هل خذل أهل العراق مصعب بن الزبير؟.. ما يقوله التراث الإسلامى

الأحد، 22 أغسطس 2021 05:00 م
هل خذل أهل العراق مصعب بن الزبير؟.. ما يقوله التراث الإسلامى البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاش التاريخ الإسلامى فترات صعبة كان منها الصراع بين عبد الله بن الزبير وبين عبد الملك بن مروان، وفى سنة 71 هجرية قتل مصعب بن الزبير فى إحدى المعارك، وهو الذراع القوى لأخيه عبد الله، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟.

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة إحدى وسبعين"

ففيها: كان مقتل مصعب بن الزبير، وذلك أن عبد الملك بن مروان سار فى جنود هائلة من الشام قاصدا مصعب بن الزبير، فالتقيا فى هذه السنة، وقد كانا قبلها يركب كل واحد ليلتقى بالآخر فيحول بينهما الشتاء والبرد والوحل، فيرجع كل واحد منهما إلى بلده.

فلما كان فى هذا العام سار إليه عبد الملك وبعث بين يديه السرايا، ودخل بعض من أرسله إلى البصرة فدعا أهلها إلى عبد الملك فى السر، فاستجاب له بعضهم.
وقد كان مصعب سار إلى الحجاز فجاء ودخل البصرة على إثر ذلك، فأنب الكبراء من الناس وشتمهم ولامهم على دخول أولئك إليهم، وإقرارهم لهم على ذلك، وهدم دور بعضهم، ثم شخص إلى الكوفة، ثم بلغه قصد عبد الملك له بجنود الشام فخرج إليه ووصل عبد الملك إلى مسكِن.
 
وكتب إلى المروانية الذين استجابوا لمن بعثه إليهم فأجابوه، واشترطوا عليه أن يوليهم أصبهان فقال: نعم - وهم جماعة كثيرة من الأمراء - وقد جعل عبد الملك على مقدمته أخاه محمد بن مروان، وعلى ميمنته عبد الله بن يزيد بن معاوية، وعلى ميسرته خالد بن يزيد بن معاوية.
 
وخرج مصعب وقد اختلف عليه أهل العراق، وخذلوه وجعل يتأمل من معه فلا يجدهم يقاومون أعداءه، فاستقتل وطمن نفسه على ذلك، وقال: لى بالحسين بن على أسوة حين امتنع من إلقائه يده، ومن الذلة لعبيد الله بن زياد.
 
وجعل ينشد ويقول مسليا نفسه:
 
وإن الأولى بألطف من آل هاشمٍ * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
 
وكان عبد الملك قد أشار عليه بعض أصحابه أن يقيم بالشام وأن يبعث إلى مصعب جيشا، فأبى وقال: لعلى إن بعثت رجلا شجاعا كان لا رأى له، ومن له رأى ولا شجاعة له، وإنى أجد من نفسى بصيرا بالحرب والشجاعة.
 
وإن مصعبا فى بيت شجاعة، أبوه أشجع قرشي، وأخوه لا تجهل شجاعته، وهو شجاع ومعه من يخالفه، ولا علم له بالحرب، وهو يحب الدعة والصفح، ومعى من ينصح لى ويوافقنى على ما أريد.
 
فسار بنفسه فلما تقارب الجيشان بعث عبد الملك إلى أمراء مصعب يدعوهم إلى نفسه ويعدهم الولايات، فجاء إبراهيم بن الأشتر إلى مصعب فألقى إليه كتابا مختوما وقال: هذا جاءنى من عبد الملك، ففتحه فإذا هو يدعوه إلى الإتيان إليه، وله نيابة العراق.
 
وقال لمصعب: أيها الأمير! إنه لم يبق أحد من أمرائك إلا وقد جاءه كتاب مثل هذا، فإن أطعتنى ضربت أعناقهم.
 
فقال له مصعب: إنى لو فعلت ذلك لم ينصحنا عشائرهم بعدهم.
 
فقال: فابعثهم إلى أبيض كسرى فاسجنهم فيه، فإن كانت لك النصرة ضربت أعناقهم، وإن كانت عليك خرجوا بعد ذلك.
 
فقال له: يا أبا النعمان، إنى لفى شغل عن هذا.
 
ثم قال مصعب: رحم الله أبا بحر - يعني: الأحنف - إن كان ليحذرنى غدر أهل العراق، وكأنه كان ينظر إلى ما نحن فيه الآن.
 
ثم تواجه الجيشان بدير الجاثليق من مسكن، فحمل إبراهيم بن الأشتر - وهو أمير المقدمة العراقية لجيش مصعب على محمد بن مروان، وهو أمير مقدمة الشام - فأزالهم عن موضعهم، فأردفه عبد الملك بعبد الله بن يزيد بن معاوية، فحملوا على ابن الأشتر ومن معه فطحنوهم، وقتل ابن الأشتر رحمه الله وعفا عنه، وقتل معه جماعة من الأمراء.
 
وكان عتاب بن ورقاء على خيل مصعب فهرب أيضا ولجأ إلى عبد الملك بن مروان، وجعل مصعب بن الزبير وهو واقف فى القلب ينهض أصحاب الرايات ويحث الشجعان والأبطال أن يتقدموا إلى أمام القوم، فلا يتحرك أحد.
 
فجعل يقول: يا إبراهيم ولا إبراهيم لى اليوم، وتفاقم الأمر واشتد القتال، وتخاذلت الرجال، وضاق الحال، وكثر النزال.
 
قال المدائني: أرسل عبد الملك أخاه إلى مصعب يعطيه الأمان، فأبى وقال: إن مثلى لا ينصرف عن هذا الموضع إلا غالبا أو مغلوبا.
 
قالوا: فنادى محمد بن مروان عيسى بن مصعب فقال: يا ابن أخي، لا تقتل نفسك، لك الأمان.
 
فقال له مصعب: قد أمنك عمك فامض إليه.
 
فقال: لا يتحدث نساء قريش إنى أسلمتك للقتل.
 
فقال له: يا بنى فاركب خيل السبق فالحق بعمك فأخبره بما صنع أهل العراق فإنى مقتول ههنا.
 
فقال: والله إنى لا أخبر عنك أحدا أبدا، ولا أخبر نساء قريش بمصرعك، ولا أقتل إلا معك، ولكن إن شئت ركبت خيلك وسرنا إلى البصرة فإنهم على الجماعة.
فقال: والله لا يتحدث قريش بأنى فررت من القتال.
 
فقال لابنه: تقدم بين يدى حتى أحتسبك، فتقدم ابنه فقاتل حتى قتل.
 
وأُثخن مصعب بالرمى فنظر إليه زائدة بن قدامة وهو كذلك فحمل عليه فطعنه وهو يقول: يا ثارات المختار.
 
ونزل إليه رجل يقال له: عبيد الله بن زياد بن ظبيان التميمى فقتله وحز رأسه، وأتى به عبد الملك بن مروان، فسجد عبد الملك وأطلق له ألف دينار فأبى أن يقبلها وقال: لم أقتله على طاعتك ولكن بثأر كان لى عنده، وكان قد ولى له عملا قبل ذلك فعزله عنه وأهانه.
 
قالوا: ولما وضع رأس مصعب بين يدى عبد الملك قال عبد الملك: لقد كان بينى وبين مصعب صحبة قديمة، وكان من أحب الناس إليّ، ولكن هذا الملك عقيم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة