واصل أبطال الجيش المصرى، زحفهم وتقدمهم إلى داخل سيناء فى رابع أيام حرب أكتوبر المجيدة، 9 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، وفقا لجريدة «الأهرام» يوم 10 أكتوبر 1973، مؤكدة: «كانت بداية اليوم اشتباكا فى ساعات الفجر الأولى مع اللواء الإسرائيلى المدرع رقم 190، ومع شروق شمس النهار تحولت دبابات اللواء الإسرائيلى ومدرعاته إلى حطام، واستسلم قائده العقيد عساف ياجورى، ومعه مئات من جنوده، وبعد قليل بدأت موجات أخرى من الهجوم الإسرائيلى المضاد بلواءين مدرعين جديدين، وتصدت لهما قواتنا المتمركزة فى القطاعين الأوسط والجنوبى، وبعد الظهر كانت فلول اللواءين تنسحب بسرعة ناحية الشرق، ووراءها وحدات مصرية تطاردها، وكان العدو خسر قبل انسحابه 102 دبابة، «42 دبابة خسرها أحد اللواءين، و60 دبابة خسرها اللواء الثانى».
وفى إسرائيل وقف وزير الدفاع الإسرائيلى، موشى ديان، أمام مجموعة من الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف الإسرائيلية، ليتحدث عن طبيعة الموقف العسكرى على الجبهتين المصرية والسورية، حسبما يذكر المشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة العمليات أثناء الحرب، ووزير الدفاع فيما بعد، فى مذكراته «حرب أكتوبر 1973»، مؤكدا أن رئيسة الحكومة الإسرائيلية جولدا مائير، رفضت إذاعة مؤتمر «ديان» نظرا لخطورة المعلومات التى أدلى بها، وظل سرا حتى تم الكشف عنه فى منتصف عام 1974.
يذكر «الجمسى»، أن «ديان» قال فى مؤتمره الصحفى يوم 9 أكتوبر 1973: «كنا ننوى أن نحشد كل جهودنا من أجل تحييد سوريا، ولا أعرف إذا كان فى وسعنا أن نرغمها على طلب وقف إطلاق النار، ولكن أعتقد وآمل أن نتمكن من إسكات مدافعهم والحد من قوتهم إلى أقصى حد ممكن، إن السوريين يقاومون، وعلينا أن نضع ذلك فى حسابنا، ولكننا نوشك على الحد من قوتهم، وليس فى وسعى أن أذكر أمامكم عدد المدرعات السورية التى لا تزال داخل أراضينا (يقصد الجولان السورية المحتلة)، إننا نريد تحييد الجبهة السورية، فهذا من وجهة نظرى له الأفضلية الأولى لأنها ملاصقة تماما ببلادنا، (على وصفه نصا)».
يضيف ديان: «سوريا هى التى ينبغى أن نوليها اهتمامنا، فاليوم نهاجم أهدافا اقتصادية وعسكرية، الكهرباء والبترول والمعسكرات والمطارات، ونهاجم غدا إذا اقتضى الأمر، هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع، ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك يوميا، ليس بسبب الصعوبات العسكرية فحسب، لكن لأسباب سياسية أيضا، إن الاستمرار فى قصف دمشق أمر صعب، سنبذل أقصى جهد لتحييد سوريا».
ينتقل «ديان» إلى الأوضاع فى الجبهة المصرية، قائلا: «الموقف ليس بهذه الصورة على الجبهة الجنوبية (المصرية)، على أن أقول لكم بوضوح كامل إنه لا تتوافر لنا فى الوقت الحاضر إمكانية رد المصريين إلى ما وراء القناة، إن الهجوم على الجبهة الشمالية (السورية) والجبهة الجنوبية فى الوقت نفسه أضعف قواتنا بصورة كبيرة».
يواصل «ديان» اعترافه عن سوء حالة وضع الجيش الإسرائيلى: «مصر تملك كميات هائلة من المعدات السوفيتية (الروسية)، هذه المعدات متنوعة بصورة كبيرة، فعالة وممتازة، وبصفة خاصة ما يتعلق بالتسليح الفردى ضد الدبابات، ومن ناحية أخرى فإن عدد الدبابات المصرية حاليا على الضفة الشرقية للقناة يفوق ما يتوافر لنا، فضلا عن ذلك فإن لديهم مدفعيتهم وصواريخهم، إن الشىء الوحيد الذى نتفوق فيه هو الطيران، إلا أن الصواريخ فقط هى التى تشكل صعوبة بالنسبة إلينا».
يعترف «ديان»: «لقد أدرك العالم كله الآن أننا لسنا أكثر قوة من المصريين، وأن الهالة التى كانت تتوجنا (إذا هاجم العرب فإن الإسرائيليين سيحطمونهم) قد سقطت، ويتحتم أن نقول الحقيقة للشعب الإسرائيلى، وسأفعل ذلك مساء اليوم أمام التليفزيون الإسرائيلى، لا أستطيع أن أضمن ما سوف يحدث، ومن المحتمل كثيرا أن نفكر فى الانسحاب إلى خطوط أقل تبعثرا وأكثر أمنا، تضم عوائق طبوغرافية، تمكننا من تنظيم خطة دفاعية أفضل، هذه هى نظرتى للموقف».
يستطرد «ديان»: «إننا ندفع الضريبة كل يوم فى صورة معدات وقوات وطيارين وطائرات ودبابات، لقد دمرت المئات من مدرعاتنا فى المعركة، وفى ثلاثة أيام فقدنا خمسين طائرة، إن المتطوعين يتدفقون كما أن الروح التى تحركهم تفوق الوصف (يقصد الجنود المصريين)، وعندما نخوض معركة فإننا لا نستطيع أن نقاوم دون معونة الدبابات والطائرات، إن ما يعنينا هو مستقبل إسرائيل، لتذهب البحيرات المرة إلى الشيطان، هى أو ما سواها، إننا فى حاجة للمدرعات والطائرات القادرة على حماية أمن بلادنا، ورغم كل شىء فإن القوات تتآكل، آمل أن يرسل لنا الأمريكيون بعض الطائرات، وقد وافقوا على أن يزودونا بطائرات فانتوم جديدة، كما آمل أن يزودونا بالدبابات، ولست متأكدا من أن الأمريكيين يعرفون كل شىء عن مجريات الأمور، ولكن سياستنا تقوم على إبلاغهم بأدق التفاصيل».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة