أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

منتدى شباب العالم.. وحزمة من المصالحات

الثلاثاء، 11 يناير 2022 02:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"الصراع".. كلمة تمركزت حولها السياسة الدولية لعقود طويلة، منذ الحقبة الاستعمارية، مرورا بالحروب العالمية، وصولا إلى الحرب الباردة، والتي أعلنت عالم "أحادي القطبية"، تحت الهيمنة الأمريكية المنفردة ليدخل العالم في مرحلة جديدة من الصراع، فيما يسمى بـ"صراع الحضارات"، والتي شهدت تنظيرا أمريكيا قبل التطبيق العملي لها، عبر ما يسمى "الحرب على الإرهاب"، في إطار مقالة، تحولت إلى كتاب للسياسي الأمريكي صموئيل هنتنجتون، حول تحول وجهة الصراع العالمي من الجانب الأيديولوجي (الرأسمالية والشيوعية)، إلى صراع أخر، بين الحضارتين الغربية والإسلامية، وهى الرؤية التي بلغت ذروة تطبيقها في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، عندما أقدمت الولايات المتحدة على حروبها سواء في أفغانستان والعراق، والتي لم تسفر عن أية إيجابيات بعد حوالي عقدين من الزمان من انطلاقهما، بل وعادت الأمور فيهما إلى "المربع الأول".

مصطلح الصراع ربما من المنطقى أن يرتبط بالسياسة، في ظل أبعادها المصلحية الخالصة، إلا أن استمرار الصراعات، ربما يدفع الكوكب دفعا نحو "الهلاك" النهائي، في ظل أزمات لا حصر لها، تتجاوز الأبعاد التقليدية، على غرار أزمة التغيرات المناخية، وجائحة كورونا، وهو الأمر الذى يمثل جوهر الرسالة التي يقدمها منتدى شباب العالم، من أرض مصر، عبر تحويل "الصراعات" إلى مصالحات، عبر الحوار الجاد والحقيقي، والتركيز على تعظيم المصالح المشتركة، ليس فقط بين الدول، ولكن أيضا بين الشعوب، وفى مقدمتهم قطاع الشباب، وهو الأمر الذى يمثل انعكاسا لدبلوماسية "التعميم" التي طالما انتهجتها الإدارة المصرية، في إطار "الجمهورية الجديدة"، في العديد من الملفات والقضايا، سواء المرتبطة بالتنمية أو إعادة الإعمار، والتي باتت تجسد جزءً لا يتجزأ من النهج الدبلوماسي المصري في السنوات الأخيرة.

ولعل المنتدى العالمي، والذى بات يمثل حدثا سنويا استثنائيا، نجح في تقديم، أو بالأحرى تحويل العديد من الصراعات، إلى "مصالحات"، عبر المشاركة الواسعة للشباب من مختلف أنحاء العالم، ربما أبرزها ما يسمى بـ"صراع الحضارات"، حيث يبقى حضور أبناء مختلف دول العالم، من مشارق الشمس إلى مغاربها، تجسيدا حقيقيا لإعلاء مبدأ الحوار، بين أصحاب الرؤى والمعتقدات المختلفة، بل والتوحد معا في مواجهة التحديات الصعبة التي يبدو العالم بانتظارها، إذا لم يكن هناك تحركا حقيقيا، لاحتوائها في أسرع وقت، من خلال عرض التجارب المختلفة، وكيفية تطبيقها وتعميمها، لنجد أن الصراع تحول إلى حوار، في الوقت الذى تتجسد فيه عبقرية هذا الحوار أنه يأتي بين ممثلين عن الشعوب، والتي تمثل "السلطة الحقيقية" في دولها، في حضور المسؤولين، في رسالة مفادها أن الحوار والتوافق هو رغبة الشعوب الحقيقية، وليس الانغماس في مزيد من الحروب والصراعات.

وهنا نجد أن ثمة "مصالحة" جديدة ولدت من رحم منتدى شباب العالم، والمنعقد حاليا في شرم الشيخ، تتجلى في العلاقة نفسها بين الشعوب والأنظمة، في ظل طغيان القرار السياسي في الكثير من الأحيان، في ظل فجوة كبيرة من التعارض، نجحت العديد من الحكومات في إخفائها، خاصة في الغرب، إلا أنها تجلت في العديد من المشاهد التي سادت الكثير من الدول في السنوات الأخيرة، سواء في صورة احتجاجات أو أعمال عنف، والتي طالت أعتى الديمقراطيات في العالم، على غرار مشهد اقتحام الكونجرس في العام الماضي، على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وخسارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والذى حظى بشعبية كبيرة إثر خطابه الشعبوى.

مصالحة أخرى قدمها منتدى شباب العالم، تتجسد في خلق حوار بين "الأجيال"، بعد صراع عجزت كافة المحاولات في السيطرة عليه،  في ظل هيمنة الشباب، على الحدث الهام، في الوقت الذى يشهد فيه حضور قطاع كبير من المخضرمين من مجال السياسة والدبلوماسية، بالإضافة إلى الخبراء في مختلف المجالات، كالطاقة والتكنولوجيا والاقتصاد والثقافة، سواء من الدول أو المنظمات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وغيرها، لنجد أن المنتدى يقدم مزيجا نادرا بين الخبرة والابتكار، في مختلف القطاعات، مما يساهم في إثرائه بما يحقق المصلحة العامة للمجتمع الدولى.

وهنا يمكننا القول بأن منتدى شباب العالم يمثل تجربة فريدة، في كونه يقدم حزمة من المصالحات، بين أطراف ربما تأججت بينها الصراعات لسنوات بل لعقود طويلة من الزمن، ليصبح الحدث بمثابة "بادرة" سلام واستقرار في مرحلة ربما لا تحتمل المزيد من الصراعات في المستقبل، مع تزايد الأزمات وتراكمها وتفاقمها بصورة غير مسبوقة










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة