مقابر أولياء الكتابة.. حكايات موت كبار الكتاب فى مصر

الخميس، 28 أكتوبر 2021 10:00 م
مقابر أولياء الكتابة.. حكايات موت كبار الكتاب فى مصر جنازة طه حسين
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الروائيون والأدباء هم ملوك الحكايات، تركوا لنا إرثا أدبيا ما بين الرواية والشعر والنقد، وكانت لهم حكاويهم الخاصة، ويبدو أن هذه الحكاوى لم تنتهى بوفاتهم، بل إن لحظاتهم الأخيرة شهدت قصص وحكايات لا تقل خيالا عما تركوه من إبداع حقيقى لا يزال محط شغف القراء فى مصر والعالم العربى.
 
وتمر اليوم الذكرى الـ48 على وفاة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، إذ رحل فى 28 أكتوبر 1973، إلا أنه لم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام من وفاته، وكانت له حكايته الخاصة على فراش الموت، والكثير من الأدباء والمثقفين المصريين، كانت لهم حكايتهم الخاصة مع الموت، ومن هؤلاء:
 

أحمد شوقى 

 
أحمد شوقى
 
ضريح "أمير الشعراء" أحمد شوقى، موجود بمقابر السيدة نفيسة فى القاهرة، والذى يجاوره ضريحا كل من الشيخ محمد رفعت وعلى باشا مبارك، والذى يقع بحوش حسين باشا شاهين مقابر السيدة نفيسة على طريق الأوتوستراد، وكان للأديب أحمد شوقى حكاية طريفة قبل موته، حيث يحكى أنه عند وفاة الشيخ محمد عبده سنة 1905م، وقف على قبره سبعة من الشعراء يلقون قصائدهم، وكان أولهم حفنى ناصف وأوسطهم حافظ إبراهيم وآخرهم شوقي.
 
وتنبأ أحد الأدباء بأن هؤلاء الشعراء سيموتون بحسب ترتيبهم فى إلقاء القصائد على قبر "الشيخ محمد عبده"، فمات حفنى ناصف وأعقبه حافظ إبراهيم، فأيقن شوقى أن أجله قد قرب فحزن وسافر إلى الإسكندرية كأنما يهرب من مصيره المحتوم ثم عاد بعد فترة للقاهرة، لكن مات شوقى فجر 14 أكتوبر1932 م، فى نفس العام الذى مات فيه حافظ.
 

عباس العقاد 

 
عباس العقاد
 
وفى مدينة أسوان توجد أيضاً مقبرة العقاد، والتى دفن فيها فى 12 مارس عام 1964، واختار موقعها محافظ أسوان الراحل الدكتور محمد عزت سلامة، فى الوقت الذى لم يوصى العقاد بدفنه فى هذا المكان، وكان من المقرر أن يدفن العقاد فى مقبرة الأسرة بجبانة أسوان القديمة، ويحكى الكاتب الكبير أنيس منصور فى كتابه "ليلة فى بطن الحوت"، عن يوم وفاته "يوم توفى الأستاذ العقاد سرنا وراءه فى غاية الحزن والأسى، وفجأة توقفت الجنازة، وحاول الناس أن يدفعوا النعش إلى الأمام. لم يستطيعوا. وإنما كان النعش يقاوم ويدور حول نفسه، وسألت الأديبة د. نوال السعداوي، وكانت مديرة مكتب وزير الصحة: هل جنازة ابنته تحركت؟ فقالت: لا.. فطلبت منها أن تتحرك لأن نعش العقاد لا يتحرك بالقوة، ولما تحركت جنازة ابنة العقاد تحرك نعش العقاد متجها إلى بلده أسوان ـ وكانت ابنته (بدرية) عندما عرفت بوفاة والدها انتحرت.
 

طه حسين

 
قبر طه حسين
 
دفن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، بعد وفاته إثر وعكة تعرضه لصحية فى منزله، وبعد أن جاء الطبيب لفحصه، زالت عنه النوبة، وعاد إلى حالته الطبيعية، وكانت تلك هى "صحوة الموت"، وفى صبيحة اليوم التالى الأحد 28 أكتوبر، شرب طه حسين بصعوبة كبيرة، كمية صغيرة من الحليب ثم لفظ أنفاسه الأخيرة وودع الدنيا.
 
كانت زوجة طه حسين "سوزان بريسو"، جالسة بجواره لحظة موته، ووصفت حالتها فى تلك اللحظة فى مذكراتها قائلة: "جلست قربه مرهقة متبلدة الذهن، وإن كنت هادئة هدوءًا غريباً، بالرغم من أن تلك اللحظة المرعبة من أكثر ما تخيلت طوال حياتى، كنا معاً وحيدين، متقاربين بشكل يفوق الوصف، ولم أكن أبكي، فقد جاءت الدموع بعد ذلك، ولم يكن أحداً يعرف بالذى حدث، كان الواحد منا قبل الآخر مجهولاً ومتوحداً، كما كنا فى بداية طريقنا، بقيت مع جثمانه وحدى نصف ساعة كاملة، وقلت لنفسى ألم نبدأ الحياة وحيدين، وها نحن الآن ننهيها وحيدين".
 
 

توفيق الحكيم

 
الأديب الكبير توفيق الحكيم، دفن فى مسقط رأسه بحى محرم بك بمدينة الإسكندرية، ويحكى الكاتب الكبير أنيس منصور فى كتابه "ليلة فى بطن الحوت"، أنه يوم توفى الأستاذ توفيق الحكيم، كان لا بد أن نحمله إلى الإسكندرية ليدفن هناك، وذهبت مع وزير الثقافة د. أحمد هيكل فى طائرة حربية. وهبطت، ولم نجد عند سلمها سوى المحافظ وبعض موظفى مكتبه. ودخل النعش محملا على سيارة وفجأة ظهر (الحانوتي) حارس المقبرة يرفض دفن توفيق الحكيم، لأنه ليس له تصريح بالدفن، وحاولنا أن نقنع الرجل بأنه الكاتب العظيم توفيق الحكيم وكان يقول: هنا مفيش لا عظيم ولا صغير.. هنا موت وبس. وإذا لم يكن هناك تصريح بالدفن فلا دفن. وكان المحافظ ورجاله قد عادوا إلى مكاتبهم. واتصلت بهم وجاء من يستطيع التفاهم مع الحانوتى باليد والقدم، والتهديد بالطرد.
 
 

نجيب محفوظ

 
جنازة نجيب محفوظ
 
بداية طريق الفيوم بعد مدينة السادس من أكتوبر على مشارف الصحراء الغربية، حيث يقع مدفن الكاتب الكبير نجيب محفوظ، ويحكى الأديب محمد سلماوى فى كتابه "نجيب محفوظ.. المحطة الأخيرة" بعد وفاة "محفوظ" وفى ظل الحزن على فراق عميد الرواية العربية، اتصل الدكتور زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، بـ"سلماوى" من أجل إبلاغه بإقامة جنازة عسكرية يحضرها رئيس الجمهورية وقتها حسنى مبارك، فقام الكاتب الكبير محمد سلماوى، بإبلاغ السيدة "عطية الله" زوجة نجيب محفوظ بأن جنازة عسكرية سوف تقام للأديب العالمى من مسجد أل رشدان بحضور رئيس الجمهورية، فإذا بها تقول له: "كان يود أن يُصلى عليه فى الحسين"، فقال سلماوى بلا تردد "إذن سنصلى عليه فى الحسين أولا" واتصل بعدها بالدكتور زكريا عزمى وأخبره بأنهم سوف يصلون على صاحب "أولاد حارتنا" أولا فى جامع الحسين حسب رغبته، ثم يتوجه بالجثمان إلى مسجد آل رشدان لعمل الجنازة العسكرية له.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة