لامارتين فى الشرق.. كيف وصف الشاعر الفرنسى الشهير رحلته إلى مدن الشام؟

الخميس، 21 أكتوبر 2021 03:00 م
لامارتين فى الشرق.. كيف وصف الشاعر الفرنسى الشهير رحلته إلى مدن الشام؟ لامارتين
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم ذكرى ميلاد الشاعر الفرنسى الشهير ألفونس دى لامارتين، حيث ولد فى 21 أكتوبر 1790، وهو كاتب وشاعر وسياسى فرنسى، يمكن القول إنه لعب دورًا محوريًا فى تأسيس الجمهورية الفرنسية الثانية، يعد أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية، خاض غمار السياسة، فتولى رئاسة الحكومة المؤقتة، بعد ثورة 1848. 
 
سافر لامارتين إلى الشرق وتعرف عن كثب على مدينة القدس فى زيارته لفلسطين تحديدًا، حيث يوجد مهد المسيح ومقدسات المسيحية العديدة، عاد إلى أوروبا فأصبح موظفاً فى السفارة الفرنسية بمدينة فلورنسا الايطالية.
 
يمكن القول إن مجموعة لامارتين الشعرية الأولى: "تأملات شعرية"، دشنت مرحلة الشعر الرومانطيقى (الرومانسى) فى فرنسا، وأغلقت المرحلة الكلاسيكية، فقد بدت وكأنها صادرة عن الأعماق: أعماق القلب الحساس، وفى عام 1832 قام هذا الشاعر العظيم برحلة إلى المشرق العربى، وقد دون مذكرات الرحلة ويومياتها فى كتابه الشهير "رحلة إلى الشرق"، ويعد هذا الكتاب من أهم كتب الرحلات الاستشراقية العالمية.
 
وصل الشاعر الفرنسى الشهير لامارتين إلى بلاد الشام فى عام 1832، وذلك فى أول زيارة للشرق، وحط رحاله فى بيروت، وكان برفقته زوجته وابنته جوليا وطبيبه الخاص.
 
ويقول لامارتين فى مذكراته شارحا تاريخ هذه المدينة: "بيروت من المدن السورية الآهلة بالسكان، وقد عرفت عند الأقدمين باسم بيريت، وأصبحت على عهد أغسطس مستعمرة رومانيّة، وأطلق عليها الفاتح الرومانى اسم جوليا فيلكس "السعيدة"، وقد ميزت بهذه الصفة لخصب ضواحيها وفخامة موقعها وجمال جوها.
 
لم يكتف لا مارتين بهذه المحطة (بيروت)، فزار أغلب حواضر الشام، وكانت دمشق وحلب والقدس محطات رئيسية فى رحلته، وكتب ذكريات وانطباعات عن دمشق التى زارها فى شهر نيسان 1833، وقدم وصفاً رائعاً لهذه المدينة الخالدة التى سحرت فؤاده وحركت شاعريته، فكتب عن حياة مدينة مفعمة بالتأمل والجمال والفلسفة والحيوية والإشراق.
 
وفى حديثه عن دمشق وأهلها وعاداتها يبدى لامارتين إعجابه بكياسة أهل دمشق وكرمهم والانسجام بين الناس، ويقول لامارتين بهذا الشأن: (ليس هناك مكان فى الأرض يشبه جنة عدن كما تشبهها دمشق، سهلها الواسع الخصيب، التفرعات السبعة للنهر الأزرق الذى يرويها، الجبال الجليلة التى تكللها، البحيرات الباهرة حيث تنعكس السماء على صفحتها، موقعها الجغرافي، اعتدال المناخ، كل شيء يشير إلى أن دمشق كانت إحدى أولى المدن التى بناها أبناء البشر.
 
ويقول عن تاريخ دمشق: "إنها إحدى أوائل المدن التى سكنها البشر، ومكان قيلولة طبيعية للإنسانية التائهة فى الأزمنة الأولى، تلك المدينة التى كتب الله بإصبعه على الأرض، عاصمة لها قيمتها مثل القسطنطينية، إنهما المدينتان الوحيدتان اللتان ما وضعتا على خريطة الإمبراطورية بصورة كيفية، بل دل عليهما بصورة لا تقاوم شكل الأمكنة".
 
ويصف لامارتين مدينة دمشق التى وصل إليها مع القافلة فيقول: (تقدمت وحدقت بنظرى من خلال فجوة فى الصخرة إلى أروع وأغرب أفق لم يدهش مثله نظر إنسان من قبل. إنها دمشق وصحراؤها التى لا حد لها).
 
وقد وصفها (دمشق)عبر عكس خلاف لمشهدية سحر هذه المدينة بالنسبة إليه، فوصف المدينة التى تحيط بها أسوار الرخام الأصفر والأسود، وتحصنها أبراج مربعة لا تحصى وتسيطر على المدينة غابة من المآذن المختلفة الأشكال وتخترقها فروع نهرها السبعة والسواقى التى لا تعد. مبينا أنها كانت ممتدة مدى البصر فى متاهة بساتين مزهرة. ويقطنها أربعمئة ألف من السكان، ويحار فيها البصر فلا يترك فتنة إلا يجد فتنة أخرى.
 
زار لامارتين حلب، فذهل بجمالها وتقدمها، وهى حسب نظرته تمثل أثينا قارة آسيا. وقد كانت مطرانية السريان الأرثوذكس فى حلب أقامت معرض الفونس دو لامارتين ورحلته إلى الشرق، والذى تضمن الطبعات الأصلية الأولى من كتاب لامارتين وديوانه الشعرى "السفر إلى الشرق"، وبداخلها رسومه وانطباعاته الفنية المختلفة عن الأماكن التى زارها، وكتب عنها قصائد شعرية، وأفكاراً فلسفية مختلفة.
 
وكان كتاب "رحلة إلى الشرق 1832-1833" قد صدر مؤخرا، للباحثين، السورى حسين عصمت المدرس، والفرنسى أوليفيه سالمون، وذلك عن دار (أليبو أرت) فى حلب.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة