فقد نور بصره فى الصغر، لكنه أصبح نورًا للنهضة الأدبية المصرية فى الكبر، هو عميد الأدب، والمفكر العضوى الموسوعى، والأديب الذى لم تغيب شمسه رغم رحيله منذ عقود، أنه الأديب الكبير طه حسين.
تمر اليوم الذكرى الـ132 على ميلاد عميد الأدب العربى طه حسين، إذ ولد يوم 15 نوفمبر عام 1889، أديب وناقد مصري، لُقّب بعميد الأدب العربي، يعتبر من أبرز الشخصيات فى الحركة العربية الأدبية الحديثة، لا تزال أفكار ومواقف طه حسين تثير الجدل حتى اليوم.
عرف عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، بأعماله النقدية والفكرية الكبيرة، لكن الرجل كانت له تجاربه الإبداعية العديدة فى مجال الرواية، حفظت له مكانته بين كبار الروائيين فى تاريخ الأدب العربى، بجانب كونه الناقد والمفكر الأشهر بين جميع المثقفين العرب، ومن رواياته:
أحلام شهرزاد
تنقلنا حكايات "ألف ليلة وليلة" إلى عوالم خيالية، ليس للمنطق أو المعقول فيها من سلطان، بل إنها تنتصر للخرافة وتعمق أثرها مبتعدةً بنا عن حقيقة الواقع، فتغرقنا فى أحداثها المتشابكة المسرودة فى نصوص تمتلئ بالتصويرات البلاغية والصنعة الأدبية. ويدرك "طه حسين" ما يحمله هذا العمل من قيمة تراثية كبيرة؛ فيعمد لاستخدامه كوعاء ينقل به أفكاره دون أن يجعل السرد متحكمًا فى النص، فيحكى لنا عن "شهريار" بعد مضى ألف ليلة من سماعه لقصص "شهرزاد" وقد تغير فى نفسه شيءٌ فلم يعد ذلك الملك الأرعن الذى تحرق نفسه الشهوة ويستبد به الغضب، بل أصابه نوع من القلق الذى يصنعه الظمأ للمعرفة، حيث انطلق يبحث عن الرموز والمعانى وراء غموض "شهرزاد" وقصصها، وأى شيء يمتلئ بالرمز أكثر من الأحلام؟! فأخذ يتسلل كل ليلة ليشاهد أحلامها محاولًا الوقوف على ما وراءها من معان.
أديب
إنهما سيرتان متكاملتان: سيرة ذاتية خاصة بالكاتب، وسيرة غيرية متعلقة بالأديب، وفى نفس الوقت هى رواية فنية تعتمد على التخييل والالتفات والتشويق والاستطراد والاهتمام بصناعة البيان وبلاغة التصوير؛ تدور أحداثها حول شاب عبقرى يحب الأدب، ويعانى من فقدان البصر، فعندما يتقدم لخطبة إحدى قريباته تقدم على الانتحار حيث تفضل الموت على الزواج بشخص مثله، يتزوج إبراهيم بعد ذلك من حميدة التى ترضى به وتحبه، لكن تأتيه فرصة الحصول على بعثة لدراسة الأدب فى باريس من شروطها أن يكون المبعوث غير متزوج، فيطلق زوجته من أجل البعثة، وفى العاصمة الفرنسية يتفوق ويظهر نبوغًا واضحًا إلا إنه يعيش فى معاناة دائمة من عقدة الذنب بين حميدة التى تخلى عنها رغم أنها الفتاة الوحيدة التى ارتبطت به عاطفيًا واجتماعيًا على ما به من سوء الخلقة، وبين البعثة التى حصل عليها بالغش والإدعاء بأنه غير متزوج.
الأيام
قدر ﻟ "طه حسين" أن تنطفئ مصابيح نظره، ولكن قلبه كان نبراسًا يضيء قلبه. إنه ذلك الطفل الذى تملكه اليأس من الحياة ودفعه إلى الانتحار، ثم تحول إلى شخصية استثنائية ربما لن تتكرر، وحقق ما عجز عنه ملايين من المبصرين. إن "الأيام" ليست مجرد سيرة ذاتية، وإنما هى تجربة تصلح لأن يستفيد منها الأجيال المتعاقبة، كما تصلح لدراسة أوضاع المجتمع المصرى فى القرن العشرين، وإدراك تدهوره وانتشار الجهل فيه. خرج المؤلف من الريف إلى الأزهر بحثًا عن العلم الشرعي، غير أنه لم يجد مبتغاه هناك؛ فاتجه إلى الجامعة المصرية، التى أرسلته إلى فرنسا لاستكمال دراسته؛ فنهل من ثقافة الغرب، وعاد لمصر يبث نور العلم الذى تلقاه. إنها تجربة "عميد الأدب العربي" الذى حول الإعاقة إلى إرادة.
الحب الضائع
بين حب ضائع وآخر يائس، بين حب آثم وحب بالإكراه، تقبع نفوسٌ معلَّقة، خيالات وأطياف، وانسيابات للفن القصصى الذى أبدعه عميد الأدب العربي، وجعل منه مرآة للنفس البشرية بقوتها وضعفها، عنفوانها واهترائها، فأتت قصصه متتبعة لما يظهر أو يخفى من طبائع الناس ودقائق علاقاتهم الاجتماعية.
وفى القصة الأطول، والتى تحمل المجموعة اسمها؛ يحكى لنا "طه حسين" حكاية الخيانة والإخلاص على لسان فتاة فرنسية سلبت الحرب عائلتَها الفرحةَ والأبناءَ، فما كاد الحب يطرق قلبها حتى عاد إلى روحها الإشراق بعد انطفاء، وعاشت سنوات زواجها الأولى هانئة ناعمة، حتى كان أن لُطِّخت اللوحة الجميلة بلونٍ دخيلٍ لم يناسب صدقها وصفاء روحها، ولم تستطع "مادلين موريل" أن تتسامح مع سارقى بهجتها، فاختارت أن تنهى حياتها؛ فلعل فى ضياع الروح مهربًا ومنجاةً من ضياع القلب.
دعاء الكروان
تحكى الرواية عن "آمنة" الفتاة الريفية التى تتمرد على العادات والتقاليد فى صعيد مصر، تبدأ القصة بلوم خال آمنة لأمها بسبب زنا أبو آمنة وهتكه لأعراض الناس ثم يُقتل أبو آمنة ويُصر الخال على ترحيلهم من القرية لأن الناس يعايروه بزنا نسيبه، تحاول الأم أثناء الخال عن ذلك ولكنه يبرر ذلك بأن الأب هو السبب لأن لم يراعى حق الله فى أعراض الناس وبالتالى يجب أن يرد إليه ذلك فى بناته من منطلق كما تدين تدان وعلى هذا فإن الأب لم يخشى على بناته فلم سيكون هو رفيقا بهم إذا كان أبوهم لم يفعل، ثم يهاجروا إلى مكان آخر حيث تعمل آمنة خادمة عند المأمور وأختها هنادى عند مهندس الري، حيث تقع أختها "هنادى" فى حب ذلك المهندس العازب الذى تعمل عنده خادمة، ولكنه يعتدى عليها ويحطم حياتها، وبالتالى تقتل أمام أختها "آمنة" على يد خالها.. فتقرر "آمنة"، بعد أن عاهدت نفسها مع دعاء الكروان فى القرية، الانتقام لأختها من ذلك المهندس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة