سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 نوفمبر 1967.. المفكر والمترجم والسياسى السورى سامى الدروبى «صديق عبدالناصر» يكشف أسرار رحلته مع الروائى الروسى «دوستويفسكى»

الإثنين، 22 نوفمبر 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 نوفمبر 1967.. المفكر والمترجم والسياسى السورى سامى الدروبى «صديق عبدالناصر» يكشف أسرار رحلته مع الروائى الروسى «دوستويفسكى» الدكتور سامى الدروبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حضر السفير الدكتور سامى الدروبى إلى القاهرة، لتقديم أوراق اعتماده سفيرا لبلاده إلى الرئيس جمال عبدالناصر يوم 16 إبريل 1966، وفى حقائبه ترجمته 19 رواية للأديب الروسى «دوستويفسكى»، حسب الكاتب الصحفى كمال الملاخ، فى حواره معه بالأهرام 22 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1967.
 
كان «الدروبى» دبلوماسيا ومفكرا ومترجما رفيعا، لعبت الثقافة المصرية دورا رئيسيا فى تكوينه الفكرى، حيث تخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة 1946، ووفقا للملاخ:«فى زحام العاصمة، تردد على محاضرات الدكتور طه حسين، والمازنى وسلامة موسى وغيرهم، وتوطدت الصداقة بينه وبين المشتغلين بالفكر والأدب»، وعاد إلى دمشق أستاذا مساعدا فى جامعاتها، بعد أن حصل على الدكتوراه من مصر، ثم نال دكتوراه ثانية من فرنسا.
 
يذكر الكاتب والناقد رجاء النقاش فى مقاله عنه«أنشودة الجمال والصبر والعذاب»، أنه عندما قامت وحدة مصر وسورية سنة 1958 جاء إلى مصر، وعمل مستشارا ثقافيا فى وزارة الثقافة المركزية، ثم عاد إلى دمشق، عندما وقع الانفصال فى 28 سبتمبر 1961، وظل يناضل ضد الانفصاليين حتى سقط حكمهم سنة 1963، ليعود إلى القاهرة سفيرا وعمره 47 عاما، وفى 16 إبريل 1966 بكى فى كلمته أثناء تقديم أوراق اعتماده لعبدالناصر، الذى ربطته به علاقة عميقة، قال:«إذا كان يسعدنى ويشرفنى أن أقف أمامكم مستشرفا معانى الرجولة والبطولة، فإنه ليحز فى نفسى أن تكون وقفتى هذه كوقفة أجنبى، كأننى ما كنت فى يوم مجيد من أيام الشموخ مواطنا فى جمهورية أنت رئيسها، إلى أن استطاع الاستعمار متحالفا مع الرجعية أن يفصم عرى الوحدة الرائدة فى صباح كالح من أصباح خريف حزين يقال له 28 أيلول، صباح هو فى تاريخ أمتنا لطخة ستمحى».
 
قدم مؤلفات وترجمات متنوعة، لكن ظلت خيالات «دويستويفسكى» لا تفارقه أبدا.. تذكر زوجته «إحسان بيات الدروبى» فى مذكراتها عنه بعنوان «سامى الدروبى»، «راح يعمل بجدية خارقة على ترجمة دوستويفسكى، فكانت تتوالى الأعمال بين يديه الواحد بعد الآخر، وفى 1966 تعاقدت وزارة الثقافة المصرية معه على نشر الأعمال الكاملة لـ«دوستويفسكى» 18 مجلدا، وأحدث هذا القرار هزة فى الأوساط الثقافية المصرية».
 
وبمناسبة بدء طبع بعض هذه الأعمال حاوره الملاخ، فقال:«دوستويفسكى هو الكاتب الذى أثر فى نفسى أعمق تأثير، وبدأت أقرأه فى سن مبكرة ولم أنقطع عن قراءته، وأخذت أترجم بعض أعماله منذ ما يزيد عن 20 سنة، لم يصرفنى عنها لا النضال السياسى ولا التدريس الجامعى، ولا أعباء المناصب حتى ولا المرض، وكنت أعمل فى نقل مؤلفاته متأنيا مترويا».
 
يضيف:«انصرافى إلى العمل الأدبى يجدد نشاطى، ويحقق لى متعة وراحة تجعلنى أقدر على النهوض بالأعباء الأخرى، إنى أصحو مع الفجر، وأعمل 3 ساعات على الأقل وبشكل متواصل طوال الأسبوع، وحتى إذا كنت مسافرا أقرأ القرآن، والكتاب المقدس و«برضه» دوستويفسكى، وفى كل مرة أحس أنى أكتشف فيه جديدا، قرأت كثيرا من الدراسات لأعلام الفكر عنه، وما أكثر ما كتبوا حتى صرت أجدنى فى عالم دوستويفسكى أتحرك وكأنى فى منزلى نتيجة للمصاحبة الطويلة والألفة الوثيقة».
 
وعن أحب أعماله إلى نفسه.. وأيهما أعمق أثرا، الكتاب أم تمثيلها سينمائيا؟ يجيب الدروبى:«الأخوة كارامازوف» أحب الأعمال إلىَّ، والفيلم السينمائى أفقر، والكتاب أعمق، وفى رأيى أن كل فيلم يخون القصة بعض الخيانات، ورواية«الأخوة كارامازوف» فى السينما أفقر من الناحية الفكرية على الأقل، هى ليست أحداثا فحسب، بل تعالج مشاكل فلسفية لم تتمكن السينما من عكسها عكسا صادقا».. يحلل الدروبى شخصية دوستويفسكى وآدابه قائلا:«اعتبره أولا أكبر روائى عرفه تاريخ الأدب، واعتبره ثانيا رائدا لتحليل النفس، وهذا ما يعترف به فرويد وبونج وآدلر  بناة التحليل النفسى الحديث، حتى قال فرويد عنه: لست منشئ التحليل النفسى إلا من حيث هو نظرية علمية، أما رائد هذا العلم فهو دوستويفسكى».
 
يضيف:«عبقريته الروائية تطغى على شخصيته كإنسان، بحيث لا يكاد يبدو من خلال مؤلفاته إلا طيفا غامضا، رغم أن أكثر رواياته يسردها بصيغة المتكلم، ووضع نفسه فيها فعلا، حتى إن بعضها يكاد أن يكون سيرة ذاتية له، ولكن دوستويفسكى الإنسان على نحو ما تعرضه سيرة حياته، وعلى نحو ما نراه فى رسائله، شخصيته يمكن أن توصف بأنها مريضة، كان يصاب بنوبات صرع، وأدمن القمار، وعلاقاته الغرامية مضطربة اضطرابا مرضيا، ورغم روحه المسيحية العميقة التى تدعو إلى المحبة والغفران والتواضع، كان لا يخلو من زهو وصلف كبرياء، وكان مفرطا فى الحساسية، سريع التأذى، ويدفعه هذا كله إلى شعور بالنقص، يجعله خجولا إلى حد المرض، كان يبادر إلى نقد نفسه قبل أن ينقده الآخرون، حتى إذا تعرض له ناقد بنقد ما، ثارت ثائرته، وانقلب إلى شراسة عنيفة فى الدفاع عن نفسه».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة