أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يناير 1954.. وزير المعارف إسماعيل القبانى يستقيل احتجاجا على رفض جمال عبدالناصر وضع توفيق الحكيم فى قائمة التطهير لأنه «موظف غير منتج»

الأحد، 03 يناير 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يناير 1954.. وزير المعارف إسماعيل القبانى يستقيل احتجاجا على رفض جمال عبدالناصر وضع توفيق الحكيم فى قائمة التطهير لأنه «موظف غير منتج»  اسماعيل القبانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتدم الخلاف فى اجتماع مجلس الوزراء أواخر عام 1953، لرفض جمال عبدالناصر قرار نائب رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، الإبقاء على اسم الأديب والمفكر توفيق الحكيم فى قائمة التطهير، التى وضعها وزير المعارف إسماعيل القبانى، للتخلص من موظفين «غير منتجين» فى وزارته، وإحالتهم إلى المعاش، حسبما يذكر الدكتور لويس عوض فى كتابه «الحرية ونقد الحرية»، ومحمد حسنين هيكل فى كتاب «عبدالناصر والمثقفون والثقافة» للكاتب يوسف القعيد. 
 
«كان القبانى من خيرة رجال التعليم»، بوصف هيكل، مؤكدا: «هذا ليس رأيى وحدى، ولكن الناس كلها أجمعت على هذا»، مضيفا أن «الحكيم» كان يعمل مديرا لدار الكتب التى تتبع وزارة المعارف، وطلب القبانى من وكيل وزارته أن يتصل به ويعرض عليه ضم السنوات الباقية حتى سن الستين «كان عمره 57 عاما»، ويخرج بمقتضى التعديلات الممنوحة فى عملية التطهير، وكانت أسباب «القبانى» فى ذلك، أن الحكيم ليس إداريا، كونه أديبا معروفا ومشهورا ليس معناه أن يصلح لأن يكون مديرا لدار الكتب، وكان كسولا لا يذهب إلى العمل كل يوم، ولا فى مواعيد العمل المعروفة.
 
وافق «الحكيم» على الاقتراح، وبعدها عرض القبانى القائمة على مجلس الوزراء، فسأله عبدالناصر: هل هى رغبة الحكيم؟ .. رد القبانى: إنها فعلا رغبته، فقال عبدالناصر: خلاص ما دام رغبته، وهكذا أعدت الكشوف على هذا الأساس.. فى هذه الأثناء تراجع «الحكيم» بنصيحة من صديق عمره الدكتور حلمى بهجت بدوى، الذى قال له بدقة: «كده حتتاخد فى الرجلين». 
 
لجأ «الحكيم» إلى صديقه «هيكل» لأخذ رأيه وكان معا فى جريدة «أخبار اليوم»، وعبّر له عن مخاوفه قائلا: إنه بقبوله فكرة الإحالة إلى المعاش سيبدو أنه خرج فى التطهير، وأن النظام غير راض عنه، وأن هناك ما يؤخذ عليه، وهذا يضايقه لاعتبارات كثيرة، فهو الوحيد الذى لم يأخذ موقفا فى العهد السابق، ولم تكن له صلات بأحد، ولم يتورط مثل غيره لا مع الوفد ولا مع القصر.
 
يؤكد «هيكل»، أنه حكى لعبدالناصر بكل دقة ما جرى، فرد عبدالناصر: «من غير المعقول ولا المتصور أن نأتى نحن ونُخرج واحدا مثل توفيق الحكيم»، وتحدث عبدالناصر فى الموضوع مع القبانى الذى قال: «العودة فى الأمر ورفع الاسم من الكشوف أصبحت مسألة محرجة، لأن الأمر من المفروض انتهى».
 
يؤكد «هيكل»، أن القضية أثيرت فى جلستين لمجلس الوزراء، وجرى فى الجلسة الأولى حوار مُتعب، بدأه القبانى فيه بعرض الكشوف النهائية، وتحدث عبدالناصر فى موضوع الحكيم، قائلا: «هذا موضوع مهم وخطير جدا، لأنه لا يمكن تصور أن تأتى الثورة وهذا النظام الجديد ونرفد توفيق الحكيم، بل يخرج فى سياق آخر ونكرمه بمناسبة خروجه».. رد القبانى بأن الأمر أصبح مسألة كرامة واختصاصات، وأنه تصرف فى القضية باعتبار أن توفيق الحكيم هو الذى طلب الخروج بنفسه، وقال العبارة التى أصبحت معروفة: توفيق الحكيم مثل سيئ لموظف الدولة، بصرف النظر عن قيمته الأدبية، الحكيم إنسان كسلان لا يذهب إلى مكتبه، وإن ذهب تُعرض عليه مسائل، لا يعرف أى شىء فيها، وهناك شكاوى كثيرة من الإدارة ضده، رد عبدالناصر: افترض أن الحكيم اختار هذا، ثم اكتشف بعد ذلك أنه سيجد نفسه فى صيغة ليست مقبولة، وفى وضع ليس جميلا، من حقه أن يغير رأيه».
 
انعقدت بعد يومين الجلسة الثانية، وخلالها طلب عبدالناصر إثارة الموضوع، وقال إننا لا يجب أن نأخذ الموضوع مسألة كرامة، إنه أكثر من كرامة الأشخاص، نحن أمام أديب ومفكر وفنان مصرى، إن عاملناه بمعايير الموظفين يصبح الموقف معيبا جدا فى حق الثورة.. يذكر «هيكل»، أن عبدالناصر وصف التصرف بأنه «بيروقراطية»، فأخذ القبانى الكلمة على نفسه، وقال: «ما دام أنا بيروقراطى فأنا أستقيل»، ثم خرج، وأرسل الاستقالة.
 
يذكر لويس عوض، أن فتحى رضوان وكان وزيرا للإرشاد القومى أدلى ببيان للصحف عما جرى من مداولات فى مجلس الوزراء بشأن القضية، واعتبر القبانى نشرها فى الصحف إحراجا له، ومؤاخذة لتصرفاته فاستقال من منصبه يوم 3 يناير، مثل هذا اليوم، 1954..يؤكد عوض: «بدا للرأى العام عندئذ أن جمال عبدالناصر وضع الوزير فى كفة والأديب فى كفة، فرجحت كفة الأديب على كفة الوزير». 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة