أفريقيا يتطلب التغلب على مخاوف الأفارقة من عدم جدية الولايات المتحدة، واعتبار البعض لها شريكا لا يعتمد عليه بصفة عامة، خاصة أنه بعد القمة الأولى لم تقم واشنطن بوضع آلية للمتابعة، وهو أكبر مأزق يواجه إدارة بايدن فى القمة الثانية، لذلك تسعى واشنطن إلى العمل على الأرض، لإعادة الثقة الأفريقية مرة أخرى، وهو أمر شديد الصعوبة، لكن تأمل واشنطن أن تتجاوز هذا المأزق من خلال مشروعات وقرارات تعتبرها بداية لعهد جديد من الشراكة الأمريكية الأفريقية.
 

مواجهة التغلغل الصينى الروسى الفرنسى فى أفريقيا 

ولا تغفل إدارة بايدن بطبيعة الحال الاهتمام الدولى بأفريقيا، خاصة من جانب الصين وفرنسا وروسيا ودول أخرى عملت ولا تزال تعمل على ضخ مزيد من الاستثمارات فى الدول الأفريقية، أخذت فى الاعتبار أن هذه القوى لها حضور قوى فى الداخل الأفريقى، ربما زاد عن تاريخ الوجود الأمريكى، لكن ما تعول عليه واشنطن هو اهتمامها بقضايا التحول الديمقراطى فى القارة السمراء، والاهتمام بالشباب والمرأة، باعتبارهم من القوى الفاعلة الحقيقية على الأرض، وهو ما ظهر فى كثير من الأحداث السياسية التى شهدتها القارة على مدار السنوات الماضية.
 
يرى كثير من المراقبين للقمة الأمريكية الأفريقية أن وجود القادة الأفارقة فى واشنطن يمثل فرصة سانحة أمام بايدن، ليعيد التأكيد أمامهم على النهج الأمريكى الجديد تجاه القارة، لكن هذا لن يكون كافيا إلا إذا تزامن مع إجراءات فعلية وقرارات واقعية على شاكلة دراسة الإصلاحات المطلوبة فى السياسة الأمريكية، واقتراح التغييرات الحقيقية للنظام الدولى والمؤسسات الدولية التى يطالبون بها، خاصة توسيع عضوية مجلس الأمن ومنح أفريقيا مقعدين دائمين، وهو مطلب قديم وقفت ضده واشنطن لسنوات طويلة، فى حين ان بايدن ألمح سابقا إلى أنه مستعد للقبول به.
 
يؤكد المراقبون، خاصة من الجانب الأفريقى، أنه على بايدن عدم تقديم وعود لا يمكن لواشنطن الوفاء بها، بل الأفضل الحديث بصورة أقل من التوقعات المبالغ فيها، مشيرين إلى أن القمة بمثابة فرصة هائلة لتنفيذ الالتزامات ذات النوايا الطيبة، التى قطعتها إدارة بايدن على نفسها حتى الآن، ومن أجل تحقيق ذلك يتوجب على الولايات المتحدة أن تحصد الفوائد السياسية والاقتصادية من خلال العمل بشكل رمزى واستراتيجى وعملياتى، وبإمكان إدارة بايدن تمهيد الطريق لشراكة جديدة من خلال العديد من المبادرات غير المكلفة.
 
السؤال الآن.. هل تستطيع إدارة بايدن تهدئة القلق الأفريقى وكبح جماح التكالب الدولى على القارة السمراء؟.. هذا سؤال يتردد كثيرا ليس فقط فى واشنطن، وإنما فى عواصم أفريقية وحتى أخرى غربية تتابع المشهد عن قرب، فالكثير من المتابعين للقمة يرون أن التحرك الأمريكى الأخير تجاه القارة السمراء هو تغيير استراتيجى أمريكى، تحاول من خلاله واشنطن كسب أصدقاء جدد، تعويضا عن بعض الخسائر التى سببتها الحرب الروسية الأوكرانية، لكن يظهر هنا سؤال آخر.. ما هو موقف الدول الأفريقية؟
 

مطالب القادة الأفارقة 

بالحديث عن الموقف الأفريقى نعود قليلا إلى قمة المناخ cop27، التى عقدت فى شرم الشيخ نوفمبر الماضى، فقد كانت اللهجة الأفريقية من خلال كلمات ومداخلات الرؤساء شديدة القسوة، ليست على واشنطن بمفردها وإنما على كل الدول الكبرى، فقد كان لسان حال الجميع أن أفريقيا يكفيها ما حدث لها لعقود طويلة تعرضت خلالها لظلم كبير، سواء فى التجاهل أو تحميلها فواتير ليست لها علاقة بها، مثل فاتورة الخبز الروسية الأوكرانية وأيضا قضية التغيرات المناخية التى تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى وتحملت أفريقيا مخاطرها، دون أن تجد من يشاطرها هذه المخاطر، لذلك فإن الدول الأفريقية لن تكون سعيدة خلال القمة بالاستماع إلى وعود بقدر سعيها إلى إجراءات ملموسة، ليس لتعويض ما فات ولكن لإشراك أفريقيا فى القرار الدولى، وأن يتحمل الجميع المسؤولية وليست أفريقيا بمفردها، التى تواصل اليوم عملها لتحقيق التنمية المستدامة.
 
 وعلى هامش القمة، يعقد اليوم الثلاثاء منتدى المجتمع المدنى بعنوان «الشراكة الشاملة من أجل تعزيز أجندة 2063»، ويمثل منصة مشتركة بين كبار الممثلين الحكوميين والمجتمع المدنى، ويتيح الفرصة لمنظمات المجتمع المدنى أن تدلى برأيها فيما يتعلق بالفئات المهمشة فى الحياة العامة، وحقوق العمال ومكافحة الفساد وتعزيز المحاسبية، كما يعقد على هامش القمة، منتدى قادة شباب أفريقيا والمهجر، حيث يشدد على الالتزام بتعزيز الحوار بين المسؤولين الأمريكيين والأفارقة فى المهجر وتوفير منصة لشباب القادة الأفارقة، من أجل التوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات الراهنة، ويتضمن المنتدى عدة جلسات حول التعليم العالى وتنمية وتطوير القوى العاملة والصناعات المبتكرة وتحقيق العدالة البيئية.
 
 يعقد منتدى قادة الأعمال الأمريكيين والأفارقة غدا الأربعاء، تحت عنوان «الشراكة من أجل مستقبل أكثر ازدهارا لخلق فرص عمل وتحقيق النمو المستدام والشامل على جانبى المحيط الأطلنطى».
 
تتضمن القمة جلسات تشمل مجتمع الجاليات والقادة الأفارقة الشباب، الصحة العالمية والأمن الغذائى، تغير المناخ والطاقة، استثمارات البنية التحتية.
وخلال منتدى الأعمال بين الولايات المتحدة وأفريقيا فى القمة، سيناقش رؤساء الدول الأفارقة وقادة الأعمال والحكومات الأمريكية والأفريقية سبل تعزيز الشراكات ذات المنفعة المتبادلة، لخلق فرص العمل ودفع النمو الشامل والمستدام.
 

الانضمام إلى مجموعة العشرين 

ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن بايدن سيطالب خلال القمة بدخول الاتحاد الأفريقى إلى مجموعة العشرين، وستتم مناقشة الأمر مع الهند، التى تتولى رئاسة المجموعة خلال العام المقبل، كما سيعمل بايدن على تشجيع الشراكات والاستثمارات المستقرة والموثوقة، التى يتعين على الولايات المتحدة تقديمها، والتى تمكن الشركات فى أفريقيا والولايات المتحدة من الازدهار، وتعول إدارة بايدن على ما قام به وزير الخارجية أنتون بلينكن فى الأشهر الماضية، خلال زيارته لعواصم أفريقية، وللتأكيد على أنها لم تترك أفريقيا، بل كانت واشنطن قريبة منها وستزداد مساحة القرب تباعا، وفقا لاستراتيجية أمريكية جديدة تساهم فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدور فاعل، من خلال العمل على ضخ طاقة جديدة فى العلاقات بين الجانبين، اعتمادا على زيارات سابقة واتفاقات قديمة يجرى العمل على إحيائها وتطويرها، لتعزيز المصالح بالنسبة لكل المسائل، ابتداء من الأمن الغذائى ومكافحة الفساد وصولا إلى تمكين المرأة.
 
نشرت الخارجية الأمريكية قبل أيام تقريرا عن الشراكة مع أفريقيا، قالت فيه إنه منذ يونيو 2019، ساعدت الحكومة الأمريكية فى إبرام أكثر من 800 اتفاق تجارى واستثمارى بين الطرفين عبر 45 دولة أفريقية، تقدر قيمتها بنحو 50 بليون دولار من الصادرات والاستثمارات، وتم تنفيذ هذه الاتفاقات من خلال مبادرة «ازدهار أفريقيا»، وهى مبادرة أمريكية تستفيد من خدمات وموارد 17 وكالة حكومية أمريكية لزيادة التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية، كما دخلت الولايات المتحدة والدول الأفريقية فى شراكات عديدة لمواجهة التحديات العالمية، وستقومان بالبناء على تلك العلاقات خلال القمة، وتتضمن بعض النقاط البارزة موضوع تغيُّر المناخ، حيث تتحمل أفريقيا العبء الأكبر من تغير المناخ، فهناك 16 دولة من أصل 20 أكثر عرضة للتأثر بالمناخ تقع فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكجزء من خطة العمل المتعلقة بخطة الطوارئ الرئاسية للتكيف والقدرة على الصمود التى أطلقتها إدارة بايدن، تتعاون الولايات المتحدة مع البلدان والمجتمعات الأفريقية من أجل حماية البنى التحتية وأنظمة المياه والصحة والغذاء من تأثيرات المناخ.
 
 وفى مجال الصحة العالمية، قالت الخارجية الأمريكية: هناك تدخل فى شراكات عبر القارة الأفريقية، من خلال برامج مثل خطة الرئيس الأمريكى للطوارئ للإغاثة من الإيدز ومبادرة الرئيس لمكافحة الملاريا، وقد ساعدت الاستثمارات الأمريكية فى أفريقيا على تعزيز النظم الصحية، وزيادة المرونة الاقتصادية، والتصدى لوباء كورونا وجدرى القرود وإيبولا وغيرها من تهديدات الصحة العامة، كما تبرعت الولايات المتحدة بأكثر من 194 مليون جرعة لقاح لدول منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بالشراكة مع مبادرة تسهيل الوصول العالمى للقاح كوڤيد19 والصندوق الأفريقى لاستجلاب اللقاحات.
 
وفى الأمن الغذائى، قالت الخارجية الأمريكية: إن الحكومات المحلية تعمل مع المنظمات الزراعية فى جميع أنحاء القارة للحد من الجوع فى العالم، والاستثمار فى المرونة والابتكار فى قطاع الزراعة، وقد تم توسيع نطاق برنامج أمريكى، يسمى «الغذاء من أجل المستقبل» مؤخرا فى أفريقيا، والآن يوجد 16 دولة فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من بين الدول الـ25 الحالية المستفيدة من البرنامج، وقال وزير الخارجية بلينكن: إن هناك الكثير الذى يتعين على الدول الأفريقية والولايات المتحدة القيام به معا عبر العديد من المجالات، بما فى ذلك بعض المجالات التى ربما لم نكتشفها بعد، وأضاف: «كشركاء، فإن هذا الأفق لنا أن نصنعه».
30cbc2c4-5ed7-4144-8709-c96eabe6f591
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة