عندما يتمنى الإنسان شيئًا معا، أول ما يتبادر إلى ذهنه هو الاستجداء إلى المولى عز وجل ليُهيئ له أسباب استجابة دعائه، ويبدأ في البحث عن الأسباب الحياتية والكونية، ويظنّ أن تحقق هذا الأمل هو نهاية المطاف بالنسبة له، ومُنتهى الاستقرار النفسي في حياته، ويسعى جاهدًا للحصول على مآربه التي يعتقد أنها مُبتغاه في الحياة.
فهل يُمكن أن يُصدق أنه كان في يوم من الأيام سيتمنى أن ينسى هذا الشيء، فهذا هو الألم بذاته؟ فما أصعب أن تتناقض أحلامك، وتتبدل أحاسيسك، ومَنْ كنت تتمنى القُرب منهم، تسعى للابتعاد عنهم، فهل هذه هي الحياة، أم تُراه الواقع الذي يفرض نفسه علينا في كثير من الأحيان؟ عندما نكتشف أن مَنْ كنا نظن أننا نعرفهم، وأن قُربهم منا فيه كامل راحتنا، هم في الواقع أشخاص آخرين لا نعرفهم، ولا يمتوا بصلة لخيالنا.
فالحقيقة أن صدمات الحياة كفيلة باضطرارنا إلى تغيير أفكارنا، وأحلامنا، وأمنياتنا، ولا تظنوا أن هذا التغيير لا يُسبب لنا الألم، بل على العكس، فيكفي إحساس الخديعة، فهو في حد ذاته كفيل بأن يخلق بداخلنا حالة رهيبة من الألم والأوجاع الشديدة، حتى عندما يلتئم الجرح، وتستقر الروح، وتتصالح النفس، فلا خلاف على أن إحساس الإنسان باضطراره لتغيير مُجريات أحلامه، كفيل بأن يخلق بداخله هزّة نفسية عنيفة، ولكن صدقوني، مع مُرور الوقت تهدأ نفسه، ويكتشف أن الدرس المُستفاد من التجربة أعظم قيمة من الألم المُصاحب لها.
فلا تبتئسوا، فالآلام أحيانًا كثيرة ما تكون هي بوابة دخول الآمال، والأوجاع لم تُخْلَقْ إلا لتهيئة الإنسان لعدم العودة لأخطائه، وحتى لا يعيش في حالة استعادة واسترجاع.
ويكفي أن دعاءك في الحالتين كان مُستجابًا، عندما تمنيت اقتراب إنسان، أو شيء منك، تمت الاستجابة، لكي تعرفه على حقيقته، وعندما تبينت خطأك، تم استجابة دعائك بابتعاده عنك، فهذا في حد ذاته نعمة، وهي أن تكون مُجاب الدعاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة