من بين الشخصيات التى عرفت بالسخرية، محمد حسين الجزار، الذى حمل لقبه من مهنته فقد كان جزارا، لكنه كان أيضًا مثقفًا وشاعرًا وأديبًا، وكانت له قفشاته الخاصة، وكان له حمار اشتهر به وألقى حوله وعنه القصائد، ولما مات رثاه وشاركه زملاؤه الشعراء الرثاء.
وكان محمد حسين الجزار يقول إن الكلاب كانت تسير خلفه، لأنها كانت تعرف أنه جزار، وكان يسكن فى منزل متهالك تهتز جدرانه لأقل حركة، وسخر من داره قائلا:
ودار خراب نزلت بها.. ولكن نزلت إلى السابعة
فلا فرق ما بين أنى أكون.. بها أو أكون على القارعة
تساورها هفوات النسيم.. فتصغى بلا أذن سامعة
وأخشى بها أن أقيم الصلاة.. فتسجد حيطانها الراكعة
إذا ما قرأت «إذا زلزلت».. خشيت بأن تقرأ «الواقعة»
واشترى الجزار حمارًا كانت سعادته به كبيرة، فأبى الحمار الشقى أن يسعد الجزار فمات ولاحظ المحيطون به حزنه الشديد على حماره وتأكد هذا الحزن أكثر بعد قراءتهم لهذا الرثاء، فواساه أحدهم ساخرًا لما رآه ماشيًا دون حماره فقال الجزار ساخرًا:
كم من جهول رآنى.. أمشى لأطلب رزقا
وقال لى صرت تمشى.. وكل ماشٍ ملقى
فقلت: مات حمارى.. تعيش أنت وتبقى
تلقى الجزار بعد موت حماره التعازى فى فقيده الغالى، وكان ممن عزاه «البوصيرى» الذى قال فى ذلك ساخرًا:
فلا تأس يا أيها الأديب.. عليه فللموت ما يولد
إذا أنت عشت لنا بعده.. كفانا وجودك ما نفقد
وواساه شاعر آخر بقوله:
مات حمار الأديب فقلت لهم.. مضى وقد فات فينا ما فاتا
من مات فى عزه استراح ومن.. خلف مثل الأديب ما ماتا
الطريف أيضًا أن هذا الحمار الذى أخذ كل هذه الشهرة بعد مماته، والتى لو يدرى بها لعجل بهذا الموت كان الجزار يقول عنه وهو حى ساخرًا:
هذا حمار فى الحمير حمار.. فى كل خطو كبوة وعثار
قنطار تبن فى حشاه شعيره.. وشعيره فى ظهره قنطار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة