أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 نوفمبر 1866 .. الخديو إسماعيل يجبر شقيقه «مصطفى فاضل» على بيع ممتلكاته فى مصر لتعجيزه عن المطالبة بالعرش

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 نوفمبر 1866 .. الخديو إسماعيل يجبر شقيقه «مصطفى فاضل» على بيع ممتلكاته فى مصر لتعجيزه عن المطالبة بالعرش الخديو إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتقى إسماعيل باشا حكم مصر يوم 18 يناير 1863 بعد وفاة عمه سعيد باشا ابن محمد على، فكان همه الأول هو، كيف يتصرف مع شقيقه مصطفى فاضل؟
كان الاثنان «إسماعيل ومصطفى فاضل» هما الباقيان على قيد الحياة من أبناء إبراهيم باشا ابن محمد على وقائد جيوشه، وحاكم مصر نيابة عن أبيه من 2 مارس حتى 10 نوفمبر 1848، وتولى إسماعيل منصبه طبقا لنظام الوراثة، الذى قضت به الدولة العثمانية فى أول يونيو 1841، وكانت مصر تقع تحت ولايتها.
 
يقضى هذا النظام بأن تكون الوراثة بالأرشدية، أى تكون ولاية العهد لأكبر أولاد محمد على وأكبر أولاد أولاده، ويذكر إلياس الأيوبى فى كتابه «تاريخ مصر فى عهد إسماعيل باشا»، أن أول ما وجه إليه إسماعيل جهوده بعد أن تولى العرش، هو تغيير نظام الوراثة إلى الولد البكر، فالولد البكر من ذريته.
 
ويرى «الأيوبى» سبب إقدام إسماعيل على هذه الخطوة أنه «كان مشغولا بنوعين من أنواع الوقود هما، الحقد والحب، أما الحقد فعلى الأمير مصطفى فاضل أخيه من غير أمه، وعلى الأمير حليم عمه»، ويذكر «الأيوبى» أن أسباب حقد إسماعيل على شقيقه يعود إلى الكره المتبادل بين والدتيهما، الذى كثيرا ما أزعج والدهما إبراهيم.. يقول «الأيوبى»: «والدتهما كانتا مختلفى الجنس والميول، بالرغم من تمكنهما الواحد من قلب بعلهما السامى، ووحدة تأثيرهما عليه، فلم تكتفيا بتبادل الكره بينهما، بل أشربتاه قلبا ولديهما، واجتهدتا فى جعلهما عدوين لدودين، لا سيما أنهما ولدتا إسماعيل ومصطفى فاضل فى شهر واحد، وكل منهما تتمنى أن تكون أسبق الاثنين إلى الوضع ليكون ابنها أقرب إلى العرش».
 
يضيف «الأيوبى»: مال الحظ إلى جانب أم إسماعيل لأن ولدها أصبح وليا للعهد، فلم يعد مصطفى فاضل وأمه يحتملان النظر إلى المستقبل، وباتا يتمنيان طول عمر الوالى محمد سعيد باشا، أو تقصر حياة إسماعيل، فلم يحقق الدهر لهما هذه الأمنية، ولا الأخرى، فمات سعيد وهو فى ظهر حياته، وارتقى إسماعيل عرش جده وهو فى مقتبل العمر، 18 يناير 1863، ويؤكد «الأيوبى» أن مصطفى فاضل وأهله لم يحتملوا الحياة تحت حكم إسماعيل، فسافروا جميعا فى منتصف 1963 إلى أوروبا، بعد شهور قليلة من تبوء إسماعيل حكم مصر.
 
أقام مصطفى فاضل فى باريس، ويذكر «الأيوبى»: «ربما أدى ذلك البعاد إلى تراخى حبل الضغينة بين الأخوين، ولكن الوشاة الذين لم تكن مصلحتهم فى أن يسود الوفاق بينهما، أخذوا يختلقون من الأكاذيب على الأمير الغائب ما لم يكن معه بد من الاستزادة فى كره أخيه، والإغراق فى حقده، بل إنهم لم يحجموا عن تصوير ذلك الأخ النازح فى صورة الرجل المؤامر، المخامر، الساعى إلى إهلاك أخيه إسماعيل لكى يأخذ منه عرشه، وبلغ بهم حبهم للخداع والدسائس إلى حد أن ألقوا قنبلة سرا ذات صباح فى حديقة قصر الجيزة، وأسرعوا إلى التقاطها جهرا، وتقديمها إلى إسماعيل حجة دامغة وبرهانا قاطعا على صحة مؤامرات ومغامرات ومساعى أخيه الشريرة».
 
ويؤكد «الأيوبى» على أن إسماعيل، «لم يفطن إلى أن القنبلة كانت فارغة، لا تحمل فى جوفها سوءا مطلقا، واعتقد اعتقادا ثابتا أن أخاه أراد قتله ليخلفه على عرشه»، أدى ذلك إلى عزمه القيام بتغيير نظام الوراثة جذريا كى يقضى على أى فرصة قد تلوح لشقيقه مصطفى فاضل، فسعى لدى السلطان العثمانى «عبدالعزيز» كى يحصرها فى ذريته، ويذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من كتابه «عصر إسماعيل» أن إسماعيل نجح فى مسعاه وصدر له فرمان عثمانى يوم 27 مايو 1866، بحيث يؤول العرش إلى أكبر أنجاله، ويؤكد: «تحقق له ذلك بفضل الأموال الطائلة التى دفعها فى الآستانة، وبلغت ثلاثة ملايين من الجنيهات، وكلفت مصر تضحية مالية أخرى، ذلك أن تركيا اشترطت مقابل هذا التغيير زيادة الجزية السنوية من 400 ألف جنيه إلى 750 ألفا».
 
وفيما كان إسماعيل يبذل هذه المساعى، كان أخاه مصطفى فاضل وعمه حليم يبذلان كل ما فى وسعهما ويدفعان أيضا إلى الآستانة لإفشال مخططه، وخابت جهودهما، ورأى إسماعيل أن يقوم بتأمين فرمان الآستانة داخليا، ووفقا للأيوبى، فإنه سعى إلى تجريد شقيقه وعمه من ثروتهما العقارية فى مصر، ليقضى على مطامعهما نهائيا فى العرش، فأوفد فى نهاية 1864 إلى مصطفى فى باريس بمن يفاتحه ببيع أطيانه، لكنه رفض، ثم كرر محاولته مرة ثانية ونجحت، وتم الاتفاق على البيع باثنين مليون جنيه وثمانين ألف جنيه إنجليزى، وتم التوقيع على عقد البيع بباريس يوم 22 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1866، وسجل فى اليوم السادس والعشرين منه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة