أكرم القصاص - علا الشافعي

كفاح أب مصرى.. عم رمضان 40 عاما يجوب شوارع المنصورة بدراجة هوائية لبيع الأنابيب.. ترك تعليمه من رابعة ابتدائى ليرعى والديه ويبنى نفسه.. بدأ كفاحه بكى الملابس بقرش تعريفة والسير بأنبوبة واحدة يدق عليها بحجارة

الجمعة، 15 أكتوبر 2021 02:00 م
كفاح أب مصرى.. عم رمضان 40 عاما يجوب شوارع المنصورة بدراجة هوائية لبيع الأنابيب.. ترك تعليمه من رابعة ابتدائى ليرعى والديه ويبنى نفسه.. بدأ كفاحه بكى الملابس بقرش تعريفة والسير بأنبوبة واحدة يدق عليها بحجارة
الدقهلية - مرام محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كل بطل وله حكايته التى يسطرها بعزيمة وصبر ومسيرة طويلة من السعى والكفاح لكسب لقمة العيش الحلال، آخذا على عاتقه كل ما تحمله له الحياة من خير وشر، ومن الظلم والفقر سلما للنهوض والانطلاق نحو المجد، إنه الرضا الذى يجعل الحزن فرح، والخوف قوة، والغضب انطلاقة، والهزيمة انتصار، ويجعل من اليأس عزيمة وإصرار على الاستمرار، ويخلق من قلب المعاناة أمل وحياة.

وبطل حكايتنا هو الأب رمضان لطفى الدميري، الذى عاش حياته يكافح ويضحى فى سبيل توفير حياة كريمة لأبنائه، وظل السند والروح لأسرته متحملا أعباء الحياة ومصاعبها، ليكون رمز للعطاء وعنوان للتفاني.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (2)

بابتسامة رضا وراحة بال، يجوب عم رمضان، ابن محافظة الدقهلية بدراجته الهوائية المحملة بأنابيب الغاز شوارع مدينة المنصورة يطرق عليها بمفتاح انجليزى يحمله فى يده والفخر يعتليه، منذ 40 عاما بحثا عن لقمة العيش والرزق الحلال.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (1)

بدأ عم رمضان حياته من الصفر يكافح بعزيمة وإصرار لرعاية والديه وأبنائه وتوفير حياة كريمة لهم، بـ"كى الملابس" وبيع الأنابيب على دراجة لأهالى مدينة المنصورة، قاهرا الظروف المعيشية الصعبة وعدم قدرته على امتلاك ورشة أو عربة نقل يباشر عمله من خلالهم وتسهل عليه مشقة العمل بعد أن تخطى الـ50 عاما.

"أنا ضحيت وكافحت من رابعة ابتدائي".. هكذا بدأ عم رمضان حديثة لـ"اليوم السابع"، فقال إن قسوة الحياة حرمته من استكمال تعليمه، حيث هجر التعليم من المرحلة الابتدائية فى سبيل رعاية والديه والإنفاق عليهما بعد أن تقدم بهما العمر، حيث رباهم والدهم من عمله كحارس عقار، كما كانت والدته ترتحل من مكان لآخر للخدمة لمساعدة زوجها على أعباء الحياة والإنفاق على الأبناء.

وأضاف عم رمضان، أن والدته كانت رمزا للأم المكافحة التى تضحى فى سبيل الأبناء ورعايتهم، شقت الصخر منذ شبابها لأجلهم وظلت تعمل فى الخدمة حتى تخطت الخمسين عاما، رافضة ترك العمل، الذى كان سلاحها الوحيد لبناء مستقبل أبنائها وتوصيلهم لبر الأمان.

وتابع أنه بدأ رحلة كفاحه بالعمل فى محل لكى الملابس من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الـ12 بعد منتصف الليل فى مقابل قرش تعريفة، وإذا عمل ساعة عمل إضافية كان يحصل على قرش ساغ، مشيرا إلى أنها كانت من أصعب فترات حياته التى ذاق فيها مرارة الأيام وقسوتها.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (3)

وأضاف أنه ظل يعمل بكى الملابس لفترة طويلة، حتى غير نشاطه لبيع الأنابيب، بعد أن طلب منه أحد زبائنه وهو يوصل إليه ملابس الكى ذات يوم أن يحمل أنبوبة الغاز ويقوم بتعبأتها له ومن ثم يحضرها مقابل قرش ساغ، فوجد أن الأمر مربح عن كى الملابس، فاتخذ قراره بترك مهنة كى الملابس، وبيع الأنابيب على دراجة هوائية.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (5)

وقال عم رمضان: "اعتمدت على نفسى وعلى دراعى فى بيع الأنابيب وشوفت الويل.. وطالما اعتمد على نفسى وأتوكل على الله ربنا بيرزقني"، وتابع أنه لم يبالى للألم والتعب الذى قد يعانيه من عمله فى مهنة شاقة دون وجود إمكانيات تعينه عليها، وضحى متخطيا كل العوائق من أجل أسرته.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (7)

واستطرد أنه قرر بيع الأنابيب على دراجة هوائية بعدما كان يطلب منه زبائن كى الملابس أن يملأ لهم أنابيب الغاز الخاصة بهم مقابل قرش ساغ، مضيفا أن الأمر تكرر أكثر من مرة حتى طلب شخص يمتلك مزرعة كبيرة منه أن يملأ له 10 أنابيب ويحضرهم فى الشتاء القارس مقابل 10 ساغ، وبعدها توالى الأمر وظل يملأ الأنابيب بشلن وجنيه، حتى بدأت حكايته مع الأنابيب.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (4)

وأشار إلى أن حياته المعيشية كانت صعبة جدا، وهذا ما اضطره لشراء دراجة هوائية يروج لعمله من خلالها وتساعده على أن يجوب شوارع المنصورة لبيع الأنابيب لأبنائها من الصباح الباكر وحتى المساء، مضيفا أنه بدأ عمله فى الأنابيب بالسير بأنبوبة واحدة يخبط عليها بزلطة، مدندنا بصوته "أنابيب.. أنابيب"، ليعلن لأهل المدينة عن قدومه، فأراد أن يجرب حظه فى المهنة بأنبوبة واحدة نظرا لعدم قدرته على شراء عدد كبير من الأنابيب ليجول بهم الشوارع فى آن واحد، حتى تحسنت ظروفه المادية بعض الشيء وأصبح يجول الشوارع بأنبوبتين ثم ثلاث فأربع، يحصد منهم رزقه وحصيلة شقاه وتعبه.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (11)

وقال إنه تزوج بعدما استطاع أن يبنى نفسه ويدخر مبلغا من المال يعينه على مصاريف الزواج ويمكنه من فتح بيت والإنفاق على أسرة، مضيف أنه قبل زواجه قال لأهل عروسه "أنا مش حمل شقة.. أنا حمل أوضة نعيش فيها سوا"، فقبل أهل زوجته بالأمر، وعاش معها حياة هنيئة براحة بال فى غرفة بشقة يتقاسمها مع غيره، مؤكدا على أن الله رزقه بزوجة طيبة كانت وش الخير عليه تحملت الحياة معه بحلوها ومرها.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (19)

وعن صعوبة المهنة ومشقة العمل قال عم رمضان، إن الانسان الذى تعود طيلة حياته على الكفاح والشقى والعمل لا يعنيه تعب ومرارة الحياة، مضيفا أنه يحاول بكل السبل أن يوفر لقمة عيش حلال لأبنائه، بدون الاعتماد فقط على مهنة بيع الأنابيب، فبجانب عمله فى الأنابيب يلمع السيارات وسلالم العقارات، ويجمع القمامة من المنازل، ويشترى لزبائنه الخضروات والفواكه من السوق، ليعيش حياته بعزة وكرامة موفرا حياة كريمة لأبنائه.

عم رمضان يجوب شوارع المنصورة بدراجة لبيع الأنابيب  (17)

وأوضح عم رمضان، أنه استطاع أن يكون لنفسه قاعدة جماهيرية كبيرة فى مدينة المنصورة ويعرفه الناس، بمعاملته الطيبة لهم ومراعاته لضميره، مؤكدا أن حب الناس كنز لا يقتنيه سوى المخلص والمتفانى فى عمله.

وأكد أنه سيظل يعمل لآخر نفس فى حياته ويكافح بكل عزم وإرادة للعيش بعزة وكرامة، وسيظل يعتز ويفتخر بتلك المهنة التى ربت أبنائه وجعلته صامدا فى وجه الشدائد بعد أن تخطى الـ50 عاما.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة