عادل السنهورى

البابا شنوده فى ذكراه

الخميس، 18 مارس 2021 07:09 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان رمزا وطنيا أصيلا فهو الصحفى والضابط بالقوات المسلحة مدرسة صناعة الرجال. وهو الشاعر والحافظ للقرآن وهو العروبى الرافض للتطبيع مع العدو الاسرائيلى. رفض ان يكون الخنجر الذى يطعن به وحدة الصف المصرى بكافة مؤسسات الوطنية والشعبية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيونى رغم الضغوط التى تعرض لها من رموز قبطية معروفة من أجل زيارة إسرائيل وقبر السيد المسيح فى بيت لحم والارتواء والاستحمام بماء نهر الأردن المقدس.. وأطلق قولته الشهيرة والمأثورة.. :"لن ندخل القدس إلا وأيدينا بأيدى إخوتنا المسلمين".. 
واتذكر فى ندوة شهيرة فى اوائل التسعينات بالمقر القديم لنقابة الصحفيين وحملات الهجوم عليه مستمرة بسبب منعه للحج للاقباط والسفر للقدس وللأسف شاركت بعض الصحف والمجلات فى هذه الحملة الخبيثة التى اتخذت الحج لقبر المسيح شعارا أجوف. فى تلك الندوة الشهيرة جذب البابا شنودة بخفة دمه وعباراته المرحة الحاضرين بالندوة وفتح باب الأسئلة للرد عليها وهو يعرف مقدما نوعية هذه الأسئلة لكنه لم يخف كعادته فهو الرجل القوى الواثق من نفسه. الواعى والمثقف والمحيط بكل ما يدور حوله وما يحدث فى المجتمع المصرى بمسلميه واقباطه. 
جاءه السؤال الذى حسب صاحبه او أصحابه بأنه سيكون محرجا للبابا شنودة أمام الحاضرين الذين امتلأت بهم قاعة محمود عزمي.. كان السؤال: يا سيدنا لا بد من الذهاب للقدس للارتواء من ماء النهر المقدس الذى شرب واغتسل فيه السيد المسيح وحتى تكتمل أركان الحج المسيحي.. هنا سادت لحظات من الصمت والترقب وانتظر الجميع رد البابا شنودة.. نظر البابا فى الورقة التى حملت السؤال وادرك المغزى.. وفى لحظة رفع عينيه الى الحاضرين وهى تشع ابتسامة معهودة ومعروفة تتسع لتملأ ملامح وجه الودود.. فانتقلت الابتسامة الى الجميع واطمانوا على الرد الذى جاء مدهشا معبرا عن مصريته الاصيلة ووطنيته الحقيقية.. قال البابا شنودة والابتسامة الهادئة لم تفارقه.. موجها كلامه الى صاحب او أصحاب السؤال.. " يا سيدى اذا كان على المية والشرب منها والاستحمام منها لنيل البركة.. فالسيد المسيح جاء الى مصر وشرب من ماء النيل وتحمم فيه.. فافعل مثله فماء النيل أيضا مقدس".. وضحك البابا هذه الضحكة التى لا يمكن نسيانها ابدا حتى فى أشد المواقف صعوبة عليه.. وضحك معه الجميع إعجابا وافتخارا بهذا البابا الوطنى واندهاشا مع بساطته العميقة وحصافته فى التعامل مع الأمور حتى لوكانت وراءها نوايا خبيثة.
واتذكر أثناء إحدى المرات التى هاجمه المرض فيها فى منتصف التسعينات وبدأ القلق يعترى الجميع فى مصر  من-لاقدر الله- ان تتغير مواقف الكنيسة المصرية  بعد رحيل البابا شنودة.. أثناء ذلك وفى رده على سؤال فى حواره لنا فى صحيفة العربى الناصرية عن صحته وعن مستقبل الكنيسة. أدرك البابا على الفور المغزى والهدف من السؤال. فاجاب على الفور.. اطمئنوا.. ماتخافوش الكنيسة المصرية ليست شخص واحد فقط هو البابا شنودة لكنها مدرسة وطنية ثابتة المبادئ والمواقف وسوف تستمر على هذا النهج.
ويرحل البابا شنودة الثالث.. بابا العرب.. القامة الوطنية الكبيرة ورمز المحبة والتسامح. وفى ذكراه نرسل لروحه السلام.. فالكنيسة المصرية من بعده.. مدرسة وطنية شامخة مجسدة فى رسامة البابا تواضروس الثانى الذى اثبت بحق بعد تنصيبه وصموده فى وجه التحديات والمخاطر التى ارادت شق الصف الوطنى وزرع الفتنة الطائفية وحرق الكنائس والهجوم والتعدى على الكاتدرائية فى العباسية لأول مرة انه من نفس الطراز الوطنى وخريج نفس مدرسة الكنيسة الوطنية المصرية العريقة التى رسخ دعائمها البابا شنودة بعد تاسيسها على يد البابا كيرلس. وانه - اى البابا تواضروس- خير خلف لخير سلف. ولا يمكن نسيان ابدا مقولته التى تضاف الى المقولات التاريخية أثناء حرق الكنائس عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ على أيدى طيور الظلام وجماعات العنف والفتنة.. " اذا حرقوا الكنائس فسوف نصلى فى المساجد واذا حرقوا المساجد فسوف نصلى مع اخواتنا المسلمين فى الشوارع.. فلتذهب الكنائس وليبقى الوطن.. ولتبقى مصر"
رحم الله البابا شنودة.. وامد الله فى عمر البابا تواضروس.. وعاشت الكنيسة المصرية احد اعمدة الوطنية المصرية.
 
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة