عندما أراد علماء الفلك تلسكوبًا يمكنه التقاط الأشعة السينية من الأجرام السماوية استمدوا إلهامهم من سرطان البحر وعندما أراد الأطباء دواءً يمكن أن يثبت مرضى السكري من النوع الثاني، وجدوا مصدر إلهامهم في سحلية، وعندما أراد العلماء تقليل الانبعاثات في صناعة الأسمنت بشكل كبير لاحظوا كيف تبني الشعاب المرجانية هياكلها العظمية في البحر، هذا هو ما يمكننا وصفه بأخذ الإلهام من الطبيعة لمواجهة التحديات البشرية.
في كتاب Nature's Wild Ideas تذهب كريستي هاميلتون وراء الكواليس لبعض أكثر ابتكاراتنا غير المتوقعة. إنها تعبر الشلالات المتجمدة، وتنطلق في الغابات الملبدة بالغيوم، وتكتشف أعشاشًا في صحراء موهافي، وتنظف مناطق المد والجزر، وتنقلنا إلى أعمق المحيطات وبالقرب من البراكين لتعريفنا بالحيوانات والنباتات التي ألهمت البشر بأنظمة توجيه البضائع وطرق صناعة المواد اللاصقة وغيرها.
في حين أن متعة الاكتشاف العلمي هي المقدمة والمركز فإن كتاب Nature’s Wild Ideas هو أيضًا رسالة حب إلى الطبيعة مكتملة برسالة عميقة للحفظ: إذا أردنا مواصلة التعلم من المخلوقات من حولنا ، يجب علينا حماية أوطانهم، أو بمعنى أدق يجب علينا الحفاظ على البيئة.
كتاب كريستى هاملتون حافل بمثل هذه الحكايات السريالية عن اختراعات بشرية عدة مستوحى من عمل الطبيعة حيث حرصت هاميلتون على الإشارة إلى أن هذا ليس بسبب التصميم الواعي أو السعي لتحقيق الكمال بل إنه النهج البشري في الاستفادة من كل ما يحيط بالإنسان منذ بدء الخليقة.
لنبدأ مع ساق الزرافة فقد تم استخدام قدرتها على نقل الدم ضد قوة الجاذبية لمساعدة البشر الذين يعانون من امتلاء الكاحل بالسوائل حيث تحاكي الجوارب الداعمة التى اخترعها البشر الجلد السميك والمرن للثدييات بشكل غير عادي لإبعاد أهوال الوذمة اللمفية، كما جرى استخدام هذه التقنية من قبل رواد الفضاء للتحرك بحرية أكبر في الفضاء ، مرتدين بذلة بيولوجية مرنة خفيفة الوزن تستند إلى نفس المبدأ.
خذ على سبيل المثال أيضا الكركند الذي تطورت عيونه العاكسة وهنا تقول كريستى هاميلتون في كتابها: "من السهل الحكم على مخلوق يتبول من وجهه لكن عين الكركند أفضل 256 مرة في التقاط أشعة الضوء في الظلام من العين البشرية في ضوء النهار، وقد ساعدت علماء الفلك في حل لغز كيفية إنشاء تلسكوبات يمكنها جمع الأشعة السينية التي تنشأ على بعد ملايين السنين الضوئية.
يرشدنا كل فصل من فصول كتاب "أفكار من الطبيعة البرية" إلى كيفية إلهام الكائنات الحية المنتشرة في الطبيعة المحيطة بنا بكم هائل من الأفكار والاختراعات على مدار تاريخ البشرية وتقدم لنا الدليل وهم أولئك الأشخاص الذين صنعوا مراوح موفرة للطاقة مستوحاة من ثآليل الحوت، أو أدوية السكري من السحلية التى سال لعابها.
يذكر أن مؤلفة الكتاب كريستي هاميلتون صحفية علمية كتبت في عدة دوريات علمية شهيرة حول العالم كما كانت مضيفة بودكاست ومحررة فيديو لمجلة Science Magazine، وغطت جميع الرحلات الاستكشافية النسائية إلى القارة القطبية الجنوبية، وركوب الخيل وتسلقت الجليد في Hyalite Canyon، وعاشت في الصحراء في عربة سكن متنقلة، وغالبًا ما كانت تنام في مؤخرة شاحنة، وأدارت مؤتمرًا حول استدامة المأكولات البحرية القائمة على الخلايا، التي تم تسلقها في يوسمايت والدولوميت، وتعيش في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة