أحمد منصور

حب الوطن والتاريخ والفن وصلة الرحم مع تجمع العيلة في العيد

الخميس، 13 مايو 2021 01:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحل علينا أيام العيد ببهجتها حاملة معها العديد من الذكريات الجميلة، فهناك مشاهد قد تتكرر كل عام منذ أن أتينا إلى الدنيا وحتى مع تقدمنا في العمر، فقد مرت تلك المشاهد بالكبير والصغير، إذ نجد شراء الملابس الجديدة، والتجمع في بيت العائلة، والعيدية، فجميعها عادات لا تنقطع في البيوت المصرية في العيد، فلا أحد لم يمر بتلك اللحظات، والتي يتناقلها جيل بعد جيل، وأنا ممن لهم معها ذكريات.

قبل ثبوت رؤية العيد نظل نعد الأيام حتى نخرج ونذهب إلى بيت العائلة الكبير، ونبدأ في التفكر أنا وإخوتي ماذا يشتري لنا أبوانا من الملابس؟ كم سنجني من العيديات؟ وماذا نفعل بها؟ ليستقر الأمر لشراء "الكشري والآيس الكريم"، ولا أعلم لماذا ارتبط هذان الأمران بالذات بالعيد، ليس لدينا نحن فقط، بل لدى الشعب المصري كله، وتستمر أحلامنا التي تصبح حقيقة مع ثبوت الرؤية لتبدأ الاستعدادات لتحضير ملابسنا للذهاب إلى بيت العائلة، فتقوم والدتي السيدة الطيبة التي استطاعت طوال حياتها تكريس عمرها وما زالت في تربيتنا التربية الصحيحة أنا وإخوتي على الحب واحترام الآخر، في التجهيز للذهاب إلى بيت جدي "رحمة الله عليه" وجدتي أطال الله في عمرها، وبصحبة والدي الرجل الذي جعلنا رجالًا؛ نسير في درب الحياة ونتجاوز عواقبها مهما كانت الصعاب، لنتقابل مع أخوالي وخالاتي، الذين تربينا في كنفهم حتى أصبحنا نتطابق معهم في سلوكنا وأخلاقنا وأسلوب كلامنا، وكان ذلك التجمع هو أكبر فرحة لدينا بالعيد، كما يحدث في الكثير من البيوت المصرية.

نظل طوال هذا اليوم نلهو ونلعب في بيت العائلة ونسمع حكايات شيقة من أفرادها، فبين من يحكي عن التاريخ والحضارة من خلال قراءته لكتب التراث، ومن يحدثنا حديثًا شيقًا عن زمن الفن الجميل من خلال تطلعه على كواليس الإبداع، ونجد من يسرد علينا المواقف المضحكة التي مر بها، سواء داخل العائلة أو خارجها، حتى يذهب الجميع بالحديث عن ذكرياته  خلال خدمته العسكرية في الجيش المصري العظيم، ويعيد علينا ذكرها حتى لا يمحو من دفتر ذكرياتنا الجميلة تلك السطور التي عرفنا بعد ذلك أنها الكتالوج الذي تمشي عليه، فالكل في ذلك اليوم يجتمع في رحاب جدتي؛ الأم الكبيرة لنا جميعًا، والتي تظل تعمل طوال هذا اليوم لتسعدنا فقط، حتى تجلس في منتصف الغرفة وتنادينا كلًا باسمه، وقد كانت تبدأ بي لأنني "كبير أحفادها" لتعطيني عيديتي، وفي تلك اللحظات التي توزع علينا فيها العيديات كنا نشعر -نحن أحفادها- بأننا امتلكنا العالم وما فيه بهذه النقود الجديدة، ليأتي بعد ذلك دور أخوالي وخالاتي لإعطائنا مزيدًا من الأموال لتزداد العيدية، ونبدأ في التخطيط أنا وإخوتي لما طرحناه من قبل قدوم العيد وهو ماذا نشتري بهذه النقود؟ ويأخذنا الحديث حتى يمر اليوم الجميل ويذهب الشروق ويحل الغروب، والذي كلما اقترب شعرنا بالحزن لقرب انصرافنا وذهابنا إلى منزلنا مرة أخرى، لننتظر عيدًا آخر يجمعنا على خير.

ولكن ما يتركه هذا اليوم بداخلنا هو الشعور بالترابط الأسري والحب الذي يجمع كل أفراد العائلة ومدى حلاوة تبادل الأحاديث التي من خلالها شكلت تفكيرنا نحو الطريق الصحيح ورفع الذوق العام لدينا، والانتماء إلى الوطن ومدى عظمة حضارتنا المصرية القديمة، وصلة الرحم، واحترام الكبير، لنجد أن النشأة الصحيحة تأتي من داخل كل بيت فإذا كان البيت طيبًا فلا يخرج منه إلا كل شيء طيب.. عيد فطر مبارك










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة