الزمان: صباح الخميس 4 فبراير 2021. المكان: قرب طريق الأوتوستراد بين العدوسية وتفاحتا جنوبي لبنان (في نطاق مناطق نفوذ وسيطرة حزب الله).. الحدث: العثور على جثمان الناشط اللبناني لقمان سليم (الشيعي المعارض لحزب الله) مقتولا داخل سيارته بخمس رصاصات من سلاح حربي.
هل يحتاج الأمر إلى مزيد من البحث لمعرفة الجهة المنفذة لهذه الجريمة البشعة ؟
لا أحد يريد استباق نتائج التحقيقات، لكن لا أحد أيضا يثق في جدوى هذه التحقيقات وما إذا كانت ستقود لمعرفة الجناة، حتى هذا إن حدث فلا أحد يتوقع أن يُعاقَبوا على جريمتهم لا هم ولا من أصدر إليهم الأوامر بالتنفيذ.
في تشييع لقمان هتف الجميع: حزب الله قتل لقمان وحسن نصر الله "الأمين العام للحزب" المتهم الأول في تلك الجريمة.
بأي ذنب قتل؟
ذنب لقمان سليم أنه رفض أن يكون ضمن القطيع، وقرر أن يعلي من قيمة الانتماء للوطن في مواجهة الانتماء الطائفي والمذهبي.
ذنب لقمان أنه عارض من يزعمون امتلاك " الحقيقة المطلقة " وعمل على كشف خداعهم، وفضح ممارساتهم،
وهؤلاء من أتباع ولاية الفقيه لا يقبلون إلا بالولاء التام للمذهب والخضوع الكامل لأوامر الإمام، فإما ولاء كامل أو عداء شامل.
حسن الآخر.
وهنا لا فرق بين أتباع حسن نصر الله الشيعي وأبناء حسن البنا السني، فالفريقان يؤمنان بأنهما الفرقة الناجية، ومن ليس معهم فهو مارق يستحق القتل، وكافر يستحق الخلود في النار.
في عام 1938، كتب حسن البنا؛ مؤسس جماعة الإخوان في جريدة النذير الناطقة بلسان الجماعة: نحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في طريق لاستعادة حكم الإسلام، وسنمنحها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة.
وفي المقال ذاته يقول البنا: أيها الإخوان، إلى الآن لم تخاصموا حزبا ولا هيئة، أما الآن فستخاصمون هؤلاء جميعا سواء في الحكم أو خارجه خصومة شديدة، فإن لم يستجيبوا لكم ويتخذوا تعاليم الإسلام منهاجا يسيرون عليه ويعملون له فإما ولاء وإما عداء.
هذا هو كلام حسن البنا الذي تمت ترجمته عمليا في كل الاغتيالات التي نفذتها الجماعة ومن خرج من عباءتها لاحقا من كل التنظيمات الإرهابية، من القاضي أحمد الخازندار إلى النقراشي، ومن الشيخ الذهبي إلى فرج فودة.
كثيرة هي أوجه الشبه بين تنظيم الإخوان ومؤسسه الملقب بالإمام وبين التنظيمات والأحزاب الشيعية قديما وحديثا، وأولها وأهمها هو الزعم بأنهم هم الإسلام وأنهم حرب على كل من خالفهم لإعلاء رايته.
حسن الأول
في التاريخ الملطخ بالدماء لمن يدعون امتلاك الحقيقة المطلقة، يبرز اسم حسن الصباح؛ زعيم "طائفة الحشاشين" الذي يعد أول من أسس تنظيما شيعيا سريا وميليشيا مسلحة رسخت فكرة الاغتيال السياسي، ومارست الإرهاب بشتى صنوفه.
الصباح فارسي ولد بمدينة "الري"؛ مركز الطائفة الإسماعيلية أو مدينة " قم "؛ معقل الطائفة الإثني عشرية على اختلاف الروايات.
اعتنق المذهب الإسماعيلي، ثم انتقل إلى مصر لأداء يمين الولاء للخليفة الفاطمي، وفي طريقه إلى مصر، مر ببلدان كثيرة منها فلسطين وسوريا ولبنان حسب التقسيم السياسي الحالي.
بقي الصباح في مصر ثلاث سنوات قبل أن يقفل راجعا إلى فارس ويؤسس ميليشياته المسلحة ويتخذ ما عرف بقلعة الموت مركزا للحكم والسيطرة. ومن قلعة الموت، انطلقت فرق الاغتيالات للمخالفين ومن أبرزهم الوزير نظام الملك.
صحيح أن الصباح مات، وصحيح أن السلاجقة قضوا على جيشه من بعده، لكن فكره وقدرته في السيطرة الكاملة على أنصاره ومؤيديه بقيا نموذجا يحتذى لكل من يزعمون أنهم الفرقة الناجية سواء كانوا من معتنقي المذهب الشيعي أو من متبعي المذهب السني.
حتى أن منتقدي مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا كانوا يلقبونه بحسن الصباح.
لا فرق
ولأنهم شيعة كانوا أو سنة يكذبون كما يتنفسون، فلا تستغربوا إن هم أصدروا بيانات لإدانة جرائم الاغتيال. فقد فعلها حسن البنا في بيانه الشهير " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين".
ولأنهم شيعة كانوا أو سنة يتخذون من مبدأ التقية أسلوب حياة، فلا تنخدعوا إن هم عادوا طالبين فتح صفحة جديدة رافعين رايات المصالحة.
فقد فعلها إخوان مصر عدة مرات قبل مقتل مؤسسهم وبعده،
فتاريخهم القديم والحديث يؤكد أن خلف أقنعة البراءة تختبئ وجوه الإرهاب.
نقلا عن سكاي نيوز عربية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة