فرقة الحشاشين.. مدافعون عن العقيدة أم قتلة مأجورون؟

الأربعاء، 28 أبريل 2021 10:00 ص
فرقة الحشاشين.. مدافعون عن العقيدة أم قتلة مأجورون؟ تمثال صلاح الدين الأيوبى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعد طائفة الحشاشين واحدة من أشهر الفرق فى التاريخ الإسلامى، أسسها الحسن بن الصباح سنة 1090 ميلاديا، واتخذ من قلعة آلموت فى فارس مركزاً لنشر دعوته، وترسيخ أركان دولته، انفصلت عن الفاطميين فى أواخر القرن الخامس الهجرى لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، وهم واحدة من أخطر الحركات السرية فى التاريخ الإسلامى.
 
ووفقاً لكتاب "حركة الحشاشين.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية فى العالم الإسلامى" لـ محمد عثمان الخشت، كان على "الصباح" أن يختار المكان الذى سيلتقى فيه هو وأتباعه والذى ستظهر منه مُعتقدات الحشاشين ونشاطهم الاغتيالى، وقد أسس حسن الصبّاح فرقة مُكونة من أكثر المخلصين للعقيدة الإسماعيلية وسماها "الفدائيون"، وتم تدريب هذه الفرقة على الأسلحة المعروفة، ولا سيما الخناجر، وتم تعليمهم الاختفاء والسرية، وأن يقتل الفدائى نفسه فى حالة الخطر قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم.

ومع مرور كل هذه السنوات، لا تزال فرقة الحشاشين تثير الجدل، ولا يزال السؤال حول أهدافها الأساسية والفرعية غريبة، فهل هم مدافعون عن الدين أم أنهم قتلة مأجورون؟ ونستعرض فى ذلك قصتين مختلفتين لـ جرائم الحشاشين.

 

الحشاشون يغتالون الماركيز كونراد دى مونفيرا

المركيز "كونراد دى مونفيرا" ملك بيت المقدس الصليبى، أول ضحايا الحشاشين من غير المسلمين، تذكر مصادر تاريخية أن الاغتيال تم بناء على توجيهات ريتشارد قلب الأسد، الذى وصلت العداوة بينه وبين "دى مونفيرا" ذروتها فى تلك الفترة، وانقسم العالم المسيحى بينهما، فأدى مقتل "كونراد" إلى توحد العالم المسيحى تحت لواء "ريتشارد قلب الأسد"، لكن مصادر أخرى تشير إلى أن السلطان صلاح الدين الأيوبى حرض على قتل كونراد، ويرى آخرون أن أسبابا أخرى وراء الحادث الشهير.

اشتهرت فرقة الحشاشين فى ذلك العصر بالقيام باغتيالات دموية لشخصيات كثيرة، وكان اسمها يثير فى نفوس المسلمين والمسيحيين على السواء الرعب والفزع.  
 
ولم تتورع فرقة الحشاشين عن الدخول فى احتلاف مع الصليبيين ومساعدتهم ضد صلاح الدين، وكانوا يستوطنون القلاع الحصينة فى سوريا قرب حلب وحماة، مهادنين للصليبيين من فرسان الهيكل، ومعادين للمسلمين من أمراء حلب والموصل المتعاونين مع صلاح الدين.
 
وفى عام 1191م، أثناء الحملة الصليبية الثالثة، انفصل كونراد دى مونفرات عن ريتشارد قلب الأسد، واعتزل قتال صلاح الدين ورحل إلى صور وأخذ يبعث بالرسائل إلى صلاح الدين يحثه على التحالف معه ضد ريتشارد فى مقابل أن يحتفظ صلاح الدين بالقدس ويحصل كونراد على المدن الساحلية تحت إمرته، لكن صلاح الدين لم يكن مرتاحاً لكونراد، وكان يعرف تمام المعرفة أن كونراد لا يقل خطراً على المسلمين من ريتشارد، بل قد يفوقه، وصلاح الدين لا ينسى أن كونراد هو الذى قاد الصليبيين لحصار المسلمين فى عكا حتى اضطروا للاستسلام والتخلى عن عكا.
 
وفى تلك الأثناء أمر كونراد رجاله بالاستيلاء على باخرة للحشاشين ساقتها عاصفة فى البحر إلى الجنوح على شواطئ صور، وكانت الباخرة محملة بكل غال ونفيس يفتقده كونراد لتقوية مركزه ضد ريتشارد والصرف على جنوده المرتزقة.
 
أمر كونراد بنهب كل ما فى الباخرة وأسر طاقمها، كما تعامل مع رسائل الحشاشين التى يطالبونه فيها برد الباخرة وما ومن عليها بغطرسة.
 
وأصدر الحسن الصباح فتواه بقتل كونراد دى مونفرات جزاءً له على تحدى الحشاشين و الاستخفاف بهم.
 
و بعد إصدار تلك الفتوى بسنة واحدة، مشى كونراد فى أحد أزقة مدينة صور إلى قدره الذى ينتظره، وصل كونراد إلى زقاق ضيق يفضى إلى السوق، وعندما بلغ منتصفه وجد راهبين كانا يعملان فى خدمته لأكثر من ستة أشهر، و هما فى الحقيقة اثنان من عناصر فرقة الحشاشين التحقا بخدمة كونراد وتمكنا من كسب ثقته بعملهما المتقن الأمين، وعندما ألقى كونراد عليهما السلام، وقف أحدهما وقدم له رسالة، فلما مد كونراد يده لأخذها، سحب الرجل سكيناً وغرزها فى جنبه، ووثب الثانى على حصان كونراد وطعنه عدة مرات، حتى وقع كونراد من فوق جواده على الأرض وما لبث أن فارق الحياة.

محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبى

سعى الحشاشون لقتل صلاح الدين الأيوبى، لأنه أسقط الخلافة الفاطمية، لذا تعاونوا مع الصليبيين للقضاء عليه.
 
فى عام 1174م أرسل رشيد الدين سنان جماعة من أتباعه إلى المعسكر الأيوبى فاكتشفهم أمير يدعى خمارتكين، فقتلوه، ووصلوا إلى خيمة صلاح الدين فى جوف معسكره، وحمل عليه أحدهم ليقتله، فقتل دونه، واستبسل الباقون فى الدفاع عن أنفسهم قبل أن يُقتلوا جميعًا.
 
ولم يتوقف رشيد الدين عن محاولات اغتيال صلاح الدين رغم فشل المحاولة الأولى، بل زاد تصميمه، فأرسل فى عام 1176م جماعة من أتباعه يتنكرون فى زى الجنود، فدخلوا المعسكر الأيوبى أثناء حصار قلعة عزاز، وباشروا الحرب مع جند صلاح الدين واختلطوا بهم يتحينون الفرصة لقتل صلاح الدين وفيما كان الجند مشغولون بحصار القلعة، مَّر صلاح الدين بخيمة الأمير جادلى الأسدى لتشجيع الجند على مواصلة القتال، فهجم عليه أحد الإسماعيلية وضربه بسكينه على رأسه، إلا أن صلاح الدين كان يلبس خوذته الحديدية فوق رأسه، فعاد الرجل وضربه على خدَّه فجرحه، فأمسكه صلاح الدين بيده وحاول تعطيله وهو مستمر فى هجومه وضربه إلى أن أدركه الأمير سيف الدين يازكوج وقتله، ثم هجم فدائى ثانى على صلاح الدين، فتصدى له داوود بن منكلان وقتله، ثم هجم فدائى ثالث لتنفيذ المهمة، فاعترضه الأمير على أبو الفوارس، وطعنه ناصر الدين محمد بن شيركوه وقتله وخرج رابع من الخيمة هارباً، فطارده الجند وقتلوه.
 
وتسبب هذا الحادث المفاجئ فى اضطراب صلاح الدين حتى أنه فحص جنوده جميعاً، فمن أنكره أبعده، ومن عرفه أقرَّه، وحرص حرصاً شديداً واتخذ تدابير احترازية صارمة وبالطبع، فقد كان للحادث أثر فى نفوس الجند، حتى أنهم توقفوا عن القتال أمام عزاز، وخاصة عندما أشيع أن صلاح الدين قد قُتل، وعلى سبيل الاحتياط الشديد ضرب حول سرادقه برجاً من الخشب.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة