آسر أحمد

الهجاء من جرير والفرزدق إلى "ويجز وأبيوسف"

الأربعاء، 24 فبراير 2021 10:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت في صخر"، هكذا وصف قدماء العرب الهجاء الذى استمر لأكثر من أربعين عاماً بين اثنين من عمالقة الشعر في القرن الأول الهجرى، وهم جرير بن عطية اليربوعي، وبين همام بن غالب بن صعصعة "الفرزدق"،  والهجاء شعر نقيض المديح ويعبر فيه الشاعر عن سخطه من شاعر آخر ويقوم بهجائه عن طريق الكلمات.

قرون عديدة تحول فيها فن الهجاء وتراشق أبيات الشعر لكلمات تحتوي مفاهيم جديدة تحولت على مدار مئات السنين من شعر يحمل تفاصيل ومعانى كثيرة مزينة بجمال اللغة العربية، لمسميات آخرها "الدس" و"النكش"، وهى الكلمات التي تداولت بشكل كبير خلال الفترة الماضية عبر منصات السوشيال ميديا، والتي تعد مصطلح جديد للكثيرين تعنى "disrespecting" أي عدم احترام الآخرين واستخدام الكلمات البذيئة في الأغاني.

شهدت الأيام الماضية مناوشات بين مطربي فن الراب، الذين خطفوا الأنظار إليهم بأغانيهم التي احتوت على صراعات بينهم وهما "ويجز" و "أبيوسف"، اللذان تصدرا المشهد الفترة الأخيرة وكشفا عن عالم خفى في المزيكا بعيداً عن أعين الكثيرين.

"تراكات" كما يطلق عليها البعض طرحها الثنائي خلال الأسابيع القليلة الماضية تضمنت تلميحات في باطنها ترمى على الآخر وتحاول التقليل من شأنه بإقحام مشاكلهم الخاصة أمام العامة، فتلك "الدسات" لها أهداف كثيرة، منها خطف جمهور الآخر أو محاولة لفرض السيطرة في الساحة الفنية، وما إلى ذلك، ولكن التخوف الأكبر هو الانتقال للمرحلة الأكبر من ذلك، وهو الصراع الدموي والتشابكات بالأيدي في الشوارع، كما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي في الصراع الأشهر بين الرابر وهم "توباك" و"بيجي سمول"، اللذان قتلا على يد عصابات انضمت فيما بعد للصراع الذى قسم أمريكا للشرق والغرب.

بدأ الصراع بين عمالقة الرابر في أمريكا نهاية الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة للأسطورة "توباك" في نيويورك اثناء ذهابه إلى استوديو في إحدى المباني التابعة لـ "بيجي سمول" والتي على إثرها اندلع الصراع بينهما، بعد اتهامات بتورط الأخير في عملية الاغتيال، وسرعان ما طرح كل منهما أغانيه التي تهاجم الآخر وتصفه بأسوأ الألفاظ وأكبر الاتهامات، وصولاً بإقحام العائلة في الأمر كما فعل "توباك"، في إحدى اغانيه التي أقحم فيها "زوجة" بيجي سمول.

استمر الصراع لعدة سنوات وتطور بشكل كبير حتى تم تقسيم المناطق للغرب الذي يمثله توباك وسنوب دووج والشرق الذى يمثله "بيجى سمولز"، حتى تدخلت العصابات في الأمر، وأصبحت ولايت نيويورك وكاليفورنيا، أعداء في الصراع الموسيقي تحت رعاية العصابات والسلاح، وصولاً لمقتل 2pac في سبتمبر 1996 على يد مجهول اثناء تواجده في احدى الإشارات في لاس فيجاس، ومقتل "بيجي سمول" في مارس 1997 على يد مجهول ايضاً.

واستمرت عمليات الاشتباك والتراشق بين الشرق والغرب لفترة طويلة حتى تدخلت طائفة "أمة الإسلام" التي تضم مسلمين من أصحاب البشرة السمراء في أمريكا والتي كانت ذات شأن كبيرة أنداك، لإنهاء الخلاف بين الجانبين بعد أن وصلت الأزمة لحرب شوارع بينهما، وهو ما تكلل بالنجاح وانهاء الخلاف بشكل كبير.

وفى نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة شهدت الساحة الفنية والغنائية في أمريكا بعض من الهدوء بعد ان تحول الصراع الى اشخاص ومناوشات قصيرة تقتصر على الأغاني فقط، والتي كان أخرها المناوشات بين الـ مارشال بروس ماذرز "إمينيم"، وMGK، التي انتهت بعد ان طرح كل منهما أغنية للرد الأخر وتوج فيها "M" في الصراع بشهادة الجمهور.

التحول الكبير الذى شهده عالم الهيب هوب والراب في الولايات المتحدة الأمريكية، إدي إلى اقحام عدد كبير من عشاق الموسيقى في الأمر وأجبرهم على تغير معتقداتهم لاستخدام العنف في الدفاع عن الجانب الذى ينتمي اليه.

وبالانتقال إلى الوضع في مصر فعلى مدار الأسابيع الماضية أطلق "ويجز" أغنيته "مش فير" التي استدل فيها ببعض التلميحات التي تخص "أبيوسف"، واشارات للحسد الذى يتعرض لها من الأخصام وهو ما دفع الأخير للرد بتراك "ميجاترون" واصفاً نفسه بأحسن رابر في مصر بعد تراك الرابر "مروان موسي".

الاشتباك الذى تشهده الساحة الحالية في مصر هو بداية لحقبة مظلمة في عالم الموسيقي عانت منها شوارع الولايات المتحدة الامريكية، سيطر العنف فيها على الوضع، وهو ما يجب على الرابر في مصر الانصات لصوت العقل، وسرد تلك المراحل أمامهم، والتأكيد على أن العنف واستخدام الكلمات البذيئة ما هي إلا بداية لنشر العنف بين مراحل الشباب التي تتابعهم.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة