د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: فرصة تانية

الجمعة، 07 يناير 2022 05:39 م
د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: فرصة تانية داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعلَّم أن تمنح الناس فرصة ثانية، ولا تعطهم الثالثة، ليس بُخلا، ولا قسوة، ولا تجبرًا، أو تشدد أو تكبر، أو قوة منك، بل رحمة بنفسك وبالناس، فلو اعتدت أن تمنح الفرصة الثالثة، والرابعة، والخامسة، ستُصبح شخصًا مُستباحًا بين الناس، ستفقد هيبتك، وبالتبعية ستقلّ قيمتك، وأخيرًا ستخسر احترامك لنفسك، لأن من لا سقف لفرصه، يكون مُباحًا لكل الناس، من حقهم أن يقتحمونه وقتما يشاءون، فهو عاريًا أمامهم، بلا سقف يُغطيه، ويحميه، ويصونه، ويأويه.

 

أما بالنسبة للغير، فأنت عندما تمنحه الفرصة الثانية، فأنت تمنحه معها درسًا غاليًا في الحياة، وهو كيفية إعادة حساباته، ومُراجعة نفسه، وتصحيح أخطائه، وتُعلمه كذلك كيفية التسامح، وأن يكون قلبه رحيمًا، وصدره رحبًا، ولكن إذا فشل في استغلال تلك الفرصة، ومنحته الفرصة الثالثة، فهنا تُوقّر في يقينه أن الحياة بلا مبادئ، وأن بني البشر مُباحين يفعل بهم ما يحلو له، وأنه إله مُنزه، من حقه أن يفعل ما يشاء وقتما يشاء، فالكل سيرفع راية التسامح له بمجرد أن يطلب الصفح والغُفران، فأنت هنا ستُعزز بداخله صفة الكِبْر، وستغلظ قلبه بالتدريج، وستقتل المبادئ بداخله مع الوقت، ولن تجعله يحترم الآخرين، أو يُقدر قيمة الفرصة الثانية، لأنه سيُدرك أنه كلما أخفق ستكون الفرصة التالية في انتظاره فاتحة ذراعيها على مصراعيها لتُعانقه، وتُعانق معه أخطاءه التي لا نهاية لها، وهنا سيموت بداخله الإنسان، وسيتحول إلى وحش كاسر يُكشّر عن أنيابه على كل فريسة تقع تحت يده، ولن يتوانى عن التهامها، لأنه مُؤمن تمام الإيمان أنها ستُسامحه، بل وستمنحه بدلاً من الفرصة الثانية، فرصة ثالثة ورابعة وعاشرة إلى ما لا نهاية.

 

ويُؤسفني أن أقول إنه هو الذي سيُقرر النهاية عندما يمل من فريسته، ويبدأ في رحلة البحث عن غيرها، فاعلموا جميعًا أنكم تُساعدون على تربية الوحوش البشرية بتهاونكم في حُقوقكم وبمنحكم حِفنة من الفرص التي لا نهاية لها. فتعلّموا أن تكون الفرصة الثانية هي الفرصة الأخيرة.

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة