"لحظة" الجميع لا يعبأون سوى بالساعات والأيام والسنين، أما اللحظة فلا تنال أي قسط من اهتمامهم، فهي مُجرد لحظة، لا ترقى إلى أي مستوى إلا إذا اجتمعت وكونت الثوانِ والدقائق والساعات والأيام والسنين والقرون والدهر بأكمله، أما دون ذلك فلا قيمة لها من وجهة نظرهم.
ولكن الحقيقة مُغايرة تمامًا لذلك، ففي لحظة يمكن أن تتغير وتتبدل المشاعر بسبب كلمة تخرج من اللسان، أو تُدون في خطاب، أو رسائلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فقد يُشعرك شخص بأنك قليل القيمة بسبب عدم ثقته فيك، ويأتي ذلك من خلال كلمة يكتبها في رسالة، فهنا تتبدل كل المشاعر الإيجابية التي كانت بداخلك تجاهه، وتتحول تمامًا، لدرجة أنك في لحظة تشعر وكأنك لا تعرفه ولا تربطك به أي صلة من أي نوع.
وقد يكتب شخص عبارة مُكونة من كلمتين، ولكنها تحمل في طياتها مدى ثقته فيك واحترامه لك، وتقديره لشخصك، وهنا تشعر كأنك تعيد تقييمك له من جديد، فيزداد احترامك له، وتشعر بالامتنان حياله طيلة العمر، لأنه أودعك ثقته اللامتناهية دون أن تطلبها منه، فهو بدون قصد قد عالج شرخًا قد سببه غيره في لحظة، ففي لحظة واحدة تتبدل الأحوال من حال إلى حال، فالرسالة لا تستغرق كتابتها أكثر من لحظة، وإرسالها لا يستغرق سوى لحظة، واستلامها لا يحتاج سوى لحظة، وقراءتها لا تزيد على لحظة، وإحساسك يتغير ويتبدل أيضًا في لحظة، ولكن ما يستقر في يقينك ووجدانك أبد الدهر تجاه كل شخص يظل ويبقى طيلة العمر.
فهل بعد كل هذا نستهين باللحظة، فصدق من قال: "العُمر لحظة".