في أجواء احتفالية رائعة، حركت مديرية أمن القاهرة أتوبيسا مكشوف، يحمل الأطفال يلوحون بالأعلام المصرية على أنغام الأغاني الوطنية، حيث جاب ميادين وشوارع القاهرة احتفالا بالذكرى السبعين لعيد الشرطة، بناءً على توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بالمشاركة المجتمعية في الاحتفالات ورسم البسمة على وجوه المواطنين.
وحرص ضباط وضابطات الشرطة، ورجال الإعلام والعلاقات بمديرية أمن القاهرة، بإشراف اللواء أشرف الجندي مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة، على توزيع الهدايا على المواطنين بالشوارع، حيث تم توزيع الورود والـ"شيكولاتة" والأعلام وحقائب ولعب أطفال.
وأعدت مديرية أمن القاهرة دليل إرشادي إلكتروني يلقي نظرة علي جهود الدولة لتحقيق السيوله المرورية بالعاصمة من خلال عدة محاور رئيسية، أبرزها المقر الجديد للإدارة العامة لمرور القاهرة ودوره في إدارة العمل المروري بطريقه عصرية، والمحاور المرورية والكباري المستحدثة شرايين الأمل في قلب العاصمة ، وعناصر الأمان لقائدي المركبات علي الطريق ، و الإجراءات الإنضباطية وإرشادات السلامة المرورية ، ونبذة عن إجراءات تراخيص المرور المختلفة .
وتضمن الدليل الإرشادي خرائط إرشادية لكافة المحاور المستحدثة فضلاً عن فيديوهات لتوضيح مسارات تلك المحاور لقائدي المركبات من خلال مسح QR كود بالهاتف المحمول كما يمكن تحميل الكتاب باستخدام ذات الخاصية.
ووزع ضباط الإدارة العامة لمرور القاهرة نسخ مجانية من الدليل الإرشادى على قائدي المركبات، الأمر الذي لاقي إستحسانهم وقدموا الشكر لوزارة الداخلية علي هذا الإصدار القيم.
وحرص المواطنون على التقاط الصور مع الضباط وتوجيه عبارات الشكر لوزارة الداخلية، حيث قال مواطن: "شكرًا لعيون مصر الساهرة، ننام في أمان وسلام، مطمئنين بوجودكم"، وقال آخر :"كل عام وشرطة بلدنا بخير.. كل عام وأنتم على العهد باقين".
وبدأت قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، حيث استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة، وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغت فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وكانت هذه الحادثة اهم الأسباب فى اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة، التى كان يطلق عليها بلوكات النظام وقتها، وهو ما جعل إكسهام وقواته يحاصران المدينة، وتقسيمها إلى حى العرب، وحى الإفرنج، ووضع سلك شائك بين المنطقتين، بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.
هذه الأسباب ليست فقط ما أدت لاندلاع المعركة، بل كانت هناك أسباب أخرى.. بعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة، والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز، وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.
وفى 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافى، وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للإنجليز كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء عليه تماما، لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم، فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وبدأت المجزرة الوحشية الساعة السابعة صباحا وانطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة، وبعد أن تهدمت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة، لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم، وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات: لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة. واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى إنفيلد) ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة 56 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و12 جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير 1952.
ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا. وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى وتحتفى بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة