مصطفى فرغلى

أخلاق الرسول .. صاحب الأخيار

الجمعة، 17 ديسمبر 2021 01:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أفضل وأَخْيَرُ وأصلح صُحْبة فى تاريخ البشرية، تلك التي جمعت بين أبو بكر الصديق رضى الله عنه ورسول الله ﷺ، فى الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة، حيث قدم أبو بكر المثل الأروع فى الصداقة، وكيف يكون الصديق وفيا لصديقه محبا له مؤْثرا له على نفسه، فيدخل الغار قبل النبى ﷺ يتحسس المخاطر فتصيبه هو قبل أن تصيب صاحبه ﷺ، فيقطع ملابسه ليسد بها ما وجد من ثقوب فى الغار، ويسد أحد الثقوب بقدمه حتى لا يدخل من خلاله ما يؤذى رسول الله ﷺ، فما كان إلا أن لدغته "حية" فيتحمل الصديق رضى الله عنه حتى لا يوقظ النبى، إلا أن دموعه لم تستطع التحمل، فتسقط دمعة على خد النبى ﷺ فيستيقظ ويداوى صاحبه الأَخْيَر.

قصة الصديقين محمد ﷺ وصاحبه أبو بكر الصديق فى غار ثور، هى الدرس الأفيد والأعظم والأروع فى كيفية اختيار الصديق وكيف يكون.

لا شك أن مصاحبة ومجالسة السيئين تأتى بكل سوء، فمدخن ومتناول المخدرات لم ولن يمل حتى يرى صديقه يدخنها ويتناولها مثله، بل ويتاجر بها، فتكون مصدر دخل له فيصير كل شيء في حياته حراما، ويشب أبناؤه متغذين على الحرام، فينتج عن هذا ما لا يحمد عقباه من الحوادث، فهذا يغتصب، وذاك يقتل، وآخر يدهس أبرياء كانوا في طريقه.   

النبى محمد صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن نوعين من الأصدقاء، ويعلمنا نتيجة اختيار الصاحب الصالح والصاحب السيئ، فيقول: إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أن يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أن تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أن تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أن تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً"... ويُحذيك يعنى يُعطيك.

ويقول النَّبى ﷺ لِجِبْرِيلَ: مَا يَمْنَعُكَ أن تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورنَا؟ فَنَزَلَتْ: "وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ".. "مريم 64".. فى الحديث الأول يحثنا النبى أن نجالس الأخيار، وأهل العلم، وأهل الخير والسيرة الطيبة، والبعد عن مجالسة الأشرار، ومن لهم سمعة سيئة.. وفى قصة جبريل يحثنا الرسولُ ﷺ على زيارة الأخيار، واستِزارتهم، فتزورهم وتطلب منهم أن يزوروك؛ لما فى هذا من مصالح متبادلة على كل المستويات أهمها أن تكون إنسانا صالحا ونافعا لنفسك وأهلك ومجتمعك.

الصديق الصالح هو من يساعدك على اكتشاف جانبك الجيد، ويقف معك لحمايتك إذا تعرضت لأذى، فهو ليس مجرد صديق "كويس دمه خفيف لطيف ودود تستمتع بصداقته والجلوس معه"، بل هو صاحب يدلك على الطريق الصحيح عندما تضل أفكارك، وهو صاحب يدلك على اتباع صفات حميدة، فيصرفك عن الكسل والجهر بالسوء والبعد عن المحرمات، يجعلك محبا لعملك وبيتك ونفسك وأهلك ومجتمعك ووطنك مفيدا لكل هؤلاء، يجعلك تعيد التفكير فى عاداتك السيئة وسلوكك غير المقبول، يجعلك فخورا بكل ما تصنع.

يقول النبى ﷺ: "المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ".. وقديما قالوا الصاحب "ساحب"، فهو يجرك لما فيه خير أو يجعلك تفعل ما هو شر ويعود عليك بشر فتكون العاقبة سيئة، فصاحب الأخيار ليسحبوك لما فيه صلاحك وصلاح أحوالك.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة