"موسى" يلقى الضوء على الحرب العالمية الثانية.. ويثير سؤالا: لماذا لا تهتم الدراما المصرية بالحدث العالمى.. المسلسل تناول مقاومة الإنجليز بعصر الأحداث الكبرى.. الدراما اهتمت بوضع المجتمع وهمشت تناول الحدث نفسه

السبت، 08 مايو 2021 02:00 م
"موسى" يلقى الضوء على الحرب العالمية الثانية.. ويثير سؤالا: لماذا لا تهتم الدراما المصرية بالحدث العالمى.. المسلسل تناول مقاومة الإنجليز بعصر الأحداث الكبرى.. الدراما اهتمت بوضع المجتمع وهمشت تناول الحدث نفسه "موسى" يلقى الضوء على الحرب العالمية الثانية
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمتلئ التاريخ المصرى الحديث بأحداث ومواقف وحروب خاضتها البلاد بشكل مباشر، وأخرى تورطت فيها، وثالثة تأثرت بها، بعض من هذه الأحداث عالجتها السينما والدراما المصرية، وبعضها وقف على الهامش من صناع الفن، ومن الأخيرة الحرب العالمية الثانية، فعلى الرغم من الدور الذي لعبته مصر في هذه الأحداث والذي غيَّر مسار القوى، لم تأخذ حظها من المعالجة الدرامية.
 
مسلسل موسى
 
 
"إن الفن بكافة أشكاله يعكس تاريخ الإنسان أكثر صدقا من الوثائق ذاتها" من هذا المقولة ربما نفهم كيف تتعامل السينما والأعمال الدرامية عالميا مع الأحداث التاريخية، فنرى دولا على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم قوتها الناعمة لنشر ثقافتها ومفاهيمها عن التاريخ، بينما تقف الدراما المصرية عند عدد من الأحداث وتترك الأخرى، أما الحرب العالمية الثانية فكان الاقتراب منها قليل حيث اكتفت بعض الأعمال الدرامية الأفلام بالإشارة إليها من بعيد.
 

مسلسل "موسى" يسلط الضوء على الحرب العالمية الثانية

هذا العام فى سباق مسلسلات رمضان 2021، يأتى مسلسل "موسى" للمؤلف ناصر عبد الرحمن، ليسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ مصر، حيث يدور فى فترة الأربعينيات من القرن الماضى، ورغم أن المسلسل درامى فى الأساس وتدور أحداثه أثناء احتلال البريطاني لمصر، حول شخص يتعرض لظروف قهرية منها أن السلطة الإنجليزية أخذت شقيقه "رويعى" ليحارب من أجل الإنجليز فى منطقة العلمين، ويموت هناك. 
 
الاحتلال الانجليزى مسلسل موسى
 
وقد صور المسلسل بشكل مباشر إحدى معارك العلمين وأظهر الخراب الذي لحق بالمكان والموت الذي حل بالجنود الذين لا حول لهم ولا قوة، كما صور أثر ذلك على الأهالى الفقراء عندما عاد أحد الجنود يحمل أسماء القتلى من المصريين، بينما كانت الأمهات يصرخن من الحزن.
 
يبدو المسلسل متقاطعا بشكل ما مع أسطورة المقاومة الشعبية "أدهم الشرقاوي" فى كفاحهما ضد الإنجليز، الذي بدأ من ثأر شخصي، بدأ بهروب "موسى" بعد قتل أخ شيخ البلد، وتعرف على المطارد وبدأ في مقاومة الإنجليز خاصة بعد موت شقيقه في الحرب، بينما "أدهم الشرقاوي" أراد الثأر لعمه، وبدأت رحلة هروبه ومقامة الإنجليز من هنا، ويبدو أن هذه الأحداث ما هي إلا حبكة درامية يعتمد عليها المؤلف في معالجته لقصته.
 
ويحسب لمسلسل "موسى" هذه الإشارة القوية للحرب العالمية الثانية، فهى تكشف كيف أن الجميع دفع ثمن الاحتلال الإنجليزي في مصر.
 

الأعمال الدرامية وتناول الحرب العالمية

الدراما المصرية بشكل عام تبدو مقصرة وضعيفة فى تناولها لذلك الحدث العالمي الجلل الذي حصد روح أكثر من 70 مليون شخص حول العالم، ورغم أن مردود الحرب وصل إلى مصر، ودارت معارك بالقرب من مدينة الإسكندرية وبالتحديد مدينة العالمين، وظلت البلاد تدفع ثمن أهوال تلك الحرب بسبب الألغام التى خلفها وراءه الاحتلال، لكن الدراما غابت عنها تلك الأحداث الكبرى.
 
موسى
 
الناقدة الفنية ماجدة خير الله، ترى أن الدراما المصرية تتعامل مع الأحداث التاريخية كأنها "جريدة" تتناول ما هو مستحدث على الساحة فقط، بينما سقطت العديد من الأحداث المؤثرة فى تاريخنا بفيلم بفعل التغيب السينمائى أو الدرامى لسرد التاريخ وإسقاط مراحل مهمة من الحروب، وأكدت خير الله فى تصريحات صحفية سابقة أن السينما المصرية مقصرة لأن السينما العالمية لا يأتى عام إلا ويتم تقديم 6 أو 7 أفلام تتحدث عن هذا الحدث الضخم.
 
نعم، السينما والدراما المصرية لم تقف أمام الأحداث التاريخية المصرية على مسافة واحدة فالثورة العرابية وثورة 1919، كان لهما نصيب وافر من المعالجات الدرامية، كذلك حروب مثل حرب بورسعيد ونكسة 1967، ونصر أكتوبر المجيد، رصدتها العديد من الأعمال الفنية تاريخيا وتناولتها بجرأة، حتى وإن لم تكن بالشكل الكافى.
 

أسئلة الدراما فى زمن الحرب

يتحدث المسرحى الأمريكى "آرثر ميلر" عن الدراما قائلا: "الدراما العظيمة هى دراما الأسئلة الكبيرة"، وهو ما يطرح أمامنا تساءل حول ما السبب حول غياب الدراما عن الحديث حول الحرب العالمية، وما هو السؤال الذي حاولت الأعمال الفنية التى تناولت تلك الحقبة الإجابة عليه؟
 
محمد رمضان فى مسلسل موسى
 
وهنا نشير إلى العدد القليل من الأفلام والأعمال الدرامية التى تناولت الحرب العالمية الثانية أو أثارها على المجتمع المصرى، وإن كانت معالجتها بشكل هامشى وليس متعمقا فى أهوال تلك الحقبة، لكن يبدو الفن المصرى أكثر التصاقا بالمجتمع، وأكثر تعبيرا عن حال الناس والشكل المجتمعى.
 
ولعل السبب الواضح بتجاهل الدراما للحرب العالمية هو أن المصريين وقتها كانوا لا يهتمون برصد الحرب العالمية الثانية، لذلك السينما لم تهتم برصد هذه الفترة، بل اهتمت بحياة الشخصية وشكل المجتمع فى ذلك الزمن، وهو ما يظهر من خلال الأفلام التى تحدثت عن الحرب العالمية، إذ جاءت فى أغلبها عن شكل الناس وأوضاعهم، وتطلعاتهم من هذه الحرب، ولم تتطرق أغلب المعالجات للحرب ذاتها، لكنها اهتمت أكثر بتداعياتها على المصريين، ومن تلك الأعمال الفنية التى تناولت أحداث الحرب:
 

السوق السوداء

السوق السوداء
 
الفيلم الذى ألفه الكاتب كامل التلمسانى وكتب حواره الشاعر الكبير بيرم التونسى، من إنتاج عام 1945، من بطولة النجمين عماد حمدى وهند رستم، هو أحد الأفلام الذى دارت عن شكل المجتمع المصرى وقت الحرب، متخذا من قصة عاطفية الإطار للفيلم لكنه تماس مع حياة الناس فى تلك الفترة، حيث تدور أحداث الفيلم فى القاهرة خلال أحداث الحرب العالمية الثانية، حيث يتفق (حامد) و(نجية) على الزواج، بينما يقنع (سيد) والد نجية بالتجارة فى السوق السوداء واستغلال ظروف الحرب، لكن حامد يتصدى لهم، فيقرر والد نجية الانتقام منه، ويصر على زواجها من (سيد).
 

لعبة الست

لعبة الست
 
الفيلم الذى قدمه الضاحك الباكى الفنان الكبير نجيب الريحانى عام 1946، بعنوان "لعبة الست" تأليف بديع خيرى، وإخراج ولى الدين سامح، يدور فى قالب اجتماعى رومانسى، يحاول من خلال صناع العمل أبراز تأثير الحرب العالمية على المجتمع المصرى اقتصاديا واجتماعيا، وتداعيات الحرب وأثارها النفسية فى نفوس الناس فى المجتمع بكل طوائفه حيث يتخذ من مدينة القاهرة  أثناء الحرب العالمية الثانية، مسرحا للأحداث، ويسلط الضوء على التغييرات التى طرأت على شكل المجتمع من خلال قصة حب حسن أبو طبق "نجيب الريحانى" بالفتاة لعبة "تحية كاريوكا"، تنتهى بالزواج، لكن يظل هذا الزوج الشاب يكافح من أجل توفير حياة مستقرة، ولأن أيام الحرب تدور عكس طبيعى الحياة، تتغير حياة "لعبة" وتصبح نجمة سينمائية، وتنفصل عن زوجها، قبل أن تعود إليه فى النهاية بعدما تكتشف خطائها. 
 

خان الخليلى

خان الخليلى
 
الفيلم المستوحى من رواية تحمل نفس الاسم للأديب العالمى نجيب محفوظ، إنتاج عام 1967، ومن إخراج عاطف سالم، وبطولة حسن يوسف وعماد حمدى وسميرة أحمد، تدور أحداثه بالكامل داخل منطقة "خان الخليلى" بالجمالية، تدور أيضاً فى فترة الحرب العالمية الثانية وبالتحديد فى عام واحد، ويتحدث عن أسرة "أحمد عاكف" التى تنتق إلى حى "خان الخليلي" بحثًا عن الأمان، هربا من الدمار التى أحدثته الحرب العالمية، ويحاول من خلال المعالجة الروائية أو السينمائية الأديب نجيب محفوظ أن يوظف الدرما فى تجسيد أحوال مصر أثناء الحرب العالمية الثانية من غارات جوية، ويصف مشاعر المصريين تجاه القوى العظمى فى الحرب وهم: الألمان والإنجليز والروس.
 

الإسكندرية ليه

الإسكندرية ليه
 
الفيلم الذى قدمه المخرج العالمى يوسف شاهين، إنتاج عام 1979، من بطولة نجلاء فتحى، ومحسن محى الدين، وأحمد زكى، ويدور فى قالب درامى اجتماعى رومانسى، حيث يتخذ العمل من الإسكندرية أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، مسرحا للأحداث، مبينا العلاقات الشخصية، والدينية، والسياسية بين مختلف توجهات من قطنوا مصر آن ذاك؛ وصراعاتهم بين النضال ضد الاستعمار، والسعى لتحقيق الأحلام، واختلاف الطبقات، وكيف تشتت بهم السبل بسبب الحرب، كذلك بروز العمل صورة المعارضين والمؤيدين لجيوش النازية والحلفاء أثناء تلك الحرب، مجسدا حالة الاستقطاب والسجال السياسى الذى أصاب الشارع المصرى بين مؤيد ومعارض.
 

حكمت فهمي

حكمت فهمي
 
النجمة نادية الجندى، قدمت أحد أكثر الأفلام تماسا مع الحرب العالمية الثانية، من خلال بطولتها فيلم "الجاسوسة حكمت فهمى" إنتاج عام 1994، تأليف بشير الديك وإخراج حسام الدين مصطفى، والذى يروى قصة الممثلة والراقصة المصرية حكمت فهمى التى عملت كجاسوسة لصالح ألمانيا النازية ضد الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية، اقتناعًا منها أنها تساهم فى تخليص مصر من الاحتلال البريطاني، وتلعب حكمت فهمى دور العميلة المزدوجة بين الجاسوس الألمانى والقائد البريطاني، حتى يقبض عليها ولكن تأتى مجموعة من الفدائيين المصريين لينقذوها فى آخر لحظة، ولعل الفيلم يقدم نموذجا للدور الذى لعبه الفن فى مواجهة الاحتلال، وكيف وظف الفنانين فنهم وأنفسهم من أجل الاستقلال.
 

زيزينيا

زيزينيا
 
المسلسل الذى كتبه السينارست الكبير أسامة أنور عكاشة، إنتاج عام 1997، من بطولة النجم يحيى الفخرانى، وإخراج جمال عبد الحميد، ينطلق من واحدة من أكثر الفترات صاخبا واضطرابا فى مدينة الإسكندرية، وبالتحديد فى النصف الثانى من أربعينات القرن العشرين، والتى ترصد حراك المجتمع المصرى والتغيرات الطارئة عليه فى الفترة التى تمتد من نهاية الملكية، ولعل المؤلف حاول من خلاله طرحه تقديم صورة لتركيبة الشخصية المصرية من خلال بشر عامر عبد الظاهر "يحيى الفخرانى، حيث يجمع فى شخصيته الشرق والغرب معًا؛أب مصرى وأم إيطالية. شخصية ممزقة بتناقضاتها الموروثة، كذلك يصف المعايشة التى عاش فيها أهل الإسكندرية من مختلف الجنسيات والطوائف خلال هذه الفترة.
 

لا أحد ينام فى الإسكندرية

لا أحد ينام فى الإسكندرية
 
المسلسل المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد، إنتاج عام 2006، ومن إخراج طاهر الكتبى، يسلط الضوء هو الآخر على وضع مدينة الإسكندرية وما حدث فيها أثناء الحرب العالمية الثانية من خلال دراما اجتماعية تشويقية مليئة بالأحداث والشخصيات التى تعانى من جراء الحرب وما حدث فى تلك المدينة من صراعات، تدور أحداث المسلسل حول المآسى التى عايشتها مدينة الإسكندرية وسكانها خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كانت قد تعرضت لغاراتٍ من الجيوش الألمانية والإيطالية، وذلك باعتبارها مقرًا للقوات الإنجليزية التى كانت تحتل مصر آنذاك، مما سبب بوفياتٍ كثيرة ودمارٍ فى كل مكان، كذلك يُركز المسلسل على عددٍ من القضايا الهامة فى الساحة المصرية مثل وحدة النسيج الوطنى والعلاقة بين المسلمين والأقباط.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة