تختلف دول العالم في طريقة تعاملها مع المشكلات الُمستقبلية ، فبعض الدول لديها رؤية واضحة وتيقن مشكلاتها الحاضرة والمستقبلية ولكن ليس لديها الكفاءة أو الشفافية أو من الأمانة ما يلزم للتعامل مع تلك المشاكل وذلك يدفع ثمنه الأجيال القادمة ، وهناك البعض الأخر من الدول لديه رؤية ضبابية لا يستطيع وضع رؤية مُسبقة أو آليات للحل ، وهناك القلة من الدول الناجحة التي لديها بالفعل رؤية حقيقية و وطنية ولديها من الأمانة ما يجعلها أن تطرح تلك المشاكل وتضع الحلول والاستراتيجيات لها و تستطيع تنفيذها بالجهد والعمل مثل مصر.
فمنذ تولى الرئيس السيسى المسؤولية ؛ اتسمت القيادة السياسية بالشفافية والتشخيص الحقيقي للمشاكل التي تواجهها الدولة المصرية والمعالجة لتلك المشاكل والعراقيل التي تعوق التنمية والتقدم وقدرتها على وضع رؤى مستقبلية كي لا يدفع الجيل القادم الثمن مثلما تحملنا نحن فاتورة الإصلاح الاقتصادي التي أرجأها الكثيرون بل كان لدى القيادة الجرأة لمواجهة الشعب بها والعمل من أجل الإصلاح.
ومن تلك القضايا ؛ الريف المصري ، ذلك الكنز الذي ربما أُهُملت مشاكله لعقود كثيرة ، يأتي الاهتمام بالريف المصري ليس فقط ضمن مبادرة حياة كريمة والوصول لكثير من القرى والتوابع والمراكز بل لأن الريف المصري هو مصدر الأمن الغذائي المصري وهو لُب العدالة الاجتماعية التي طالب بها المصريون في الثلاثين من يونيو والخامس والعشرين من يناير، ربما اختلطت بعض من مفاهيم العدالة الاجتماعية واختلط في أذهاننا أن التحضر أو الانتقال إلى الحضر هو ارتقاء بالمستوى الاجتماعي !! وجاءت خُطة تنمية الريف لتصحيح تلك المفاهيم.
جاءت خطوات الدولة المصرية تجاه الريف المصري الجديد مُنمقة ومرتبة ، فبداية فٌتح ملف التعديات على الرقعة الزراعية ودق ناقوس الخطر ومنع مخالفات البناء منعًا لإهدار الرقعة الزراعية ثم بدأ التخطيط و البدء في منظومة صرف صحي جيد وتبطين الترع مما يضمن للمزارع وصول المياه دون إهدارها أو انقطاعها ، ثم بدأ التخطيط لكيفية إدخال منظومة الري الحديث ونُظم الزراعة الحديثة ، فمصر تمتلك أعظم نظام زراعي منذ عهد الفراعنة نقلت عنه كل الدول الكبرى.
وهنا نستطيع أن نرى ارتباطًا وثيقًا بين الارتقاء بتكنولوجيا الري والزراعة الحديثة ومن ثم جودة المحاصيل الزراعية وحياة المواطن المصري في الحضر ، فأي دولة لا تستطيع أن تقدم رفاهية حياة للمواطن ولكنها تستطيع أن تقدم له جودة حياة مما ينعكس بالإيجاب على حياة المواطن وصحته وقدرته على الصناعة والعمل والإنتاج.
كما تم توقيع برتوكول مشترك بين أكاديمية البحث العلمي وشركة تنمية الريف المصري الجديد من أجل تنمية القدرات الفنية الزراعية لصغار المزارعين وهم شريحة مُستهدفة من قبل الدولة المصرية ، فكم أُهُدرت الرقعة الزراعية ببيع الأراضي الزراعية من قبل صغار المزارعين وأبناء الفلاحين والتوجه للسفر للخارج بحثًا عن عمل وهم يمتلكون كنوزًا حقيقية بين أيديهم!
إن الاهتمام بالريف المصري لنراه في ثوبه الجديد بالتوازي مع التقدم وإقامة أكثر من أربعة وعشرين مدينة جديدة منها مدن ذكية هو توازن عبقري لا تستطيع دولة أن تقوم به في وقت وجيز سوى الدولة المصرية ذات الرؤية الواضحة والشفافة والحقيقية . د\ماريان جرجس