أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 26 سبتمبر 1970.. «توقيع اتفاق وقف القتال بين الجيش الأردنى والفدائيين الفلسطينيين..وعبدالناصر ينظر للنيل من شرفة «هيلتون»:«أول مرة فى حياتى أرى هذا المنظر البديع»

الأحد، 27 سبتمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 26 سبتمبر 1970.. «توقيع اتفاق وقف القتال بين الجيش الأردنى والفدائيين الفلسطينيين..وعبدالناصر ينظر للنيل من شرفة «هيلتون»:«أول مرة فى حياتى أرى هذا المنظر البديع» جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الواحدة ظهرا 27 سبتمبر، مثل هذا اليوم 1970، حين بدأ الملوك والرؤساء العرب جلستهم بفندق «هيلتون» بالقاهرة لوقف القتال بين الجيش الأردنى والفدائيين الفلسطينيين الموجودين فى الأردن، كان القتال يتواصل منذ 17 سبتمبر 1970، مما دفع جمال عبدالناصر إلى قطع إجازته المرضية، والعودة من مرسى مطروح إلى الإسكندرية ثم القاهرة، داعيا إلى قمة عربية يوم 21 سبتمبر 1970.
 
أوفدت القمة بعثة إلى الأردن، سافرت مرتين بقيادة الرئيس السودانى جعفر نميرى، وفى المرة الثانية نجح الفريق محمد أحمد صادق، رئيس أركان حرب الجيش المصرى، فى تنفيذ تكليف عبدالناصر له بتهريب ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من عمان إلى القاهرة، وفى 27 سبتمبر حضر الملك حسين، ودارت الجلسة التى حضرها عبدالمجيد فريد «أمين رئاسة الجمهورية»، ويذكر شهادته على ما دار فيها، ومرافقته لعبدالناصر بعد انتهائها، وذلك فى كتابه«من محاضر اجتماعات عبدالناصر العربية والدولية-1967 1970».
 
يؤكد فريد أن الجلسة اقتصرت على الملوك والرؤساء فقط، لكن عبدالناصر طلب منه البقاء لمتابعة الحوار والقرارات، ويضيف:«كان الحوار ساخنا، وتعرض الملك حسين خلاله للعديد من العبارات الجارحة، خاصة من ياسر عرفات، وحاول الملك فيصل التهدئة، فطلب تسليم المسدسات التى يحملها كل منهما إلى عبدالمجيد فريد، حتى لا ينتقل تبادل إطلاق النيران من الأردن إلى الهيلتون، وبعد أكثر من خمس ساعات، توصل المجتمعون إلى اتفاق بوقف إطلاق النار فورا».
 
فى الساعة التاسعة، انعقدت جلسة علنية للتوقيع على الاتفاقية، وفقا لفريد، مضيفا:«خرج عبدالناصر بعدها يقهقه بصوت عال فى حديث مرح مع بعض زملائه أعضاء المؤتمر، وتوجه إلى جناحه فى الفندق فى الدور الـ13، وبقى حوالى ساعة مع الوفد المصرى، وتبادل الحديث مع زملائه أنور السادات وحسين الشافعى وعلى صبرى، واتفق مع وزير الإعلام محمد حسنين هيكل على خطة الإعلام حول الاتفاق، ثم جلس بجوار الراديو الذى كان يلازمه دائما، يحاول التقاط ما تقوله الإذاعات العالمية عن أحداث الأردن بعد توقيع الاتفاقية».
 
يؤكد«فريد»:«قبل أن يغادر عبدالناصر جناحه، خرج للشرفة حيث أطل على نهر النيل وهو ينساب ليلا بين القاهرة والجيزة، وعلى ضفافه تتلألأ أنوار القاهرة والجيزة.. كنت واقفا بجواره، فرأيت عينيه تبتسمان يملأهما الإعجاب والافتخار بهذا البلد الجميل، ثم نظر لى وقال:هذه أول مرة فى حياتى أرى فيها هذا المنظر البديع، الواحد فى منشية البكرى «حيث كان يقيم فى منزل متواضع» بالنسبة لهذا المكان ميت ومش عايش..هل يصح يا عبدالمجيد ألا أرى جمال القاهرة إلا هذه الليلة فقط؟».
 
يتذكر فريد بأسى:«كان عبدالناصر لطيفا وسعيدا، ورغم ابتساماته فى تلك اللحظات، فإنى كنت أدرك تماما أنه تعرض فى الأيام السبعة الأخيرة إلى جهد عصبى ونفسى لا يتحمله بشر، لم ينم فى تلك الليالى إلا بعد الثالثة، وأحيانا الخامسة صباحا، ليبدأ لقاءاته فى التاسعة من صباح اليوم التالى، تحدث معى عندما كنت المصرى الوحيد معه أثناء الاجتماع المغلق للملوك والرؤساء، خلال الاستراحات التى كان يطلبها لكى يتمشى 5 دقائق كل ساعتين، وذلك عندما اشتد عليه الألم من أعصاب ساقيه الملتهبة نتيجة الجلوس ساكنا لساعات طويلة، شعرت من حديثه أنه يحمل نفسه مسؤولية الأحداث الجسيمة التى جرت فى الأردن، قائلا: لولا هزيمة 67 لما حدث ما جرى فى عمان، ولولا تلك الهزيمة لما قتل الآلاف من الأبرياء والأطفال، حاولت أن أغير الموضوع وأخفف من الأحداث أو أن أنكر مسؤوليته الشخصية، ولكن حساب النفس وصوت الضمير كان أقسى عليه بكثير من كلماتى».
 
يذكر فريد:«فى الساعة العاشرة مساء، غادر الفندق متوجها للمطار لتوديع معمر القذافى، وقبل أن يغادر باب الفندق طلب أن يصافح موظفيه وعماله ليشكرهم على ما أدوه أثناء أيام المؤتمر، وعاد من المطار إلى مكتبه فى منشية البكرى، وبقى فيه حتى آذان الفجر يتابع إعداد التحضيرات اللازمة لإنجاح عمل لجنة الإشراف على الاتفاقية، وقبل منتصف الليل بقليل، مرعليه فى المكتب نجله الأكبر خالد، لم يكن ذلك أمرا عاديا، فكثيرا ما مر أنجاله أمام مكتبه ليلا دون التوقف مفضلين عدم إزعاجه، ولكن هذه المرة اشتاق خالد للحديث مع والده بعد غيابه أسبوعا فى المؤتمر، ترك الأوراق التى أمامه، وامتنع عن متابعة الاتصالات التليفونية ليسأل خالد عن أحواله وأحوال أشقائه، لم يكن حديثا، ولكن وداع أخير دون أن يدرى به كل من الأب أو الابن».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة