د. إبراهيم نجم

مؤتمر الإفتاء العالمى وقمة المناخ

الأربعاء، 12 أكتوبر 2022 12:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع ترقبنا جميعا لانعقاد الدورة السابعة والعشرين لقمة المناخ العالمية التي تنعقد على أرض الكنانة بشرم الشيخ بالقرب من جبل المناجاة في طور سيناء، وما يمثله هذا الحدث العظيم من فرصة سانحة للبشرية كلها لإعادة التأكيد على تحمل المسئولية حيال هذا الأمر الخطير الذي لا بد أن يتحمل كل إنسان نصيبه من المسئولية حياله وحيال الأجيال الحالية والقادمة التي تعيش معا على الأرض بدعم وتعزيز جهود مواجهة تغير المناخ والتكيف مع آثاره السلبية، والبناء على الزخم الإنساني والإرادة المتوافرة من كافة الأطراف.
 
ومن ثم تأتي الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم لأخذ موقعها المرجوِّ منها، وتفعيل دَورها في تحقيق التنمية المطلوبة؛ وذلك انسجامًا مع الواقع المعاصر من خلال هذا المؤتمر الذي يأتي هذا العام تحت عنوان: (الفتوى وأهداف التنمية المستدامة)، تقدم الأمانة إجابات شافية عن أسئلة إنسانية حائرة حول موضوع التنمية المستدامة، وفي قلبها ما يتعلق بتغير المناخ، ومن جملة الأسئلة التي يجيب عنها مؤتمر الأمانة.
السؤال الأول: لماذا اخترتم هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات؟.
 
ونحن نجيب: إن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتقها كمؤسسة تتحمل مسئولية مجال الإفتاء في العالم وما يقدمه للعالم من إسهامات في مواجهة المشكلات وحلها، وتعي جيدا أن أنظار شعوب العالم كله تتجه إلى الخطاب الديني وإلى الأديان وقادتها وإلى القيام بدورهم في دعم الإصلاح ودرء الفساد عن عالمنا وكوكبنا الذي نعيش فيه، وإلى دورهم في الوعي الرشيد تجاه التنمية والبيئة والمناخ.
 
السؤال الثاني: ما العلاقة بين التنمية المستدامة من ناحية والإفتاء أو الخطاب الديني؟
ونحن نجيب: إن الأديان لها مقاصدها الكبري وغاياتها العليا في والتي مقدمتها عبادة الله الواحد وتزكية النفس وعمارة الكون؛ فالعمران مطلب شرعي في الإسلام، نصَّ عليه القرآن الكريم؛ لكونه من جملة ما كُلِّف به الإنسان في تحقيق خلافة الله عزَّ وجل في أرضه، قال تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خليفة} [البقرة: 30]، وقال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]؛ أيطلب منكم عمرانها.
 والسنة النبوية التي أَوْلَتِ اهتمامًا بالغًا بالعمل المثمر الذي يعود بالخير والنماء على الإنسان ومن معه، قال ﷺ: «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا؛ فيأكل منه إنسان أو حيوان أو طير إلا كان له صدقة».
 
 وقد نصَّ العلماء على أن مدار الأمر في الشريعة الإسلامية على جلب المصالح ودرء المفاسد، والتنمية من آكد المصالح وأهمها في هذا العصر.
 
السؤال الثالث: ما العلاقة بين الاستدامة والإفتاء أو الخطاب الديني؟
الاستدامة جزءٌ أصيل لا ينفصل عن مفهوم التنمية في الشرع الشريف، وهذه الاستدامة تعني: تلبية احتياجات الحاضر على جميع المستويات المادية والروحية؛ دون أن تتعرض قدرة الأجيال التَّالية ومواردها في إشباع احتياجاتها للخطر. وبعبارة أخرى: التنمية المستدامة -التي صارت مطلبًا عالميًّا الآن- مقصدٌ من مقاصد الشرع، وهي تنميةٌ لا إفساديها، ولا إضرار أو إهدار للموارد، إنها تنمية متوازنة، شاملة، تشاركية من دون إقصاء لأحد، تستخدم أفضلَ الوسائل المتاحة لإعطاء أفضل النتائج المرجوَّة.
 
السؤال الرابع:  كيف سيعالج المؤتمر موضوع التنمية والاستدامة؟
ونحن نجيب: يتناول المؤتمر في أبحاثه وحواراته ومشاركاته المتميزة العلاقة بين الفتوى والتَّنمية المستدامة من ثلاثة محاور أو مداخل
المدخل الأول: وهو بمثابة النظر الإفتائي في جلب المصالح التنموية عن دَور الفتوى في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
 
وقد حدَّدت الأمم المتحدة (17) هدفًا للتنمية المستدامة، المعروفة ب (الأهداف العالمية)؛ وهي دعوة لإنهاء الفقر وحماية الكوكب، وضمان تمتُّع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030م.  
 
ولا يخرج مقصود المفتي في أي زمان من رعاية هذه الأهداف فهي داخلة تحت بند الضروريات أو الحاجيات الواجب تحصيلها.
 
المدخل الثاني: وهو بمثابة النظر الإفتائي في درء المفاسد التنموية دَور الفتوى في مواجهة معوقات التنمية. 
المدخل الثالث: وهو بمثابة النظر الإفتائي في الأولويات التنموية بعنوان الفتوى ودعم الاقتصاد الوطني.
السؤال الخامس:  ماذا أعدت الأمانة لتقديمه عمليا بين يدي المؤتمر وموضوع التنمية والاستدامة؟.
 
ونحن نحيب: دعمًا لأهداف الأمانة يقدِّم المؤتمر في دَورته الحالية طائفةً من المشروعات الرائدة والمبادرات المهمة، ومنها:
 
أولًا: المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية:
وهي مَعلَمةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ دَفَّتَيْهَا جَمِيعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِفْتَاءِ وَمُصْطَلَحَاتِهِ وَتَأْهِيلِ الـمُفْتِين َعِلْمِيًّا وَمَهَارِيًّا، وَإِدَارَةِ الـمُؤَسَّسَاتِ الإِفْتَائِيَّةِ، وبيان ارتباط الفتوى بمجالات التنمية المستدامة وأهدافها، وقد أُنجز منها إلى الآن خمسون مجلدًا، ومنها الفتوى والتغيُّر المناخ، الفتوى وقضايا حقوق الإنسان، والفتوى وتنمية الأسرة، الفتوى وتجديد الخطاب الديني، والفتوى والسلام العالمي.
 
ثانيًا: وثيقة المبادئ الإفتائية لمواجهة التغيرات المناخية:
وهي وثيقة تعالج أهم أهدف التنمية المستدامة وأخطرها في الوقت الراهن وهو مواجة التغيرات المناخية، وقد تمَّ التوافق عليها وصياغتها انطلاقًا من الأصول الإسلامية الأخلاقية والفقهية والشرعية، تعميقًا للوعي بمخاطر ومشكلات ما نجم عن التغيرات المناخية على كافة الأصعدة والمجالات في الحياة الإنسانية، وحتى يكون الإفتاء واحدًا من المجالات التي تسهم في حل المشكلة وقاية وعلاجًا.
 
وتقديرا للموقف الراهن للكوكب الذي نعيش عليه ولسرعة التحرك لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأرض من تبعات هذه التغيرات جميعها، وللاعتقاد بأن كل وسيلة أو تدبير يسهم في هذا الأمر إنما هو من باب الواجب الديني والوطني والإنساني على السواء.
 
وفي سبيل التوعية والتبصير نأمل أن يتوجه المؤتمرون بنداء إلى شعوبنا جميعها وإلى منظمات المجتمع المدني لنشر “الأوقاف البيئية" على أوسع وجه؛ فهي صدقة جارية ووقف خيري بما يشمل استصلاح الأراضي وتدوير المخلفات، وأن يتوسعوا في هذه النوعية من الأوقاف لدعم الجهود المبذولة لحماية البيئة والمناخ.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة