كُل شيء في الحياة أنواع، وكُل شيء له نقيضه، وكما قال تعالى في كتابه العزيز: "(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، أي كُل شيء له صنفين مُتقابلين، وبالقطع هذه ميزة لكي يستطيع الإنسان أن يحصل على مساحة أكبر في الاختيار، ولا يتقيد بصنف أو نوع واحد فقط، خاصة وأن الأذواق تختلف ولا تتآلف دائمًا، ولكن أصعب شيء في الوجود أن يكون هناك نقيض في معاني الحُب وأساليبه، فالحُب وكما يعلم الجميع أسمى وأنبل شُعور في الوُجود، لأنه لا يحتاج إلى أسباب أو دوافع، فهو يُخلق كهبة من المولى عز وجل بدون انتظار أو تحديد موعد مُسبق، أو سبق إصرار وترصّد، ولكن للأسف أثبتت الحياة والتجارب العملية أن الحُب هو أكثر نعمة يملؤُها التناقُضات، فهناك حُب يُغلّيك، وحُب يُرخّصك، وحُب يملأ قلبك بالأمل، وحُب آخر يرسم خُيوط اليأس بداخلك، وحُب يُقويك، وحُب يُضْعفك، وحُب يبنيك، وحب يهدمك، وحُب يدفع الهموم عن كاهلك، وحُب يزرع الهموم بداخلك، وحُب يُفتح آفاقك ويجعلك عالمًا، وحُب يُعصب عينيك وعقلك، فتتحول إلى جاهل، حُب يمنحك الأمان، وحُب يُذيقك قهر الزمان ويجعلك في طي النسيان، حُب يُدفئك، وحُب يُبردك، حُب يرسم البسمة على شفاك، وحُب لا يحصد سوى الدمُوع من مُقلتيك، حُب يُعليك، وحُب يُوطّيك، حُب يُرطّب على قلبك، وحُب يكوي بناره قلبك، حُب يجعلك صادقًا، وحُب يجعلك كاذبًا، حُب يُعلمك لغة التسامح، وحُب يُعلمك كيف تكون إنسانًا جارحًا، وحُب يُصفّي روحك، وحُب يُشتّت ذهنك، حُب يجعلك تجد نفسك، وحُب يجعلك تتوه وتضيع من نفسك، حُب يسندك ويُعضّدك، وحُب يُمِيلك ويُنحيك ويُهمشك، حُب يجعلك تقول حبيبي ثم أنا، وحُب يجعلك تقول أنا ومن بعدي الطُّوفان، حُب يجعلك تصرخ بعُلو صوتك وتقول آاااه، وحُب يجعلك تهتف بأعلى صوت وتقول الله.
وفي النهاية من يُحب لا يختار، فمن يقع في الحب قد يختار نهج وأسلوب حُبه، ولكن شكل هذا الحب واستمراره مُرتبط بمدى استجابة الطرف الآخر، أي بالمُتلقّي، وأيًا ما كان الأمر، فالحُب قدر لا مناص منه، ولكن علينا أن نسعى جاهدين لكي نجعل منه آية من آيات الله على الأرض، فهو لم يُخلق هَباءً، ولكن خُلِقَ لحكمة ربانية هدفها أن يظل القلب في حالة نشاط دائم، لأن الخُمول والكسل إذا أصاباه سيموت، حتى لو ظل ينبض، فنبضاته ستكون ملأى بالقنوط، وعليك أن تختار أي نوع من الحُب تريد؟!!!! فبيفيه الحُب سيظل دائمًا مفتوح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة