قرأت لك.. "قوانين الطبيعة البشرية" هل سألت نفسك لماذا تغضب؟

الأربعاء، 30 سبتمبر 2020 07:00 ص
قرأت لك.. "قوانين الطبيعة البشرية" هل سألت نفسك لماذا تغضب؟ غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ معا كتاب "قوانين الطبيعة البشرية" لـ روبرت جرين والذى صدر عام 2018، ويدور الكتاب حول فهم سلوك الناس ودوافعهم، ويساعد على فهم سبب قيام الناس بما يقومون به، وكيف يمكنك استخدام كل من العيوب النفسية الخاصة بك وبالآخرين لصالحك فى العمل والعلاقات والحياة، إن حياتنا تعتمد على علاقاتنا مع الناس، وتعتبر معرفة السبب الذى يجعل الناس يفعلون ما يفعلونه هو أهم أداة يمكننا امتلاكها.
 

ويقول الكتاب: 

كثيرًا ما ينتابنا إحساس بالارتباك والعجز عندما ننظر فى أنفسنا وسلوكياتنا؛ فعلى سبيل المثال، نتفوه بكلمات فجائية، نسىء بها إلى رئيسنا أو زميلنا أو صديقنا، ولسنا متيقنين من سبب خروجها من شفاهنا، إلا أننا نصاب بالإحباط عندما نجد أن شيئًا من الغضب والتوتر قد تسرَّب من داخلنا بطريقة نندم عليها، أو لعلنا نلقى بثقلنا متحمسين لمشروع ما أو مخطط ما، ولا نلبث أن ندرك أن ذلك كان محض حماقة، وكان هدرًا ذريعًا للوقت، أو لعل أحدهم شغفنا حبًّا، وكان ذلك الإنسان من النوع غير المناسب لنا البتة، ونحن نعلم ذلك، إلا أننا لا نستطيع تخليص أنفسنا من حبائل حبه، ونتساءل: ما الذى جرى لنا؟!

قوانين
 
ففى هذه الحالات، نكتشف أننا نسقط فى نماذج من سلوكيات التدمير الذاتي، وهى سلوكيات يبدو أننا لا نتحكم بها، فيبدو الأمر كما لو أننا نأوى شخصًا غريبًا داخلنا، كأنه جنى صغير يعمل مستقلًّا عن قوة إرادتنا، ويدفعنا إلى القيام بالأمور الخاطئة، وهذا المتطفل الذى يسكن داخلَنا غريبُ الأطوار، أو هو على الأقل ذو أطوار أغرب مما نظنه فى أنفسنا.
 
وما يمكننا قوله فى هذين الأمرين، التصرفات البشعة للآخرين، وسلوكياتنا المفاجئة بين الفينة والأخرى، هو أننا لا نملك أدنى فكرة عن السبب الذى أدى إليهما، وربما نلجأ إلى تفسيرات بسيطة من قبيل: "ذلك إنسان شرير، إنه معتلٌّ اجتماعيًّا"، أو "أصابنى خطبٌ ما؛ لم أكن على طبيعتي"، إلا أن هذه الأوصاف التى تخفف عنا، لا تمكِّننا من فهم أى شيء، ولا تمنع تلك المشكلات من الحدوث مجددًا، والحق أننا نحن البشر نعيش حياة سطحية، ونستجيب بعواطفنا إلى ما يقوله الآخرون ويفعلونه؛ فنحن نبنى آراءنا عنهم، وعن أنفسنا، بطريقة مبسطة، ونركَن إلى إقناع أنفسنا بأسهل قصة يمكن أن تلائمنا.
 
لكن ماذا لو قمنا بالغوص تحت السطح، لنسبر الأعماق فى داخلنا، ونقترب من الجذور الحقيقية لأسباب سلوكيات الناس؟ وماذا لو استطعنا فهم السبب الذى يجعل بعض الناس حسَّادًا يحاولون تخريب أعمالنا، أو السبب الذى يجعل آخرين يتصورون بثقة فاسدة بأنهم أنبياء معصومون؟ وماذا لو فهمنا بحقٍّ السببَ الذى يجعل الناس يتصرفون فجأة بلا عقلانية، فيكشفون عن جانب مظلم من شخصيتهم، والسببَ الذى يجعلهم مستعدين دائمًا لتبرير سلوكياتهم، والسببَ الذى يجعلنا باستمرار نقود أنفسنا إلى مخاطبة أسوأ ما فينا؟ وماذا لو استطعنا النظر عميقًا فى داخلنا، واستطعنا الحكم على شخصيات الناس؛ متجنبين الأُجَراء السيئين، والعلاقات الشخصية التى تسبب لنا كثيرًا من الضرر العاطفي.
 
فلو أننا فهمنا بحقٍّ جذور سلوكيات البشر، حينها سنصعب على أصحاب الأنماط المدمرة الاستمرار بالإفلات بأعمالهم بلا حساب، ولن نُفتَن ونُضلَّل بسهولة، وسنكون قادرين على إحباط مناوراتهم البغيضة المراوغة، ورؤية ما كتب بين سطور قصصهم الملفقة، ولن ندع أنفسنا تنجر إلى مسرحياتهم؛ لعلمنا المسبق بأنهم يعتمدون على اهتمامنا بهم للسيطرة علينا. وفى آخر المطاف سنسلبهم قوتهم، بوساطة قدرتنا على النظر فى أعماق شخصيتهم.
 
والأمر مشابه فى أنفسنا نحن؛ فماذا لو أمعنَّا النظر فى داخلنا لنرى مصدر عواطفنا المزعجة، والسببَ الذى يجعلها تقود سلوكنا، وغالبًا ما يكون ذلك بخلاف رغبتنا؟ وماذا لو استطعنا أن نفهم السبب فى أننا نشتهى مكرهين ما يملكه الآخرون، أو نفهم السبب فى أننا نتعلق بشدة بجماعة إلى درجة تجعلنا نحتقر من هو خارجها؟ وماذا لو اكتشفنا ما يجعلنا نكذب فى بيان طبيعتنا [للآخرين]، أو اكتشفنا ما يجعلنا نصرف الناس عنا بلا قصد منا؟
 
إن قدرتنا على أن نفهم بوضوح أن الغريب الساكن فى داخلنا سيساعدنا على إدراك أنه ليس غريبًا على الإطلاق؛ بل هو جزء من أنفسنا؛ وإدراك أننا أكثر غموضًا وتعقيدًا ومدعاةً للاهتمام مما كنا نتصور، وبهذا الإدراك سنستطيع تحطيم الأنماط السلبية فى حياتنا، وسنتوقف عن اختلاق الأعذار لأنفسنا، وسنتحكم بصورة أفضل بما نفعله وبما يحدث لنا.
 
فإذا امتلكنا هذه الرؤية الواضحة نحو أنفسنا ونحو الآخرين، فبإمكاننا تغيير مسار حياتنا بطرق شتى؛ إلا أننا يجب أولًا أن نجلو مفهومًا شائعًا وخاطئًا؛ فى أننا نميل إلى التفكير فى سلوكياتنا وكأنها ناشئة فى معظمها عن وعى وإرادة، ومع أنه يروِّعنا أن نتصور أننا لا نتحكم دائمًا بما نفعله، لكن ذلك هو الواقع حقيقةً. فنحن عرضةٌ لقوًى فى أعماقنا تقود سلوكياتنا، وتعمل فى مستوًى دون مستوى إدراكنا، ونرى نتائج ذلك (فى أفكارنا، وطباعنا، وتصرفاتنا)، لكننا نكاد لا نعرف ما يحرِّك فعليًّا عواطفنا، ويجبرنا على التصرف بطريقة معينة.
 
ولننظر فى غضبنا على سبيل المثال؛ فعادة ما نرى أن من أجَّج فينا هذه العاطفة فردٌ من الناس، أو جماعة، لكننا لو كنا صادقين مع أنفسنا، وحفرنا فى أعماقنا فإننا سنجد أن ما يشعل غضبنا، أو إحباطنا، له جذور ضاربة فى العمق؛ فقد يكون أمرًا من طفولتنا، أو قد يكون جملة من ظروف معينة، وبوسعنا الكشف عن أنماط مميزة عندما نتفكر: نحن نغضب إذا حدث هذا الأمر أو ذاك، لكننا فى اللحظة التى نشعر فيها بالغضب لا يمكننا التفكر ولا التعقل، وكل ما نفعله هو ركوب عاطفتنا وتوزيع الاتهامات [على من حولنا]، وبمقدورنا أن نقول الشيء نفسه عن عواطف كثيرة نشعر بها؛ فنرى أنماطًا محددة من الأحداث تُضرِم فجأة فينا الثقة، أو انعدام الأمان، أو القلق، أو الانجذاب إلى إنسان بعينه، أو الرغبة فى لفت الانتباه.
 
ولندعُ هذه المجموعة من القوى التى تدفعنا وتجذبنا من الأعماق فى داخلنا باسم: الطبيعة البشرية، وتنبع الطبيعة البشرية من خطوط اتصال خاصة داخل الدماغ، ومن طريقة تنظيم الجهاز العصبي، ومن طريقة معالجة البشر لعواطفهم؛ وجميع ذلك ينمو ويظهر فى مسيرة خمسة ملايين سنة أو نحو ذلك من تطور النوع البشرى [وفقًا لنظرية التطور والارتقاء فى الكائنات الحية]، ولنا أن نعزو كثيرًا من تفاصيل طبيعتنا إلى الطريقة الفريدة التى تطور بها النوع البشرى ليكفل بقاء هذا الكائن الاجتماعي؛ فتعلَّم التعاون مع الآخرين، وتعلَّم تنسيق تصرفاته مع المجموعة بمستوًى رفيع، وتعلَّم إنشاء صور بديعة فى التواصل، وتعلَّم طرقًا للمحافظة على قواعد المجموعة، وهذا التطور المبكر يعيش داخلنا، ويستمر فى تحديد سلوكياتنا، حتى فى العالم الحديث المتطور الذى نعيش فيه.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة